تجهيز 14 مركزًا لاستقبال 158556 ناخبًا بحي الزهور في محافظة بورسعيد    الري: تصرفات السد الإثيوبي العشوائية تهدد استقرار النيل الأزرق    ارتفاع مشاركة الشباب المصري في انتخابات البرلمان داخل سفارة موسكو    آي صاغة: ارتفاع محدود للذهب محليا.. والأسواق تترقب قرار الفيدرالي بعد بيانات توظيف مفاجئة    277 مليون دولار صادرات الأثاث المصري في 9 أشهر    أهالى القفايطة بنصر النوبة يشكرون الرئيس السيسى بعد تحقيق حلم تركيب الكهرباء والمياه    قرار مجلس الأمن!    توم وارك: نزع سلاح حزب الله شرط أساسي لسلام واستقرار لبنان    الشوط الأول| برشلونة يضرب بلباو في الدوري الإسباني    برتغالي جديد ينضم لجهاز الزمالك الفني    مرموش بديلا في تشكيل مانشستر سيتي لمواجهة نيوكاسل بالبريميرليج    الشباب والرياضة تُطلق أضخم مشروع لاكتشاف ورعاية المواهب الكروية بدمياط    الشوط الأول| ريمونتادا بايرن ميونخ أمام فرايبورج في الدوري الألماني    حقيقة تحطيم زجاج سيارة وسرقة «موبايل» بالإسماعيلية| فيديو    جهود صندوق مكافحة وعلاج الإدمان في مواجهة المخدرات وحماية الشباب خلال أسبوع    شلل مرورى بالطريق السياحى اتجاه المنيب والمعادى وتوقف تام لحركة السيارات.. صور    منذ 10 ايام .. كشف لغز جثة متحللة داخل سياره سقطت ببركة مياه بطريق مطروح السلوم    30 ديسمبر.. الحكم على 9 متهمين فى خلية شبكة العملة    45 ألف مشاهد لأفلام الدورة ال46 من مهرجان القاهرة السينمائى    يقود اليوم الأوركسترا الملكي الفيلهارمونى احتفاءً بموسيقار الأجيال فى لندن..    نجوى كرم تحتفل بعيد استقلال لبنان    نسرين العسال تكتب: أصوات من السماء تصنع ترند من "دولة التلاوة"    "الريس" .. عمرو سعد يقدم شخصية "عباس" في عمل شعبي لرمضان 2026    73 ألف زيارة منزلية لعلاج كبار السن وذوي الهمم بالشرقية    الدوري الإنجليزي.. تشيلسي يعبر بيرنلي بثنائية نظيفة    ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات في فيتنام إلى 55 قتيلًا    الزراعة: زيادة إنتاج مصر من اللحوم الحمراء ل600 ألف طن بنهاية 2025    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    مصر تبحث مع نيجيريا تعزيز التعاون فى مجالات الزراعة والدواء والطاقة والإنشاءات    الرعاية الصحية: أعظم الطرق لحماية الصحة ليس الدواء لكن طريقة استخدامه    الهلال بالقوة الضاربة أمام الفتح بالدوري السعودي    رئيس الإمارات يصل إلى البحرين في زيارة عمل    قبل عرضه.. تعرف على شخصية مي القاضي في مسلسل "2 قهوة"    معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف نحو مستقبل مستدام    غنيم: خطة الصناعة لتحديد 28 فرصة استثمارية خطوة استراتيجية لتعزيز التصنيع المحلي    الولايات المتحدة تسجل أول وفاة لمصاب بسلالة جديدة من إنفلونزا الطيور    علاج نزلات البرد، بطرق طبيعية لكل الأعمار    وزيرة التخطيط تشهد الحفل الختامي لجوائز مصر لريادة الأعمال    الحكم على مها الصغير في قضية سرقة اللوحات 27 ديسمبر    سفير مصر بنيوزيلندا: ثاني أيام التصويت شهد حضور أسر كاملة للإدلاء بأصواتها    "رويترز" عن مسؤول أوكراني: أوكرانيا ستبدأ مشاورات مع الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين بشأن إنهاء الحرب    «من تركيا للسويد نفس الشبكة ونفس النهب».. فضيحة مالية تضرب شبكة مدارس تابعة لجماعة الإخوان    حبس المتهمين بالاعتداء على أطفال المدرسة الدولية بالسلام 4 أيام على ذمة التحقيقات    لحجاج الجمعيات الأهلية .. أسعار برامج الحج لموسم 1447ه – 2026 لكل المستويات    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري (تحديث لحظي)    بث مباشر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل في دوري أبطال إفريقيا 2025.. مشاهدة دقيقة-بدقيقة والقنوات الناقلة وموعد اللقاء    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    ستارمر يعلن عن لقاء دولى خلال قمة العشرين لدفع جهود وقف إطلاق النار بأوكرانيا    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع في الحرارة العظمى إلى 29 درجة مئوية    بعد قليل، محاكمة مها الصغير بتهمة انتهاك حقوق الملكية الفكرية    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تُحقق العدالة الجنائية الدولية المصالحة؟
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 04 - 2013

