بدون شك ايضا يأتى فوز المخرج الفرنسى التونسى الاصل عبداللطيف كشيش بالسعفة الذهبية فى مهرجان كان بفيلمه «حياة اديل» وفوز فيلم نظيره الايرانى اصغر فرهادى بجائزة احسن ممثلة ليجسد انتصارا لحرية السينمائيين فى التعبير عن أفكارهم وخاصة الذين يغردون خارج السرب، ولم يكن مرحبا بهم لدى انظمة اوطانهم السياسية. فمازال فرهادى مطاردا ومغضوبا عليه داخل النظام الايرانى، ولم يشفع له حتى فوزه بالاوسكار أو الجولدن جلوب العام الماضى، بل ازداد الخناق والهجوم عليه واحيانا التبرؤ منه، وكان رد الفعل الرسمى بفوزه بمهرجان كان داخل ايران دليلا على ذلك، وكأن احدا لم يفز رغم انهم يحتفظون بنماذج جوائز هولاء المخرجين المغضوب عليهم فى المتحف السينمائى ومنهم فرهادى وكيروستامى وجعفر بناهى ومحمد روسولوف ولم يفرح بالجائزة سوى عدد من السينمائيين وعلى استحياء.
وربما لم يختلف الحال كثيرا على الجانب التونسى الان حيث يواجه السينمائيون ردود افعال متباينة تجاه اعمالهم وافكارهم، ولهذا يجىء اعلان النجمة هند صبرى عن سعادتها الكبيرة بفوز عبداللطيف كشيش بسعفة مهرجان كان وجائزته الكبرى فور اعلانها بمثابة احساس شديد بقيمة الفن والاعلاء من شأن السينمائيين التونيسيين.
قالت هند صبرى على صفحتها على الفيس بوك «مبروك التونسى عبداللطيف كشيش»، وعادت لتتساءل: «هل كان كشيش يصل إلى أعلى جائزة سينمائية فى العالم لو ظل يحاول ممارسة فنه فى دولة ومجتمع لا يقدران جيدا الفن والفنانين والحرية والخيال والإبداع؟.
هند كانت شديدة الشفافية والمكاشفة للواقع التونسى، فتساؤل هند المشروع الذى تركته بدون اجابة ينكأ جراحنا، ويفجر بداخلنا تساؤلات اخرى حقيقية حول ازمة الفنان والمبدع العربى فى بلاده، فكيف لا يستطيع ان يحلم وان يصل للسماء فى المكان الذى نشأ فيه، وكيف جعلنا تحقيق هذا الحلم مرهون دوما بجنسية اخرى، ف«كشيش» يحمل ايضا الجنسية الفرنسية.
بشكل عام لم يكن لتتويج فيلم «حياة أديل»، بجائزة مهرجان «كان»، وقع كبير فى تونس وقد ارجأ البعض سبب ذلك بعدم تعبير قصة الفيلم عن مشاكل تهم التونسيين المثقلين بهموم أخرى حيث يقدم قصة حب بين امرأتين.
لكن بالطبع توجد اسباب اخرى اهم كالتى اشارت اليها هند صبرى، فتونس التى تحكمها حركة النهضة الإسلامية منذ أكتوبر 2011، غاب عنها الاحتفال بهذا الفيلم وجاءت ردود الافعال باهتة وسط بيان مقتضب اكتفت به وزارة الثقافة تهنئ فيه المخرج بفوزه فى مهرجان كان، وعبر وزير الثقافة عن أمله فى أن يفتح تتويج هذا الفيلم الذى شهد مشاركة تقنيين تونسيين آفاقا جديدة أمام السينمائيين التونسيين رغم أن عبداللطيف كشيش أول مخرج لديهم يحصل على السعفة الذهبية فى المهرجان الكبير.