ضعف الموارد المخصصة لها أدى إلى تدهورها.. والكوابل الكهربائية المكشوفة تهدد الزائرين جناينى بالحديقة: نكره المناسبات لأن العائلات تجد سعادة فى تخريب الأشجار
«أمر بالغ الصعوبة أن تعود الحديقة التى صممت على الطراز الطبيعى لما كانت عليه، فضعف الموارد المخصصة لها أدى إلى تدهورها، ولا أعتقد أن حالها سيتغير بل أخشى تدهورها أكثر»، حسبما قال جناينى بحديقة الأورمان، مفضلا أن يتم تعريفه بأنه متخصص فى مراعاة الأشجار بحديقة الأورمان من دون ذكر لاسمه تحسبا لأى عقوبات قد تقع عليه من قبل إدارة الحديقة.
والجناينى، البالغ من العمر 60 عاما، يتجول يوميا بين الأشجار والأزهار لمراعاتها حاملا معه هموما وأحزانا لما وصلت إليه الحديقة، قال: «تقريبا أنا قضيت عمرى كله هنا، بداية كان مرتبى لا يتعدى جنيهين فى اليوم حتى وصل الآن إلى 8 جنيهات، لم أتخيل فى يوم أن الحديقة التى نشأت فى عهد الخديوى إسماعيل تتحول لملتقى الحبيبة بسبب تدهور حالتها».
صممت حديقة الأورمان على الطراز الطبيعى سنة 1875 فى عهد الخديوى إسماعيل، حتى تمد القصور الخديوية بالفاكهة والموالح، وجلب لها الخديوى أشجارا ونباتات مزهرة من جميع أنحاء العالم لكن، حسبما قال جناينى الحديقة، أصبح الشباب المراهقون هم الذين يسيطرون عليها خصوصا شباب جامعة القاهرة وشباب المدارس المجاورة، كما تمتلئ بالعائلات فى المناسبات».
تبلغ مساحة الأورمان 95 فدانا، وقت إنشائها، وبعد ضم الجزء الجنوبى منها لحديقة الحيوان أصبحت 28 فدانا فقط، لتصبح الحديقة ملتقى للعشاق، ومع كل شجرة بالحديقة تحكى العديد من قصص الحب التى نشأت بين الأحبة، ليقول: «يعلم الله أننا أصبحنا نكرة المناسبات بسبب ازدحامها بالعائلات الذين يجدون سعادة فى تخريبها أكثر، فضلا على أن مساحتها كبيرة على وجود عمال بساط لتنظيفها».
الفوضى هى الصفة السائدة فى حديقة الأورمان، الحال أسوا مما كانت عليه الأورمان قبل ثورة 25 يناير التى أنتظرتها العديد من الحدائق حتى تنطلق وأن تصبح حدائق بأقل الشروط العالمية، فهى تعكس حالة الفوضى التى يعيشها المجتمع المصرى، لكن الحديقة تعجب الجميع فقط عندما «ينظم معرض الزهور فقط من كل عام قبل الربيع والذى يستمر لمدة أيام، فيتحول زائروها من سن المراهقة إلى الشباب الواعى الذى يقدر ويفهم معنى الأشجار والورود».
الجناينى عمل بالحديقة حينما كان شابا فى الثلاثينيات، عمل بكل حماس ونشاط ولكن مع مرور الزمن والأيام قل حماسة ونشاطه تدريجيا مع قطفة وردة من الحديقة أو تخريب شجر «هناك شجر تاريخى قديم للغاية فى الكثير من حدائق مصر، ولكنه يتعرض الآن للقطع نتيجة اهمالها، وعدم مراعاتها والاهتمام بها وبصحتهما عن طريق مواد زراعية معينة».
يرى الجناينى وهو رجل عجوز يتحمل على قدميه وشاهد حديقة الأورمان وهى فى جمالها، أن حديقة الأورمان وعدد من حدائق مصر قد ينقرض مع الأيام «العائلات تأتى الآن للحدائق ليس للاستمتاع بها لأنها لا يوجد بها أى شىء يشجع على الاستمتاع ولكن لمجرد الجلوس فى الهواء الطلق، ولا يستمتعوا بأى شىء».
الجناينى هو أب لأربع بنات وجد لضعفهم، يأتى يوميا الحديقة بدون إرهاق لكى يعتنى بالأشجار ويقلمها حتى تظل عمرا أطول ويكون شكلها جميلا فى أعين الناس، ينهى عمله فى الظهيرة،» لا يوجد ما يحزننى فى الحياة سوى أن أرى الأشجار التى شقيت من أجلها لكى لا تموت، ولكن الأن أخشى على عدد كبير من الأشجار من الانقراض».
تدنى مستوى الحدائق لم يمنع المواطنين من زيارتها طوال العام وخصوصا فى المناسبات لأنها تعد المتنفس الوحيد للعائلات والأطفال، يقول أحمد أحد الزائرين مع زوجته لحضور معرض الزهور السنوى: «حديقة الأورمان تعد المتنفس الوحيد رغم افتقارها للخدمات والصيانة، بل تحولت إلى خطر على المواطنين نتيجة الكوابل الكهربائية المكشوفة، وانتظرنا بعد انتخاب مرسى وحكومته أن يتم تطوير الحدائق العامة فى مصر ولكن لا حياة لمن تنادى فهم فى وادى والشعب والمصرى فى وادى آخر، فالحدائق لم تعد مكانا للتنزه أو المرح كما سبق، فتحولت من مكان يحتوى على الأشجار والزهور والنظافة والمقاعد المريحة إلى مكان يفتقر للشروط الأولية للحدائق».