مع بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 بمحافظة السويس    انطلاق قافلة الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء الدعوية إلى مساجد شمال سيناء    أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 31 أكتوبر 2025    سعر الريال السعودي في بداية التعاملات اليوم 31 أكتوبر 2025    «الوزير» يتابع جاهزية الطريق الدائري والمحاور المؤدية إلى المتحف المصري الكبير    «أونروا»: العائلات النازحة بغزة تجد الأمان بمدارسنا    استئناف محادثات الحدود الأفغانية-الباكستانية في إسطنبول الأسبوع المقبل    الصين: على واشنطن توخي الحذر في الأقوال والأفعال بشأن قضية تايوان    نزوح أكثر من 4500 سودانى فى كردفان بسبب انتهاكات الدعم السريع    80 هيئة شبابية ورياضية بالجيزة تستعد لبث حفل افتتاح المتحف الكبير    انطلاق التصويت بانتخابات النادي الأهلي    موعد مباراة الهلال والشباب في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025    إجراء جديد ضد عصابة "الدكتور" للتنقيب عن الآثار في مايو    إصابة ربة منزل وزوجها ونجلهما ب«مادة كاوية» في مشاجرة بالجمالية    مصرع شاب أصيب فى حادث اصطدام أتوبيس بعربة كارو وإصابة والدته بكرداسة    رئيس ألمانيا يؤكد مشاركته في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير: حدث استثنائي طال انتظاره    هل اعتزلت حلا شيحة الفن؟..والدها يحسم الجدل    وكيل مديرية الصحة بدمياط تتابع سير العمل بمركز طب أسرة ثاني والسنانية    قرارات جديدة بشأن البلوجر مايا علي في اتهامها بنشر فيديوهات خادشة    بالصور.. أول ظهور رسمي لمنة شلبي وأحمد الجنايني بعد إعلان زواجهما    وزير العمل: افتتاح المتحف المصرى يجسد فخر المصريين بما تحقق من إنجاز حضارى    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 في أسواق الأقصر    أول ظهور للمطربة الشعبية رحمة محسن بعد ضجة الفيديوهات المسربة (صور)    أسعار مواد البناء في مصر اليوم الجمعة    «تالجو وروسي».. مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025    مستشار وزير السياحة الأسبق: المتحف المصري الكبير مشروع قومي يجسد الإبداع المرتبط بالتراث    أسعار اللحوم بشمال سيناء اليوم الجمعة    «لا يصلح للأهلي.. اطمنوا يا جمهور الزمالك».. إبراهيم سعيد يفتح النار على حسام عبدالمجيد    وزير الاستثمار: التضخم أخطر مرض يجعل المواطن يئن ويتألم.. ونجحنا في خفضه من 40% إلى 12%    «زي النهارده».. وفاة أمين هويدي 31 أكتوبر 2009    شاشات عرض عملاقة بالميادين والأماكن السياحية بجنوب سيناء لمتابعة افتتاح المتحف المصري الكبير    «زي النهارده».. استقالة مهاتير محمد من حكم ماليزيا 31 أكتوبر 2003    سعر الذهب اليوم الجمعة 31-10-2025 بعد الانخفاض الكبير.. عيار 21 الآن بالمصنعية    بعد إعلان ترامب.. «فانس» يدافع عن التجارب النووية وبيان مهم ل الأمم المتحدة    «آخره السوبر.. مش هيروح بالزمالك أبعد من كدة».. أحمد عيد عبد الملك يوضح رأيه في فيريرا    هيجسيث يأمر الجيش بتوفير العشرات من المحامين لوزارة العدل الأمريكية    قوات الاحتلال تداهم عددًا من منازل المواطنين خلال اقتحام مخيم العزة في بيت لحم    مصدر مقرب من حامد حمدان ل ستاد المحور: رغبة اللاعب الأولى الانتقال للزمالك    موعد وشروط مقابلات المتقدمين للعمل بمساجد النذور    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل محافظ القاهرة لتهنئته بانتخابه لرئاسة المجلس    وفري فلوسك.. طريقة تحضير منعم ومعطر الأقمشة في المنزل بمكونين فقط    محمد مكي مديرًا فنيًا ل السكة الحديد بدوري المحترفين    إصابة 12 شخصاً في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بقنا    سقوط هايدى خالد أثناء رقصها مع عريسها هادى الباجورى ومحمد رمضان يشعل الحفل    مواقيت الصلاة فى الشرقية الجمعة حسب التوقيت الشتوي    د.حماد عبدالله يكتب: "حسبنا الله ونعم الوكيل" !!    سنن يوم الجمعة.. أدعية الأنبياء من القرآن الكريم    ندوة «كلمة سواء».. حوار راقٍ في القيم الإنسانية المشتركة بالفيوم    واشنطن بوست: ترامب أراد هدية واحدة في آسيا ولم يحصل عليها هي لقاء كيم جونج    مش هتغير لونها.. طريقة تفريز الجوافة لحفظها طازجة طوال العام    التخلص من دهون البوتاجاز.. طريقة سهلة وفعّالة لتنظيفه وإعادته كالجديد    أحمد حسن: نريد رباعي بيراميدز ولكن بهذا الشكل لن يتواجد معنا.. وهذا ما أربك المواعيد    بعد معاناة المذيعة ربى حبشي.. أعراض وأسباب سرطان الغدد الليمفاوية    انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة الإمام الطيب للقرآن للطلاب الوافدين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    مبادئ الميثاق الذى وضعته روزاليوسف منذ 100 عام!    عندما قادت «روزا» معركة الدولة المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسئلة متواترة وإجاباتها حاضرة
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 03 - 2013

