سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 6-5-2025 مع بداية التعاملات    ستيف ويتكوف: تنظيم جولة رابعة من المحادثات مع إيران هذا الأسبوع    انفجارات داخل كلية المدفعية في مدينة حلب شمال سوريا (فيديو)    باكستان ترفض اتهامات الهند لها بشأن صلتها بهجوم كشمير    كانت متجهة للعاصمة.. الدفاعات الجوية الروسية تسقط 19 مسيرة أوكرانية    جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصفين الأول والثاني الإعدادي بالجيزة    إحالة إعلامية شهيرة لمحكمة الجنح لاتهامها بسب خالد يوسف وشاليمار شربتلي    طرح فيلم «هيبتا المناظرة الأخيرة» الجزء الثاني في السينمات بهذا الموعد؟    ردا على ضرب مطار بن غوريون.. النيران الإسرائيلية تشتعل في اليمن    ترامب: لست متأكدا مما يرغب رئيس وزراء كندا في مناقشته خلال اجتماع البيت الابيض    موعد مشاهدة مباراة الإياب بين باريس سان جيرمان وآرسنال في دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    الزمالك يستكمل اجتماع حسم مصير بيسيرو عصر اليوم    شعبة الخضروات: خلال الشهرين المقبلين سيحدث انخفاض في أسعار الليمون    النائب عاطف المغاوري: خلاف حول رفع الإيجار القديم 20 ضعفًا.. وطالبنا بشرائح    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المواقع الانشائية بمدينة بدر    ضبط مبلط بتهمة الاعتداء الجنسي على طفل في المنيا بعد استدراجه بمنزل مهجور    الأزهر ينفي ما تم تداوله بشأن اقتراح وكيله بتشكيل لجان فتوى مشتركة مع الأوقاف    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    5 مرشحين لتدريب الزمالك حال إقالة بيسيرو    مدرب سيمبا: خروج الزمالك من الكونفدرالية صدمة كبرى فهو المرشح الأول للبطولة    رغم هطول الأمطار.. خبير جيولوجي يكشف أسباب تأخير فتح بوابات سد النهضة    الحكومة تصدر بيانا بشأن "البنزين المغشوش" في محطات الوقود    الدولار ب50.63 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 6-5-2025    تامر حسني ومصطفى حجاج يشعلان حفل زفاف رنا رئيس    موجة حارة.. بيان مهم ل الأرصاد يكشف طقس اليوم الثلاثاء 6 مايو (احذروا الشبورة)    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    "READY TO WORK".. مبادرة تساعد طلاب إعلام عين شمس على التخظيظ للوظيفة    فرط في فرصة ثمينة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد تعادل نوتنجهام فورست    لتفادي الهبوط.. جيرونا يهزم مايوركا في الدوري الإسباني    قابيل حكما لمباراة سموحة والطلائع.. ومصطفى عثمان ل زد والاتحاد    التعليم توجه بإعادة تعيين الحاصلين على مؤهلات عليا أثناء الخدمة بالمدارس والمديريات التعليمية " مستند"    جموع غفيرة بجنازة الشيخ سعد البريك .. و"القثردي" يطوى بعد قتله إهمالا بالسجن    وزير وفنان وطالب :مناقشات جادة عن التعليم والهوية فى «صالون القادة»    نائب وزير السياحة والآثار تترأس الاجتماع الخامس كبار المسؤولين بمنظمة الثمانية    العالم بعد منتصف الليل.. سلسلة انفجارات تهز حلب.. وقصف خان يونس (فيديو)    رابط النماذج الاسترشادية لامتحان الرياضيات التطبيقية لطلاب الثانوية العامة 2025    مصرع طالب في حادث مروري بقنا    شريف فتحي يقيم مأدبة عشاء على شرف وزراء سياحة دول D-8 بالمتحف المصري الكبير    محافظ الغربية: لا تهاون في مخالفات البناء.. واستعدادات شاملة لعيد الأضحى    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    سفيرة الاتحاد الأوروبى بمهرجان أسوان لأفلام المرأة: سعاد حسنى نموذج ملهم    سعر الخوخ والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025    "كتب روشتة خارجية".. مجازاة طبيب وتمريض مستشفى أبو كبير    احترس من حصر البول طويلاً.. 9 أسباب شائعة لالتهاب المسالك البولية    10 حيل ذكية، تهدي أعصاب ست البيت قبل النوم    رنا رئيس تتألق في زفاف أسطوري بالقاهرة.. من مصمم فستان الفرح؟ (صور)    4 أبراج «ما بتتخلّاش عنك».. سند حقيقي في الشدة (هل تراهم في حياتك؟)    وكيله: عقد عطية الله مع الأهلي ينتهي بنهاية المونديال.. ولدينا عروض عربية    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالجيزة (صور)    "كاميرا وروح" معرض تصوير فوتوغرافي لطلاب "إعلام بني سويف"    على مساحة 500 فدان.. وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي ل "حدائق تلال الفسطاط"    تطور جديد في أزمة ابن حسام عاشور.. المدرس يقلب الموازين    جاي في حادثة.. أول جراحة حوض طارئة معقدة بمستشفى بركة السبع (صور)    هل ارتداء القفازات كفاية؟.. في يومها العالمي 5 خرافات عن غسل اليدين    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية الفئة المحظورة داخل «الجماعة المحظورة»
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 02 - 2013

عن غياب روح الإصلاح والتجديد التى أسس لها حسن البنا عند إنشائه جماعة الإخوان المسلمين فى عشرينيات القرن الماضى وطغيان فكر خيرت الشاطر القائم على الحفاظ على نواة الجماعة الصلبة على حساب تطويرها، بما فى ذلك التطوير المرجو من الأقربين بل الموجودين أحيانا فى مكتب الإرشاد مثل عبدالمنعم أبوالفتوح «أيقونة الإصلاح فى جماعة الإخوان المسلمين»، يتحدث هيثم أبوخليل.

