اليوم الأخير.. بدء تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 بسوهاج    تعيين الدكتور «هاشم السيد» مساعدًا لرئيس مجلس الوزراء    وزير الإسكان يعلن الانتهاء من مشروعات الكهرباء والإنارة ب«شمس الحكمة»    العمل: تحرير 416 محضرا بعدم تطبيق الحد الأدنى للأجور ومهلة ل511 منشأة    ارتفاع أسعار الذهب اليوم بالبورصة العالمية.. والأوقية تلامس 4200 دولار    «التضامن»: بدء صرف «تكافل وكرامة» ل4.7 مليون أسرة عن شهر أكتوبر    هيئة البث الإسرائيلية: سلطات الاحتلال تعيد فتح معبر رفح اليوم    دخول شاحنات الوقود ضمن قافلة المساعدات من مصر إلى غزة    10 دول عربية وأفريقية وأسيوية تضمن مشاركتها في مونديال 2026    ضبط المتهم بقتل طالب وإصابة آخرين في إطلاق نار بين عائلتين بسوهاج    السجن 5 سنوات للمتهم بإرسال صور خادشة للحياء لمُعلمة في قنا    لماذا تحاكم البلوجر سوزي الأردنية أمام المحكمة الاقتصادية اليوم؟    وزير الثقافة: قافلة «المواجهة والتجوال» هدفها رفع الروح المعنوية لأطفال غزة    المطربة ياسمين علي تكشف حقيقة علاقتها ب«محمد العمروسي»    محافظ كفر الشيخ يُهنئ القارئ أحمد نعينع لتكليفه شيخًا لعموم المقارئ المصرية    الإفتاء توضح حكم شراء الشقة عن طريق البنك بفائدة ثابتة    «اليوم العالمي لغسل اليدين».. نظافة تنقذ حياة    هبوط هامشي للمؤشر الرئيسي للبورصة بمستهل تعاملات جلسة الأربعاء    النفط ينخفض وسط توقعات بوجود فائض بالمعروض خلال العام المقبل    القنوات الناقلة لمباراة المغرب وفرنسا في كأس العالم للشباب 2025    بعثة المصري تغادر إلى طرابلس الغرب صباح اليوم استعدادًا لملاقاة الاتحاد الليبي بالكونفيدرالية    باكستان تحصل على موافقة مبدئية من صندوق النقد على قروض بقيمة 1.2 مليار دولار    "العمل" تكثف حملات التفتيش على محطات الوقود لضمان تطبيق الحد الأدنى للأجور    اسعار الفاكهة اليوم الأربعاء الموافق 15-10-2025 فى سوهاج    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث سقوط تروسيكل بمصرف قناطر حواس بمنقباد    اليوم.. نظر محاكمة متهمة بخلية الهرم    خبير مغربي: إعادة إعمار غزة تتطلب دعما عربيا وإسلاميا كبيرا    تعرف على أسعار الحديد والاسمنت اليوم الأحد الموافق 15-10-2025 فى سوهاج    وليد صلاح عبداللطيف يكشف عن "فضيحة" في قطاع ناشئي الزمالك    غلق المتحف المصري الكبير اليوم استعدادا للحفل الرسمي    المستشار القانوني للزمالك: زيزو مديون للأبيض.. ولم نطلب التأجيل من اتحاد الكرة    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء في سوهاج    اليوم.. الأهلي يخوض مرانه الأول تحت قيادة توروب    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بطريق إسكندرية الصحراوى    اجتماع لوزراء دفاع الناتو والاتحاد الأوروبي بعد انتهاكات جوية روسية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 15 أكتوبر    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    متى يكون سجود السهو فى الصلاة قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح    اليوم.. آخر موعد للترشح في انتخابات مجلس النواب 2025    تسجيل أول إصابة محلية بفيروس شيكونجونيا في الولايات المتحدة منذ 6 سنوات    كل ما تريد معرفته عن سكر الدم وطرق تشخيص مرض السكري    طرق متنوعة لتحضير البيض المقلي بوصفات شهية للإفطار والعشاء    نتنياهو يحذر: إذا لم تلتزم حماس بالاتفاق "ستفتح أبواب الجحيم"    تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية في غزة يدعم الجهود الأمنية    ترامب يلغي تأشيرات أجانب سخروا من اغتيال تشارلي كيرك    مميزات وعيوب برج السرطان: بين العاطفة والخيال والحنان    تفاصيل ضبط مرتكبي واقعة مقتل شاب بالقليوبية إثر مشاجرة بسبب معاكسة فتاة    الكنيسة الكلدانية تحتفل بختام ظهورات العذراء سيدة فاتيما في مصر    باسم يوسف: مراتي فلسطينية.. اتعذبت معايا وشهرتي كانت عبء عليها    رامي جمال يعلن عن مفاجأتين جديدتين لجمهوره: «مستني البرد.. وبعدهم شكل المزيكا هيختلف»    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    بالفوز على كينيا وبدون هزيمة، كوت ديفوار تحسم تأهلها رسميا إلى مونديال 2026    بروتوكول تعاون بين المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة وهيئة قضايا الدولة    «توت عنخ آمون يناديني».. الكلمات الأخيرة ل «كارنافون» ممول اكتشاف المقبرة الملكية (فيديو)    في 3 أيام .. وصفة بسيطة لتطويل الأظافر وتقويتها    باختصار.. أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. تجدد الاشتباكات بين القوات الأفغانية والباكستانية.. نتنياهو: لن ندخر أى جهد لإعادة رفات المحتجزين فى غزة.. 90% من شوارع قطاع غزة تضررت جراء الحرب    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر حول قرارَى المحكمة الدستورية بشأن الانتخابات
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 06 - 2013