ما هو تأثير آليات العدالة الدولية من المحاكم الجنائية الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ولجان التقصى فى إنصاف الضحايا وفى تحقيق المصالحة بين ابناء الوطن الممزق؟ هذه الأسئلة المهمة كانت محور المناقشات المتخصصة التى دارت فى الجمعية العامة للأمم المتحدة على مدى يومين خلال هذا الشهر، بمبادرة من رئيسها الحالى فوك جيريمك الذى كان يشغل منصب وزير خارجية جمهورية الصرب.

بالفعل حدث تطور هائل فى مجال العدالة الجنائية الدولية وهو ما اعتبره السكرتير العام للامم المتحدة بان كى مون فى افتتاح الجلسة التطور الأكثر ايجابية فى العلاقات الدولية خلال العقد الحالى. المشكلة هى أن العدالة الدولية كالقانون الدولى هى أيضا لغة تخاطب وآليات تعطيان شرعية لمصالح وانحيازات الدول المهيمنة على النظام العالمى.

فحينما يردد السكرتير العام بشكل شبه يقينى اننا فى «زمن المحاسبة» وأن «الإفلات من العقاب» عن الجرائم الكبرى صار اليوم «غير مقبول أو محتمل» حتى إذا كان الجناة من قادة دول والمتنفذين، فهل يتوقع أن يصدقه ضحايا حروب أمريكا وروسيا فى العراق وأفغانستان وفلسطين أو فى الشيشان؟

فالعدالة الجنائية سواء المحلية أو الدولية يُفترض أنها عمياء تحكم بالأدلة وبمعايير واحده لتحدد البراءة أو الإدانة. ويحار المتابع إن كان الامر كذلك فلماذا لم يُحل مجلس الأمن الوضع السورى إلى المحكمة الجنائية الدولية برغم ال70،000 قتيل والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولى الإنسانى؟ سوريا أعلنت مؤخرا رسميا «دولة منكوبة» من قبل الأمم المتحدة وقالت المسئولة الأممية الأولى عن الإغاثة فاليرى آيمز «لم تعد عندى إجابة لمن يسألنى من السوريين هل تخلى العالم عنا؟».

سيتحقق الإنصاف للسوريين لو أعملت آليات العدالة الدولية ولكن السؤال الأهم هو لماذا لا تريد الدول الكبرى تفعيل هذه الآليات؟

العلاقة بين السياسة والقانون االدولى اخذت حيزا كبيرا من نقاشات مؤتمر الجمعية العامة حول «العدالة الدولية والمصالحة».

●●●

كذلك تناقش ممثلوا دول الجنوب والخبراء فى عمل المحاكم الجنائية الدولية وآثارها على الضحايا والسلم الأهلى والمصالحة. ولم يكن اختيار منبر الجمعية العامة المتاح للمستضفين للتعاطى النقدى مع العدالة الدولية مريحا لأمريكا والبعض. وكأن القانون الدولى الذى صُنع فى أوروبا والولايات المتحدة هو بضاعة تصدر لدول الهامش لتيسير السيطرة عليه دون الالتزام بمعرفة عيوب الصناعة!

قاطعت أمريكا وكندا والأردن مؤتمر الجمعية العامة بحجة كونه «غير متوازن وتحريضى». وقال ريتشارد ديكرمن منظمة هيومان راتس ووتش إن الرئيس الصربى توميسلاف نيكوليك المدعو للمؤتمر، كان قد أنكر فى العام الماضى الإبادة الجماعية فى سريبرينتشا إبان حرب البوسنة والهرسك 95 92.

المسئولون الصرب بالفعل لهم موقف معادى لعمل المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ولكنهم بتسليم 46 متهما صربيا وبفتح الأرشيف تعاونوا معها بما أتاح إنجاح المحاكمات فى لاهاى. يذكر أن المحكمة الأممية هى أول محكمة دولية لجرائم الحرب منذ محاكمات نوريمبرج وطوكيو.

ويرى المسئولون الصرب أنها غير منصفة لأن الغالبية العظمى من الإدانات من أصل 161 اتهاما عن الجرائم الكبرى فى حروب البلقان كانت من نصيب الصرب وصرب البوسنة. وهى بالتالى فى نظرهم تمثل عدالة المنتصر فى الحرب.

وقد كان اختيار رئيس الجمعية العامة الصربى لزاوية «المصالحة» وربطها بالعدالة الجنائية الدولية كموضوع للنقاش ينم عن دهاء شديد مما أزعج كثيرين من انصار العدالة الدولية. فحتى أنصار المحكمة الذين يرون أن العدالة أدت إلى إحلال السلام (السالب) وإلى إرساء قيمه الردع يعترفون أنه لا يوجد لها اسهامات تذكر فى المصالحة بين أبناء يوغسلافيا السابقة.

