الكلام عن حديقة الأورمان بالجيزة بعيداً عن اللقاءات الغرامية يحزن القلب .. فهي لا تتمتع بإقبال شعبى كبير مثل حديقة الحيوانات رغم أن الجلوس على ضفاف بحيرة اللوتس بها يمنحك قدرا كبيرا من الصفاء والهدوء النفسى .. ومجرد خطوات قليلة للأمام تجد نفسك داخل غابة متشابكة الأغصان ، الدخول إليها بتذكرة قيمتها 50 قرشاً فقط من بابين واحد أسمه النهضة وهو المجاور لتمثال نهضة مصر والثانى أسمه البرنسيسات حيث كانت تعبر منه أميرات أسرة محمد على .. كان الخديوي إسماعيل رجلا مولعا بالجمال وفى إحدى رحلاته بفرنسا شاهد غابات بولونيا الشهيرة وكيف تتداخل فيها النباتات والأشجار لتشكل مشاهد بديعة تبعث على البهجة وقد قرر عند عودته إلى مصر أن ينشىء على النيل غابة مشابهة لها وبالفعل اقتطع نحو مائة فدان من خاصته الخديوية واستعان بخبير فرنسى لإنشاء هذه الغابة وأحضر لها نباتات وزهورأً وأشجاراً نادرة من مختلف أنحاء العالم وقد تكلف إنشاؤها فى هذا الوقت مئات الجنيهات وبالفعل تم الإنتهاء منها عام 1875 وكانت تسمى وقتها حديقة الليمون .. وكان الهدف هو أن تقوم هذه الحديقة بإمداد قصور الخديوى والعائلة المالكة السابقة بكل ما لذ وطاب من أصناف الفاكهة المختلفة وبالفعل بدأت أشجار الحديقة تنمو و انتاجها يزدهر .. ولكن الخديوي لم يهنأ بها إذ سرعان ما تم عزله عن الحكم وتحولت ملكيتها لأحد الأمراء ، وعندما تم التفكير فى إنشاء حديقة الحيوان تم اقتطاع ما يزيد عن 70 فدانا منها عام 1890 وبذلك تقلصت مساحة الحديقة من وقتها كما تم فصلها عن جنينة الحيوانات بعد مد شارع يربط الجامعة ب الكوبرى الذى تم إنشاؤه على النيل فى الثلاثينيات. ومما يجدر ذكره أن كلمة الأورمان تعنى فى اللغة التركية الغابة وكانت هذه الكلمة بارعة فى وصف شكل الحديقة من الداخل . ولكن الحديقة لم تتوقف عن دورها الجمالى على الإطلاق وان اختفت منها أشجار الموالح ولكنها تضم الآن نحو مائة نوع نادر من النباتات والأشجار والزهور خاصة أشجار النخيل الجميلة والتى يوجد منها فى الجنينة أنواع عديدة ونادرة مثل " سلتس " و" ذيل السمكة" و "برتشارديا " وفيكس بنجامين"و"النخيل اليابانى" ومن الأشجار البلوط الحريرى هذا بخلاف نوعيات نادرة من الصبار والزهور وتنقسم الأورمان من الداخل إلى عدة جنائن فرعية وهى حديقة الصبار وحديقة الورد وحديقة النخيل وحديقة عصفور الجنة ، هذا بخلاف بحيرة اللوتس والتى تضم بقايا نادرة من هذا النبات القديم والذى يتميز باتساع أوراقه وزهرته الملونة التى تخرج من بين الأوراق فى منظر بديع وينموا هذا النبات مثلما ينمو ورد النيل تماما فى قلب المياه سألت عم محمد أحمد آدم ، جناينى بالحديقة عن سر عدم الإقبال عليها فقال : أصل الناس بتحب الحيوانات علشان كدة بيرحوا الجنينة التانية لكن هنا إحنا مهتمين بتنسيق الحديقة بحيث يكون شكلها جميلأً ، ووزارة الزراعة مهتمة بها وتستخدمها فى رعاية بعض السلالات النادرة كما تنظم فيها معارض الزهور فى فصل الربيع من كل عام .