كادت الأزمة فى مصر تصل إلى نقطة اللا عودة لولا أن محكمة أصدرت حكما فى انتخابات برلمانية كانت ستجرى فى موعد حددته رئاسة الجمهورية التى أسرعت فأصدرت فى لمح البصر قرارا بالرضوخ إلى حكم المحكمة.

•••

لم تكن الأجهزة الأمريكية الجهة الوحيدة التى تنبهت إلى خطورة التداعيات المحتملة لما آلت إليه أحوال مصر، فقد سبقتها روسيا وألمانيا وفرنسا وإسرائيل والمفوضية الأوروبية. وفى سابقة غير مألوفة قررت كل من الواشنطن بوست وبلومبيرج نشر مقال بتوقيع مجلس تحرير كل منهما يدق أجراس الخطر. كان مقال بلومبيرج الأقوى لأنه لم يتردد فى القول بعبارة صريحة وواضحة أن كافة البدائل المطروحة للخروج من الأزمة المصرية «تدعو للاكتئاب»، وبخاصة بديل الجيش إذا تدخل سواء أخذ تدخله الأسلوب التركى والباكستانى أو الأسلوب الذى سبق أن جربه هو نفسه فالتداعيات الإقليمية ستكون بالغة، وبديل الجيش إذا لم يتدخل قطعيا، وبديل الجيش إذا قرر أن يتدخل بعد فوات الأوان، فالدولة عندئذ فى الحالتين فاشلة لا محالة.

هكذا أيضا يبدو مصير «بديل الصندوقين» أو ما يسمى بالبديل الاقتصادى السياسى، والمقصود به تكرار تجربة صندوق الانتخابات وفى أعقابها يقرر الصندوق الآخر، وهو فى هذه الحالة صندوق النقد الدولى منح مصر القرض الموعود الذى يحلم به حكام مصر وجماعاتها الإسلامية وأحزابها السياسية والمستثمرون، تحلم به كل الأطراف ماعدا المواطن المصرى العادى. الواضح حتى الآن هو أن اعتماد هذا البديل على سلمية الشارع وتوافق الطبقة السياسية وحد أدنى من كفاءة الحكم وخبرة المفاوض المصرى يجعله غير قابل للتحقيق.

•••

أذهب إلى أماكن كثيرة وأقابل شتى أنواع المصريين والأجانب. أينما ذهبت أجد فى انتظارى ثلاثة أسئلة.

•••

• السؤال الأول: إلى أين نحن ذاهبون؟

لم يسألنى أحد هذا السؤال وكان ينتظر إجابة. ومع ذلك فهو السؤال الأوسع شيوعا والأكثر ترددا بين كافة الأجيال والطبقات والفئات. سؤال لا تسمعه من مواطن مطمئن فى مجتمع مستقر، ولا من مواطن فى دولة تديرها سلطة تحظى بثقة جماهيرها.