من أشق ما يمكن على مثلى أن يكتب فى السياسات الجارية الآن. لأن الموقف على قدر هائل من الاستقطاب بين طرفين كلاهما فى تقديرى جانح عن التوازن، وحجم الأخطاء المرتكبة التى تمارس كبير جدا، ولا يترك هذا الوضع مجالا للمواقف المتوازنة ولا للحديث والتعليق الموضوعى على الأحداث والتصرفات. وأن أى نقد لأى تصرف يستغله الطرف الآخر بما لا يبقى وجها للاستقلال عنه أو التميز عنه. وأى تأييد لموقف لأحد الطرفين يعتبر انحيازا له لدى الطرف الآخر. وهذا الحال هو من سمات فترات «الحروب الفكرية» التى حذرنا منها من سنين بعيدة. فإن أول أفعال الحروب وأهمها هو تحطيم جسور الاتصال بين الأطراف المتحاربة، وتكثيف حراسة الحدود وتعبئة الحراس على الحدود بين الأطراف المتواجهة وسيادة معيار وحيد هو الانحياز المطلق أو الصمت التام. ولكننى بمشيئة الله سبحانه واعتمادا عليه جل شأنه لن أنصاع لهذا الوضع.

●●●

أقول ذلك بمناسبة القرارين الذين أصدرتهما المحكمة الدستورية بشأن مراجعتها لمشروعى قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون انتخابات مجلس النواب، اللذين كان أحالهما عليها مجلس الشورى لإعمال رقابتها الدستورية المسبّقة عليهما طبقا لحكم الدستور.

وإن شأن المحكمة الدستورية هنا هو من أكثر الأمور مدعاة للاستقطاب بين الطرفين، وهما لا يكفان عن الجنوح والتجاوز عن المواقف المتوازنة.

وأنا من الذين يدافعون أشد الدفاع عن السلطة القضائية بهيئاتها جميعا وبمؤسساتها كلها، وأرجو من الله سبحانه أن يعيننا على ذلك. وأنا من الذين يعرفون ما عسى أن تكون بعض الأحكام والتصرفات القضائية قد تجاوزت به ضوابط الأداء الوظيفى، بسبب ما ولدته الثورة من هياج واضطراب، ومن ذلك المحكمة الدستورية وغيرها من جهات قضائية أخرى، ولكننى على يقين تاريخى وعلمى ومهنى، وعلى قناعة سياسية بأن هذا العوار يعالج بالنقاش والجدل والفكرى البناء مع الصبر والتزام الموضوعية، ولن يجدى معه أبدا الهدم والعدوان والتهديدات التى تصدر من بعض القوى السياسية، لأننا نتعامل مع مؤسسة ذات تاريخ وتقاليد وجمهور كثيف من العاملين بها المدربين على النظر الموضوعى المتوازن، وستكون لهؤلاء الغلبة إن شاء الله. وأن علاج المؤسسات النظامية التى من هذا النوع لا يكون بالهدم والقتل ولا بالجراحات الحادة، ولكن يكون بالمعالجات الدوائية الصبور. ونحن سنفقد أساسا من أسس تطورنا الحضارى إذا لجأنا إلى التدمير والتصفيات المؤسسية لكيانات حضارية نمت واستقرت لدينا عبر أجيال وبجهود علمية ومهنية تواصلت لنحو القرن ونصف القرن من الزمان.