فالمصالحة تأخذ زمنا طويلا. وكما يقول الحقوقى دافيد تولبرت، فالعدالة مكون أساسى للمصالحة ولكنها ليست كل شىء. فالمصالحة تقوم على إعادة بناء الثقة المنهارة بين أبناء الوطن الممزق ولا يمكن بناؤها بإنكار ما حدث أو باستعراض علاقات القوة. وأخيرا لابد أن تتعامل بجدية مع كرامة كل الأطراف.

ولذا اعتبر الرئيس الصربى نيكوليك أمام الجمعية العامة أن المصالحة متعذرة طالما أن أداء المحكمة يُسهم فى خلق سرد أنه لا يوجد ضحايا صرب. هو قال: «ليس صحيحا أن فى هذه الحرب التى قضت علينا جميعا كان يوجد طرف واحد فقط يُقتل والآخر يقوم بالقتل».

●●●

المشكلة الأخرى التى أزعجت الأمريكان من مشاركة ثلاثة من كبار المسئولين الصرب بمؤتمر الجمعية العامة هو تسليط الضوء على عدم شرعية التدخل العسكرى لحلف الناتو فى كوسوفو. وقد كانت الولايات المتحدة فى قلب ذلك المشهد والراعى لاتفاق دايتون والداعم الأساسى لإنشاء المحكمة.

فهناك سرد سياسى قانونى لحروب البلقان والتدخل اللاحق فى كوسوفو بقيادة حلف الناتو فى عام 99 والذى تم دون غطاء شرعى من مجلس الأمن يجرى تسويقه فى الغرب باعتباره نموذجا مشرفا للتدخل العسكرى الإنسانى. كذلك هناك سرد ميثولوجى تبسيطى يروى حروب البلقان على انها قصة «الحرب العادلة» التى خاضها الناتو لإنصاف الضحايا (المسلمون والكروات) ومعاقبة الأشرار الصرب (القوميون غلاظ القلوب). ويأتى فى قلب هذا المشهد عمل المحكمة التوثيقى لبُعد «العدالة» التى لها أوجه مركبة فى سياق حقيقة ما حدث.

●●●

عسكرة حقوق الانسان

تدخل حلف الناتو فى حرب كوسوفو يفسر أحيانا على أنه لحظة فارقة فى تاريخ تطور القانون الدولى تم فيها إضعاف منظومة الأمن الجماعى المبنى على ميثاق الأمم المتحدة وتوافق الدول العظمى، لصالح منظومة الأمن الإقليمى المٌعتمد بالأساس على هيمنة أمريكية أوروبية واستخدم لغة حقوق الانسان ضمن آلياته. بالتوازى مع ذلك بدأت عسكرة حقوق الإنسان. واستخدمت لغتها الأخلاقية التى تكفل الحماية للمدنيين من الانتهاكات الجسيمة كغطاء لشن حروب لا علاقة لها بحقوق الإنسان بل لتحقيق الأهداف الخارجية للدول الكبرى.

ألم يستخدم جورج بوش وبلير فى 2003 حجج «مسئولية الحماية» والتدخل الإنسانى بعد افتضاح أكذوبة أسلحة الدمار الشامل لتمرير غزو العراق الذى تم أيضا دون سند شرعى من مجلس الأمن؟

ثم جاءت ليبيا لتقدم للنيو ليبراليين «النموذج الناجع» للتدخل العسكرى الإنسانى حيث تم هذه المرة بقرار من مجلس الأمن بناء على طلب الجامعة العربية. ومن جديد تم إحياء السرد التسويقى لدور حلف الناتو فى الانتصار للضحايا من بطش نظام قمعى. هكذا كما صرحوا يتم تطبيق مفهوم «مسئولية الحماية».

دعك من التساؤل وكيف حال ليبيا الآن؟ حيث السلطة المركزية هشة والميليشيات المسلحة تعيث فسادا والإرهاب بالتفجير الذى حدث مؤخرا ضد السفارة الفرنسية فى طرابلس يُنذر بتطور خطير. ومع ذلك فالمهم أن النفط مازال يتدفق والسوق الليبية فتح والشركات المتعدده الجنسيات عادت والعلاقات مع وكالة الاستخبارات الأمريكية تتوطد لمكافحة «الإرهاب الجهادى» فى شمال أفريقيا.

ولذا لا يهتم النيو ليبراليون بالكوارث الإنسانية التى حلت بليبيا جراء الحرب. فالعبرة بتحقيق أهدافهم الاستراتيجية وبرسم صورة ناصعة لدور حلف الناتو فى مقدمة مشهد التدخل العسكرى الإنسانى.



صحفية مصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.