تخوض القوات النظامية السورية مدعومة من عناصر حزب الله اللبناني، اليوم الاثنين، اشتباكات مع مقاتلين معارضين في مدينة القصير الاستراتيجية وسط سوريا، في معارك أدت خلال يومين إلى مقتل 28 عنصرا من الحزب، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وفي شمال دمشق، حققت القوات النظامية تقدما في حي برزة الذي يضم جيوبا أساسية لمقاتلي المعارضة، تزامنا مع قصف واشتباكات يشهدها الحي.
وكانت القوات النظامية مدعومة بعناصر النخبة في الحزب الشيعي الحليف لنظام الرئيس بشار الأسد، اقتحمت الأحد القصير التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة منذ أكثر من عام، وتعد صلة أساسية بين دمشق والساحل السوري، وخط إمداد للمعارضة من مناطق متعاطفة معها في شمال لبنان.
وبحسب مصدر عسكري سوري، سيطرت القوات النظامية على جنوب القصير وشرقها ووسطها، وتتابع تقدمها إلى شمالها.
واليوم، أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا)، أن "قواتنا المسلحة تعيد الأمن والاستقرار إلى كامل الجهة الشرقية من مدينة القصير، وتقضي على أعداد من الإرهابيين، وتدمر أوكارا لهم، وتفكك عددا من العبوات الناسفة قرب السوق وسط القصير".
من جهته، أفاد التلفزيون الرسمي أن القوات النظامية "تتابع مطاردتها للإرهابيين (وهو المصطلح الذي يستخدمه النظام للإشارة إلى مقاتلي المعارضة) في الحارة الغربية والحارة الشمالية" من المدينة.
وذكرت صحيفة "الوطن" السورية المقربة من السلطات، أن الجيش النظامي "فرض سيطرته على غالبية المناطق الحيوية داخل المدينة"، وأن عددا من قادة المجموعات المقاتلة "فر إلى طرابلس"، كبرى مدن شمال لبنان.
ويؤدي مقاتلو حزب الله المدربون على حرب الشوارع، دورا أساسيا في التقدم الذي حققه النظام السوري في ريف القصير في الفترة الأخيرة.
وأفاد مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي، أن "28 عنصرا من قوات النخبة في الحزب قتلوا وأصيب أكثر من 70 آخرين بجروح خلال الاشتباكات التي دارت أمس في مدينة القصير"، مشيرا إلى أن إصابة ثلاثة من الجرحى حرجة جدا.
من جهته، أفاد مصدر قريب من الحزب أن الاشتباكات أدت إلى مقتل 20 عنصرا وإصابة نحو ثلاثين آخرين بجروح.
وأوضح عبد الرحمن، أن "عناصر الحزب هم الذين بدأوا الهجوم الأحد واقتحموا المدينة" تزامنا مع قصف وغارات جوية.
وأفاد المرصد السوري، أن أربعة مدنيين قتلوا في مدينة القصير، الأحد، في حين سقط 56 مقاتلا معارضا في المدينة الأحد والاثنين.
وتحدث الناشطون المعارضون عن "حصار خانق" تفرضه القوات النظامية وعناصر من الحزب على المدينة التي تضم قرابة 25 ألف شخص.
وقال الناشط هادي العبدلله: "أمس كان اليوم الأكثر صعوبة منذ بدء الثورة السورية". أضاف "لم أر مطلقا هذا الكم من الغارات الجوية. قصفت القصير من كل الجهات".
ونفى وجود ممر آمن لخروج المدنيين، قائلا: "كل مرة نحاول فيها إجلاء أحد، يطلق الرصاص من قبل القناصة، حتى على النساء والأطفال".
في دمشق، أفاد مصدر عسكري أن القوات النظامية تحقق تقدما في حي برزة بشمال العاصمة.
وأفاد المرصد عن اشتباكات عنيفة في الحي الذي يتعرض لقصف من القوات النظامية.
وأدت أعمال العنف الاثنين إلى مقتل 37 شخصا في حصيلة أولية للمرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا، ويقول إنه يعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في سوريا.
ومن الضحايا ثمانية أشخاص "بينهم أم وستة من أطفالها دون الرابعة عشر من العمر، في استهداف الطيران الحربي لمنزل قرب مركز البحوث في جنوب مدينة الرقة (شمال)".
وباتت المدينة منذ مارس الماضي أول مركز محافظة يخرج عن سيطرة قوات النظام.
وأفاد المرصد، أن مجموعة مسلحة خطفت فجر الاثنين رئيس المجلس المحلي في المدينة عبد الله الخليل، وهو محام وناشط حقوقي، وذلك أثناء خروجه من المجلس.
وفي الجنوب، أفادت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي أن رصاصا مصدره الأراضي السورية سقط ليل الأحد الاثنين دون التسبب بإصابات أو أضرار.
والحادث هو الرابع خلال الأسابيع الأخيرة في هذا الجزء من الهضبة السورية التي تحتل إسرائيل أجزاء واسعة منها.
وتأتي هذه التطورات قبل يومين من اجتماع لمجموعة "أصدقاء الشعب السوري" يعقد الأربعاء في عمان. ومن المقرر أن يشارك في الاجتماع 11 وزيرا يمثلون دولا داعمة للمعارضة السورية، أبرزهم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.
ويأتي هذا اللقاء قبل اجتماع للائتلاف السوري المعارض في 23 مايو الجاري يحدد فيه موقفه من دعوة موسكو وواشنطن إلى عقد مؤتمر دولي للبحث عن حل للأزمة السورية، يشارك فيه ممثلون للنظام والمعارضة.
وعقد الاثنين في مدريد اجتماع لأعضاء من "مختلف حركات" المعارضة السورية بهدف "المساعدة على الحوار وتسهيل اللحمة" بين مختلف مكوناتها، بحسب الخارجية الإسبانية.
وشارك في الاجتماع الرئيس المستقيل للائتلاف أحمد معاذ الخطيب الذي من المرتقب أن يلتقي وزير الخارجية الإسبانية خوسيه مانويل غارثيا ماراغالو الثلاثاء.
ومن الدوحة، اعتبر أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي تدعم بلاده المعارضة السورية، أنه "لم يعد مقبولا من الدول الفاعلة في المجتمع الدولي عدم التحرك لوضع حد لهذه المأساة المروعة والكارثة الإنسانية المتفاقمة"، وذلك في افتتاح منتدى الدوحة.
وحذرت منظمة اوكسفام للمساعدات الدولية من المخاطر الصحية التي تنتظر مئات الآلاف من اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان مع قرب حلول فصل الصيف.
وأدى النزاع السوري إلى نزوح نحو 1.5 مليون شخص إلى الدول المجاورة.