فى إطار هذا السياق، وبهذه المقدمة اللازمة أبدأ حديثى عن القرارين المذكورين اللذين اتخذتهما المحكمة الدستورية.

●●●

أولا: انتهى قرار المحكمة الدستورية فى الطلب رقم 2 لسنة 35 (رقابة سابقة) بشأن مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية، انتهى إلى عدم جواز حرمان ضباط وأفراد القوات المسلحة وهيئة الشرطة من مباشرة الحقوق السياسية بشأن الانتخابات، لأن ذلك حسبما رأت المحكمة يعتبر إخلال بالمساواة بين المواطنين وإهدارا لمبدأ المواطنة الذى تفترضه المساواة بين المواطنين جميعا، وأن الأصوب والأدق فى هذا الشأن القول بأن استعراض الأحكام الدستورية المتعلقة بكفالة الحق فى المساواة بين المواطنين، واستقراء هذه الأحكام يفيد أن المساواة بين المواطنين يجب أن تنكفل لكل من ينتمون للدولة من الأفراد والجماعات بغير تمييز بينهم يكون سببه الاتصاف بوصف غير إرادى لم يكسبه الإنسان بإرادته أو لا يكون بوسعه أن يتخلص منه بأفعاله الإرادية، وأن الشائع الزائع فى هذا الشأن يتعلق بالصفات اللصيقة بالإنسان كاللون أو الناشئة من التشكل التربوى الجماعى العام كاللغة والدين والأصل العائلى أو القبلى أو الاقليمى، أما الأوصاف المكتسبة كالتعليم والتوظف أو الأوصاف المفارقة كبلوغ سن معين لممارسة أعمال وأنشطة معينة، فإن التباين فى التعامل بشأنها لا يجرح مبدأ المساواة بين المواطنين.

وأن اختيار نوع معين من العمل مع بلوغ التأهل له، إنما هو من الأعمال الإرادية والمكتسبة التى تفرض على المرء ما تقتضيه واجبات هذا العمل وفروضه حسب طبيعته وأدائه الوظيفى والمهنى، دون أن يكون فى ذلك ما يخل بمبدأ المساواة ولا ما يخل بحرية الإنسان فى خياراته.

فالقاضى مثلا ممنوع من ممارسة العمل السياسى والحزبى دون أن يخل ذلك بالحق فى الممارسة الحزبية العامة، وهو يستطيع فى أى وقت أن يمارس العمل الحزبى بعد أن يتخلى عن وظيفته القضائية. والطبيب ممنوع من إذاعة ما يتعلق بمرضاه من أمور عرفها بموجب ممارساته الطبية، دون أن يخل ذلك بحق التعبير العام للناس عامة. وكذلك شأن بالنسبة لضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة، يمنعون من ممارسة العمل الانتخابى حرصا على الحيدة الواجبة منهم بحسبانهم عمود الارتكاز للدولة وأجهزتها وما يتعين أن تكون عليه هذه الأجهزة من استقلالية ونأى عن الصراعات الحزبية بين التيارات السياسية المتصارعة.

وإذا كان ثمة دول ونظم حكم تجيز لأفراد جيشها وشرطتها ممارسة العمل الانتخابى، فإن هذا الأمر أمر خيار سياسى واجتماعى عام، يتعلق بالأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية العامة فى كل بلد حسب تجاربه وحسب علاقات مجاميعه وحسب دور أجهزة الدولة فى المجتمع وحسب السياق التاريخى لهذا البلد. وهو من ثم أمر يتعلق بالخيارات السياسية والتقديرات السياسية التى تملكها أجهزة الحكم والتشريع، دون أن تكون مجالا لقول بمخالفة دستورية. ويكون التعرض لها من جانب سلطات الرقابة القضائية على الدستورية، هو نوع من أنواع الدخول فى سلطة التقدير السياسية التى لا تملك السلطة القضائية الجنوح إليه.

