ابتسامة وتحية رئاسية للجمهور، ونظارة أكثر شفافية عن تلك التى كان يرتديها فى المحاكمة الأولى، وقدر واضح من السعادة والرضا والارتياح، وصحة وشباب بدا واضحين بشكل كبير عليه.. هكذا كان الرئيس السابق، حسنى مبارك فى أولى جلسات إعادة محاكمته، هو ونجلاه ووزير داخليته حبيب العادلى وستة من كبار مساعديه، خلافا لفترة محاكمته الأولى التى أمضاها نائما على سرير طبى ونظارة سوداء تخفى ملامحه.
وقال أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس وأمين المجلس القومى للصحة النفسية، د.هشام رامى، إن ظهور الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، مبتسما داخل قفص الاتهام موجها التحية لمؤيديه داخل القاعة وللكاميرات التى يعلم أنها تنقل صورته وإشاراته للشعب المصرى، يعكس نوعا من الرضا الداخلى عن الذات، وكأنه يقول لنفسه وللشعب: «حين اختفيت أصبحت الأحوال أسوأ».
وأشار رامى، إلى اختلاف واضح فى حال مبارك فى جولتى المحاكمة، بعد أن تحولت صورته من شخص نائم على سرير يبدو فيه سوء حالته الصحية دون أى تعبيرات على وجهه وكأنه تمثال، إلى شخص مبتسم فى حالة نفسية مرتفعة للغاية، أثر بالطبع على حالته الصحية، وذلك على العكس مما ظهر عليه خلال الجولة الأولى من محاكمته أمام محكمة الجنايات والتى قضت فيها بالسجن المؤبد له وقررت محكمة النقض إعادة المحاكمة مرة أخرى.
وأوضح رامى، ل«الشروق»، أنه مع مرور الوقت والأحوال السيئة التى يمر بها البلد جعل الرئيس السابق يشعر برضا داخلى وأن الدنيا تسوء بدونه مما منحه نوعا من الطاقة، مضيفا: «ليس مبارك وحده بل أى شخص مسئول تمت إزاحته يشعر الآن بأهميته».
وتابع: «فى المحاكمة الأولى لمبارك كان داخله شعور بالصدمة والذهول تجعله غير قادر على التفاعل والتعامل مع الآخرين، ومع مرور الوقت امتص الصدمة وأصبح قادرا على استيعاب الواقع وظهر أكثر حيوية ومختلفا عن المحاكمة الأولى، قادر على التلويح للآخرين، ويقول بداخله لمن حوله «ثورتم على وأنتم الآن من المؤكد عرفتم خطأكم».
من جهته، قال محمد المهدى، استشارى الطب النفسى «إن دخول مبارك لقاعة المحكمة جالسا، وليس نائما كالعادة فضلا عن حالته الصحية التى بدت أفضل بكثير من المرات السابقة، تعكس شعوره بالرضا».
وتابع «النظارة التى ارتداها مبارك هذه المرة كانت أكثر شفافية من ذى قبل، وتظهر من نظراته أنه كان فى حالة تركيز ويقظة ويتابع ما يدور فى المحكمة»، أما رفع يده اليمنى والإشارة بالتحية الرئاسية للجمهور وتكرار ذلك أكثر من مرة، فسّره المهدى بقوله «بدا كأنه يستعيد كيانه كرئيس».
وبخصوص حركات يديه، قال «وضع أصبعيه مفتوحين تحت ذقنه تارة، وضم كفيه تارة أخرى ووضعها تحت ذقنه، فى إشارات تعكس الثقة والإحساس بالفخر، والاعتزاز بالذات، ورأسه المرفوعة طوال الوقت وحديثه مع جمال وابتسامة جمال وعلاء بعدها توضح أنه فى حالة سعادة واضحة وطمأنينة وسكينة، وربما إحساس بردّ الاعتبار».
وبالرغم من ذلك فإن الأمر كان مختلفا مع جمال وعلاء، نجلى المخلوع، يقول المهدى «على الرغم من بعض السعادة التى كانا يستمدانها من حالة والديهما، فإن علامات القلق كانت تبدو عليهما بشكل واضح، خاصة جمال الذى تكررت حركة يديه وجسده بشكل لافت للنظر».
وتابع:«مبارك بدا أصغر بكثير، ولا تخفى فى نظراته حالة الزهو والفخر وربما التشفى أو الشماتة فيما يحدث الآن فى الشارع المصرى من أزمات وفوضى، وكأن لسان حاله، يقول: «هل رأيتم ما حدث بعدى؟»، أو «إننى لم أكن الأسوأ كما ظننتم»، وعلى الرغم من فساده واستبداده وديكتاتوريته، فإنه ربما يشعر الآن أن ما حدث بعده من فوضى وانفلات وانقسامات وتدهور اقتصادى أسوأ مما كان فى عهده».