ما يبدو لغالبية المصريين ضياعا فى اللا نهائى واللا مألوف قد لا يكون فى ذهن متفائل سوى انقطاع مؤقت فى مسيرة قريبا تستقيم، وفى رؤية خبير فى مركز تخطيط لا يزيد عن تخبط بعد انزلاق تسبب فيه جهل السائق بالطريق ومسالكها وعراقيلها، وجهله بحمولته بشرا كانوا أم أصولا مادية وثقافية وإنجازات حضارية وأحلاما كبارا. هذه الحالة من الضياع والدمار والقتل تراه فئة متطرفة وشرسة جراحة ضرورية لاستئصال أورام تقدمية وليبرالية وعلمية خبيثة انتشرت فى جسد مصر فى أعقاب سقوط نظام الخلافة، وتراه فئة ليبرالية كمينا منصوبا لقوى الإسلام السياسى لتعلن فشل مشروعها. أضف هؤلاء فى الجوار وعن بعد الذين ينتظرون مصرا مختلفة جرى استئناسها وسهل قيادها.

أغلب الذين وجه لهم السؤال اعترف بأن الإجابات لم تلب حاجة ولا فضول السائلين. خرجت إجابات متفائلة إلى حد أنها جلبت على أصحابها الاتهام بالاستهانة بذكاء السائلين. خرجت إجابات أخرى فى أغلفة أكاديمية أو نظرية إلى حد أثار حفيظة السائلين وأعاد إلى الذاكرة حديث الثورة عن مسئولية المثقفين والصفوة عن انحدار مصر. ثم هناك الإجابات المتشائمة بقسوة وبعضها بلغ مشارف العدمية.

• السؤال الثانى: هل نحن على أبواب ثورة جياع؟

هذا السؤال يمكن أن يحمل فى ثناياه معنى أن مصر تقف فعلا على أبواب ثورة جياع وأن فتح هذه الأبواب ليس أكثر من مسالة وقت وفرصة. لاحظت، وتأكدت ملاحظتى بملاحظات مماثلة، أن هذا السؤال غالبا ما يصدر عن شخص يعيش فوق مستوى الجوع ويخشى أن تحرمه ثورة الجياع إن انفتحت أبوابها من المميزات القليلة أو الكثيرة التى يوفرها له هذا المستوى، مستوى ما فوق حد الجوع. لا أظن أن أحدا يعيش وعائلته عند حد الجوع أو تحته أوقفنى ليسألنى إن باتت مصر على مشارف ثورة الجياع. السؤال لا يسأله جائع لأنه يتضمن فى جوهره الرغبة فى تجديد الثقة فى أن المؤسسات ما زالت قادرة على منع نشوب ثورة الجياع، أو الاقتناع بأن الأبواب ما زالت بعيدة والفرص متوافرة لإبقائها موصدة فى وجه الجياع، ومن هذه الفرص الاقتناع المتوارث من أيام حكم مبارك بأن أيا من أمريكا وإسرائيل وأوروبا ودول الخليج لن تترك مصر للجياع.

السؤال عن ثورة الجياع قد يصدر عن أشخاص لديهم يقين دفين بأنها قادمة لا محال، وأن لا حائلا يقف يعطل قدومها سوى أبواب قليلة وهى ليست موصدة على كل حال. هؤلاء يعتقدون أن المؤشرات كافة تدل على أنه لو قرر الجياع الزحف على المدن، فلن يجدوا مقاومة تحول دون وصولهم إلى مآربهم. بعض المنشغلين بهذا السؤال يقضون الساعات فى رسم خرائط توضح نقاط التجمع التى سينطلق منها الجياع والمسارات التى سيسلكونها والأهداف التى سينقضون عليها. هنا يتحول السؤال من مشقة الفضول المشروع، ثورة جياع أم لا ثورة جياع، إلى رفاهة الانشغال بحبك رواية تنتمى إلى الخيال العلمى تصور حالة نموذجية من حالات تاريخية أعقبت مجاعات وحروبا مدمرة وتعميمها على وضع متخيل لمصر.

يعتمد السائل من هذا الفريق على تطورات عديدة أصابت اقتصاد مصر وتشققات اجتماعية كثيرة. يعتمدون على أن الشباب لن يتحمل طويلا حال البطالة، وملايين الأسر لن تجد ما تسد به الرمق بسبب ارتفاع الأسعار، والفوضى ضاربة فى الطرق والسكك الحديدية تمنع وصول الحاصلات الزراعية من موانئ التفريغ إلى الداخل، ومن الداخل إلى المدن والعشوائيات المحيطة بها والغائرة فيها، ومستويات أمن غير متوافرة لحماية سكان الضواحى وغيرها من الأحياء التى تسكنها الطبقة الوسطى.