●●●

ثانيا: نصت المادة 10 من مشروع مباشرة الحقوق السياسية فى بندها السادس على أن «تختص اللجنة العليا للانتخابات بوضع القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية بمراعاة حظر الدعاية الانتخابية القائمة على التفرقة بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس أو الأصل». وهو نص من الواضح أنه يتجاوب مع البند الثانى من المادة 6 من الدستور التى تقضى بأنه «لا يجوز قيام حزب سياسى على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين».

ولكن المحكمة الدستورية اعترضت فى قرارها على هذا النظر باعتبار أنه يلزم أن يتسع نطاق الحظر الوارد بالنص التشريعى للمشروع ليشمل مطلق الاستخدام للشعار الدينى أو العقائدى كما تراه المحكمة من أن هذا الاستخدام «يؤدى إلى التفرقة بين المواطنين على أساس الدين أو العقيدة، لأن أتباع كل دين سيستخدمون الشعار الذى يُعلى من شأن دينهم، الأمر الذى يهدد مبدأ المواطنة من أساسه، ويضيف سببا جديدا لإشاعة وتعميق الفرقة والانقسام بين المواطنين».

وتزيد المحكمة على أسباب اعتراضها على نص المشروع أنه «قد أغفل حظر استخدام الشعارات أو الرموز أو القيام بأنشطة للدعاية الانتخابية ذات طابع دينى أو عقائدى فى ذاته»؛ لأن ذلك فى تقديرها «ينال من الوحدة الوطنية ويناقض مبدأ المواطنة ويخل بالحق فى الانتخاب والترشيح ومباشرة الحقوق السياسية». وأنه يعوق المفاضلة بين المرشحين على أساس البرامج الانتخابية ويخل بمبدأ تكافؤ الفرص.

كل هذه الكوارث الجسام رتبتها المحكمة فى أسباب قرارها على مبدأ استخدام شعائر الدين الذى ينتمى إليه المواطن واستخدام رموز هذا الدين، وعبرت عن ذلك باستطراد أراه يتجاوز ما تتعين أن تكون عليه اللغة القضائية من ضبط وتوازن. إن الدين والمعتقد هو أساس القيم التى يصدر عنها الإنسان، وأن أسسه وأحكامه تشكل لدى الإنسان المرجع الأعلى الذى يهتدى به فى حكمه بالصواب والخطأ على السلوك البشرى والتصرفات الاجتماعية، أيا كان هذا الدين والمعتقد.

وأنا أكاد أقول إنه حتى غير المتدين بدين سماوى، فإن له دينه الوضعى أو المادى الذى يصدر عنه فى أحكامه على الأمور. ولذلك فإن أى إنسان أيا كان دينه ومعتقده لا يستطيع أن يتجرد عما يعتقده أساسا ومصدرا ومرجعا للحكم على الأمور والتصرفات، ولا يستطيع أن يمتنع عن التعبير عن هذه المرجعية فى سلوكه وتصرفاته.

إن الإنسان من خلال قيمة ومفاهيمه الدينية والعقيدية يسلك وينهج مسلك الاحترام ومنهج التقدير لذوى الأديان الأخرى ويدعم بذلك روح المواطنة. وأن آفة الآفات أن ننظر إلى الدين بحسبانه أمرا يناقض الانتماء الوطنى، وأن نزرع بذور التعارض والتنافى بين هذين الانتماءين اللذين نجمعهما معا ونتعايش بهما على الدوام. وإن أضر ما يضار به النزوع الوطنى هو أن نقيمه على أساس لا دينى أو أن نثير التعارض بينه وبين التدين بأى دين يتبعه المواطن.

وأن كل ما ورد بالدستور من مبادئ سامية تتعلق بالمساواة وعدم التمييز والحيدة والنزاهة مما أشارت إليه المحكمة فى قرارها عن المواد 5 و6 و9 و33 و55 من الدستور، إن كل ذلك مشمول بالرعاية والاحتضان بحكم المادة 2 من الدستور التى تنص على أن الإسلام دين الدولة، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، وكذلك المادة 3 التى تؤكد على شرائع المصريين من ذوى الأديان السماوية المسيحية واليهودية بحسبانها المصدر الرئيسى لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية. وأن مصر منذ عرفت النظام الدستورى ومارسته كان دستورها يؤكد أن دين الدولة الرسمى هو الإسلام، وهو مبدأ أجمعت عليه دساتير مصر منذ كان لها دستور مكتوب وممارس.

