أدان مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في ختام اجتماعه، اليوم الأربعاء، بشدة استمرار أعمال العنف والقتل والجرائم البشعة التي ترتكب بحق الشعب السوري، وطالب جميع الأطراف بالوقف الفوري والشامل لكل أعمال العنف والقتل ضد المدنيين من أي جهة كانت وأيًّا كان مصدرها؛ حقنا لدماء السوريين، وتفاديًا لسقوط المزيد من الضحايا. كما أدان المجلس في قرار أصدره في ختام اجتماعه بشدة كل أشكال التدخل الأجنبي، خاصة تدخل حزب الله وفقًا لما ورد على لسان أمينه العام، والذي جعل من الأراضي السورية ساحة للعنف والاقتتال، والتعبير عن القلق البالغ حيال التصعيد الخطير للأعمال العسكرية واستخدام الأسلحة الثقيلة والطيران الحربي في قصف القرى والمدن الآهلة بالسكان وآخرها الأحداث التي شهدتها مدينة القصير، واستنكار ما تعرضت له من تدمير وانتهاكات وغيرها من المناطق السورية.
وحذر المجلس من الانزلاقات الخطيرة التي آلت إليها الأزمة السورية بسبب إصرار النظام السوري على اعتماد الحل الأمني للأزمة، والتي طالت مقومات سورية الحضارية والتاريخية وألحقت التدمير بالبنى التحتية، مستنزفة مقدرات الشعب السوري، الأمر الذي أصبح يهدد بأفدح العواقب سيادة سوريا وسلامة أراضيها ووحدة شعبها، كما يهدد أمن واستقرار الدول المجاورة والسلم والأمن الدوليين.
ودعا بإلحاح إلى تضافر كل الجهود لحمل كل الأطراف المتصارعة على تغليب لغة العقل والحوار والتفاوض لإيجاد حل سياسي بين السوريين باعتباره السبيل الوحيد لتسوية الأزمة لإنقاذ سوريا والحفاظ على مقوماتها وتجنيب المنطقة انزلاقات خطيرة مع الدعم الكامل لمطالب الشعب السوري في تحقيق طموحاته المشروعة في إرساء الديمقراطية والحرية والكرامة وصون ترابط نسيجه الاجتماعي بجميع أطيافه ومكوناته.
ورحب بالمساعي الدولية المبذولة لعقد المؤتمر الدولي "جنيف 2"، وحث كل الأطراف السورية على الاستجابة لتلك الجهود من أجل إيجاد حل سياسي تفاوضي للأزمة السورية؛ استنادًا للبيان الختامي الصادر عن مجموعة العمل الدولية في جنيف بتاريخ 30 يونيو 2012 مع تأكيد الدعم الكامل لجهود المبعوث الدولي المشترك السيد الأخضر الإبراهيمي في هذا الشأن.
وأكد على العناصر الواردة في ورقة العمل التي أعدتها اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع في سوريا، وجرى توجيهها للأمين العام للأمم المتحدة، وأعضاء مجلس الأمن، والممثل الأممي والعربي المشترك، والتى نصت على الحفاظ على السلامة الإقليمية والنسيج الاجتماعي لسوريا، والحفاظ على هيكل الدولة والمؤسسات الوطنية السورية، وتشكيل حكومة انتقالية لفترة زمنية محددة متفق عليها تمهيدًا لضمان الانتقال السلمي للسلطة، تتمتع الحكومة الانتقالية بسلطة تنفيذية كاملة بما في ذلك سلطة على القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، يتم تشكيل الحكومة انتقالية خلال فترة زمنية محددة استنادًا لتفاهم جميع الأطراف، يتضمن الهدف النهائي للفترة الانتقالية صياغة واعتماد دستور وخلق توافق بشأن العملية السياسية وأسس الدولة السورية الجديدة، لضمان الاستقرار خلال الفترة الانتقالية سيكون هناك حاجة لقوات حفظ سلامة تابعة للأمم المتحدة، قوات الأممالمتحدة لحفظ السلام المزمع إرسالها لمناطق النزاع يتم إنشاؤها عن طريق مجلس الأمن لتأكيد استمرار السلام والأمن والأمان للمدنيين، ضمان دخول جميع المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء سوريا، أن هذه العناصر تتطلب مدة زمنية واضحة ومحددة.
كما أدان القرار بشدة العدوان الإسرائيلي الأخير على سوريا الذي يعد انتهاكًا خطيرًا لسيادة دولة عربية، ودعوة المجتمع الدولي لاسيما مجلس الأمن إلى وقف تكرار هذه الاعتداءات التي من شأنها أن تزيد الأمور تفجرًا وتعقيدًا في سوريا وتعرض أمن واستقرار المنطقة إلى أفدح المخاطر والتداعيات.
وعبر القرار عن القلق البالغ إزاء تردي الأوضاع الإنسانية في سوريا، وما نتج عنه من تبعات خطيرة، تمثلت في نزوح أعداد كبيرة من السوريين عن قراهم ومدنهم، وتشريدهم داخل سوريا وهجرة مئات الآلاف منهم إلى الدول المجاورة والدول العربية الأخرى هربًا من شدة العنف والاقتتال، ومطالبة المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم الكامل لدول الجوار لمساعدتها على تخفيف الوضع الإنساني للنازحين.
وناشد القرار جميع الأطراف المعنية تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق والمدن السورية المنكوبة ومطالبتها بفتح المجال أمام منظمات الإغاثة العربية والدولية بما فيها المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر، واتحاد الأطباء العرب ومنظمة أطباء بلا حدود، وغيرها من المنظمات؛ لتمكينها من إدخال مواد الإغاثة الإنسانية للمواطنين المتضررين، ومواجهة الأوضاع الإنسانية المتردية، والتخفيف من معاناة المتضررين ودعوة هذه المنظمات لتحمل مسئولياتها الإنسانية، وعدم إعاقة وصول الغذاء والدواء للمدنيين السوريين.
وجدد لبنان موقفه القائم على النأي بنفسه عن الأزمة السورية، كما قرر الوزراء إبقاء المجلس في حالة انعقاد لمتابعة المستجدات.