• السؤال الثالث: هل نحن على أبواب حرب أهلية؟

غريب أمر المصرى السائل عن فرص نشوب حرب أهلية. يسأل كما لو كان عاش شاهدا على نشوب واحدة منها هو أو آباؤه أو جدوده. بعض المصريين سمع بحرب أهلية فى لبنان والسودان وفى اليمن أو عاش جانبا منها وفجأة وجد نفسه يقارن بين أحوال تلك البلاد وحال مصر الراهن فيتوصل إلى نتيجة أن الحرب الأهلية المصرية لم تنشب بعد.. سمعت سائلا عائدا من أفغانستان يقارن ويؤكد وجود أوجه شبه بين ظروف ما قبل نشوبهما. يتحدث عن السلاح المتوافر فى كل مكان، وعن أطفال من الشوارع وفى الشوارع وصل السلاح إلى الكثيرين منهم، وعن عاطلين عن العمل فى العشوائيات وكثير من المدن.

يعتمد السائل أيضا على ما يعتقد أنه الأهم. يعدد الشواهد الدالة على أننا لم نعد أمة بهوية واحدة. بل كثرت وتفاقمت هوياتها الثانوية وتدافعت لتحصل على صفة الهويات الأساسية.. تنافست على إبراز الكراهية لبعضها البعض. وبين يوم وليلة «تأدلجت» هويات و«تمترست» أخرى خلف المقدسات. راح السائل يقدم الدليل بعد الدليل على أن المؤسسات تكاد تنفرط تحت وقع ضغوط انقسامات الهوية والنوع والولاء. جاء بالحجة بعد الحجة ليثبت أن عائد السلم الداخلى قد يصبح مع مرور الوقت أقل جاذبية من عائد الاقتتال والنهب واحتلال تجمعات سكنية. عرض صورا ووثائق تؤكد بما لا يقبل الشك وجود قوى وعناصر أجنبية مزودة بأموال هائلة تحميها ميليشيات مسلحة تدين بعقائد أو تفسيرات عقائد «مخلقة» فى الخارج. لم يكتف السائل بالقرائن والشواهد التى زودنا بها فأضاف معلومة كثيرة التداول عن ثقوب غزيرة فى أستار حدودنا تجاوزت حدود المعقول والمقبول. بعد كل هذا يريد السائل، وسائلون كثيرون، الاستماع إلى إجابة تحدد موعدا لنشوب حرب أهلية فى مصر، يعتقدون أنها لا محالة واقعة.

•••

لم نجرب كشعب حالة من الحالات الثلاث. لم نجرب الضياع الذى دفع بالناس لتسأل إلى أين نحن سائرون. ولم نجرب الجوع ولا الظروف الممهدة له والمحبطة به التى تجعل البعض منا يسأل عن موعد زحف ملايين الجوعى. ولم نكره يوما أنفسنا أو بعضنا البعض الآخر ولم نتطرف أو نمارس الإرهاب ضد أهلنا ومؤسساتنا ولم نهدم بعد الأهرامات وننسف أبو الهول كما فعل الطالبان بتماثيل بوذا حتى يحق لمواطن من بيننا أن يسأل عن موعد نشوب الحرب الأهلية فى بلدنا.

كل سائل من هؤلاء السائلين يتصور نمطا معينا لسلوك أمة فقدت طريقها وجاع مواطنوها وكرهت نفسها وينتظر أن تلتزم مصر هذا النمط. ومصر لا تلتزم ولا أظن أنها ستلتزم نمطا معينا فى تحديد وجهتها وثورة جياعها وحربها الأهلية. إجابتى عن الأسئلة الثلاثة واحدة. مصر ضائعة بالفعل ولا تعرف أين هى ذاهبة. ثورة الجياع مستعرة منذ أعوام وأبطالها بائعون جوالون احتلوا قلوب مدنها وأطفال حجارة ومجرمون وذوو سوابق ومتقاعدون وأهل معاشات وعاطلون عن العمل. والحرب الأهلية ناشبة فى غالبية محافظات مصر ضحاياها بالمئات وجرحاها بالآلاف، الغضب المتجدد يرعاها والانتقام الأسود يزيدها اشتعالا.

•••

أفضل لمصر، ولكى نتدبر بحكمة طرق الخلاص، أن نعترف بأن الضياع حاصل وثورة الجياع ناشبة والحرب الأهلية مشتعلة فى صور غير مألوفة من أن ننكر الواقع ونستمر نسأل متى يقع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.