ويبقى سؤال عن المؤدى الواقعى التطبيقى كما تتطلبه المحكمة من وجوب الحظر الكامل للشعارات والرموز والأنشطة «ذات الطابع الدينى والعقائدى فى ذاته»، هل يشمل هذا القرار بمنطقة أن ذكر ألفاظ «البسملة» فى صدر منشور انتخابى يعتبر استخداما لشعار ورمز دينى.

وهل تضمين أى خطاب أو خطبة أو بيان لآية قرآنية يشمل الحظر المذكور. والحق إن كان الجواب بالإيجاب فلا كان الترشح ولا كان الانتخاب وحسبنا الله ونعم الوكيل.

●●●

ثالثا: ثمة ملاحظة قانونية أيضا تتعلق بالمسألة السابقة، ذلك أن المحكمة فى أسباب قرارها السابق عابت على نص المشروع أنه «أغفل حظر استخدام الشعارات أو الرموز....» بمعنى أن المحكمة تعيب على المشروع أنه لم يتضمن حكما تراه مناسبا، وبمعنى أنها لا تكتفى بمراقبة مدى دستورية الحكم الوارد بالنص التشريعى، إنما تعمل على أن تلزم السلطة التشريعية بإصدار ما تراه من أحكام تشريعية.

ونحن نعلم أن ولاية المحكمة هى فى الأساس «ولاية إلغاء» بالنسبة للأحكام التشريعية التى تكون صدرت مخالفة لحكم أو لمبدأ دستورى، كما أن ولاية القضاء الإدارى ولاية إلغاء أيضا بالنسبة لقرارات السلطة التنفيذية التى تراها مخالفة للقانون. وقد مد القضاء الإدارى ولاية الإلغاء لما يصادفه من حقوق أنشأها القانون لأفراد من الناس ثم حرمتهم منها السلطة التنفيذية، فخلص القضاء الإدارى من ذلك بأن ثمة قرارا سلبيا من جهة الإدارة بالامتناع عن الوفاء للأفراد بما منحهم القانون إياه من حقوق عينية محددة. وهذه سلطة يمارسها القضاء الإدارى فى نطاق ضيق وحذر.

وثمة بعض أحكام دستورية من محاكم فى البلاد المختلفة، وثمة آراء فى الفقه الدستورى تجيز إعمال هذا النظر المتوسع، وفى مصر بعض التطبيقات له، ولكن يبقى وجوب الحرص على الحذر الشديد فى استخدام هذا النهج، لأن سلطة المشرع التقديرية أوسع كثيرا من سلطة رجل الإدارة، ولأن التشريع عمل نيابى ذو اتصال عريض بالسلطة السياسية وتقديرات السياسة وما يسمى بأعمال السيادة، ولأن التشريع يولد نصوصا عامة ومجردة وتصدر عن توصيات النيابة الشعبية وتتصل بالتنظيم الديمقراطى، على خلاف قرارات رجال الإدارة. وأنا لم أعرف فى سوابق المحكمة الدستورية ما بلغ هذا الحد الذى بلغته المحكمة فى قرارها الأخير، بملاحظة أن النص المعترض عليه لم يكن إلا ترديدا للنص الدستورى وأنه المتعلق بهذا الشأن وهو ألا يكون ثمة تفرقة بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس أو الأصل. فما هو المطلوب أكثر من ذلك.

●●●

رابعا: نقطة أخيرة وشكلية أنهى بها هذا الحديث الغاضب، وهى أن قرارى المحكمة المذكورين قد نشرا فى الجريدة الرسمية. وأنا أفهم أن ينشر فى الجريدة الرسمية أحكام المحكمة الدستورية بإلغاء أو رفض إلغاء قوانين صادرة ومعمول بها. لأن ذلك من أعمال التشريع التامة. أما قرار المحكمة بالنسبة للرقابة المسبقة على قوانين الانتخاب فهى تتعلق بنصوص لا تزال مشروعات قوانين ولم توضع فى نصوص. لذلك لا أعرف وجها لنشرها فى الجريدة الرسمية التى تقتصر على القوانين وما فى درجتها وحكمها والأحكام الخاصة بها فقط. (نشرا فى العدد 21 مكرر أ فى 26 مايو سنة 2013).

والحمد لله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.