يروى أبو خليل الإخوانى، الذى يصف نفسه بالإصلاحى، ومن خلال وثائق تطالب بالإصلاح، بعضها له صفة الرسائل الموجهة لمكتب إرشاد الجماعة من أعضاء ينتسب بعضهم لمجلس شورى الجماعة، قصة نضال الإصلاحيين من أجل أن تظل الجماعة أمينة على فكرة مؤسسها القائمة على نشر الدعوة والتواصل المجتمعى والارتقاء المتواكب مع التغيير.

مهديًا كتابه إلى «شباب وبنات الإخوان المسلمين» كونهم «الأمل الذى نعول عليه كثيرًا فى إحداث الإصلاح والتطوير والمراجعات التى تليق بجماعة مثل جماعة الإخوان المسلمين» يعترف أبوخليل، كما يعترف كل من كمال الهلباوى ومختار نوح، القياديين السابقين بجماعة الإخوان واللذين يقدمان للكتاب، بأن محاولات الإصلاح ليست كما يبدو للعيان من عمل شباب إخوان اليوم هؤلاء الذين استخاروا قلوبهم قبل قيادتهم فقرروا الالتحاق المبكر بثورة الخامس والعشرين من يناير بينما القيادات بين مترددة وبين متحاورة مع نظام تطالب الثورة بذهابه بل الإصلاح، كما يحدثنا عنه أبوخليل، دعوة بدأت فى ثمانينيات القرن الماضى وتراجعت قليلًا مع إحكام القيادة السيطرة على القاعدة وعلى القيادات المعارضة للتصلب. وبسبب ذلك كان ما كان من استقالات من الجماعة والطرد منها بعد أن تزعزعت أسباب الثقة بين الأفراد والقيادة التى هى الأساس المتين لمبدأ السمع والطاعة الحاكم لجماعة الإخوان، خصوصا أن الطاعة، كما يصر أبوخليل، كان ينبغى دوما، بل حسب ما يؤطر له البنا نفسه، أن تكون طاعة مبصرة، وهو الأمر الذى أصبح حتميًّا خصوصا بعد ثورة يناير.

وما بين دعوات الإصلاح والعودة لنهج البنا التى أطلقها محمد الطحاوى وآخرون قبل 25 عاما فى إطار مطالبات بإبعاد الدعوة عن صياغات التشدد التى تجافى «الوسطية»، وبين دعوات أخرى معاصرة جاءت مع ما يصفه ابوخليل ب«الاستفتاء المهزلة داخل الإخوان المسلمين» حول انتخاب من يحل محل مهدى عاكف المرشد السابق على المرشد الحالى محمد بديع نزولًا عند رغبة الأول بأن يذهب، وما صاحب ذلك من تغيرات فى عضوية مكتب الإرشاد، يقدم كتاب أبوخليل نصوصا تحدد أوجه إنزعاج الإصلاحيين من مسار الجماعة، خصوصا فى مرحلة ما بعد عمر التلمسانى، المرشد الثالث للإخوان المسلمين والذى جاءت وفاته مع تقديم محمد الطحاوى لمقترحاته فى الإصلاح إيمانا بضرورة ممارسة النقد الذاتى لحماية المسار، خصوصا أنه قد استقر رأى العدد المتزايد من الإصلاحيين على أن قيادة الجماعة قد تحولت إلى ممارسة «نوع من البابوية والإمامية»، إذ أصبحت تطالب بالطاعة دون تقديم الدليل، وتحول النتظيم إلى وعاء يسعى القائمون عليه إلى تعبئة الجماهير من داخله دون جعله أداة لقيادة الجماهير، فى ظل حالة من التناقض المغلوط بين الدين كمقدس وبين التنظيم كجهد بشرى يمكن انتقاده.

وفيما يمثل هامشًا يتفق وولع المقارنة بين التجربتين المصرية والتونسية، يشير أبوخليل فى صدر كتابه إلى الفارق بين دعوة مصطفى مشهور خامس مرشد فى تاريخ الجماعة، وبين قراءة التونسى راشد الغنوشى فى حديث الحفاظ على مد الدعوة، فينقل لنا عن الأول ما يفيد أنه يريد أن تتوالى الاجيال فى النقل عن بعضها البعض بما يرقى إلى النقل الحرفى، بينما الثانى يلح ويصر على تأكيد ضرورة سعى الأجيال المتتالية لتحقيق التطوير كون «الزمن فى حركة مستمرة ومتواصلة وما من سبيل لخلود الإسلام إلا بهذا التجديد المستمر».

التجديد المستمر داخل جماعة الإخوان المسلمين الذى يربو عمرها على 80 عامًا اعترضته جهود حثيثة يصفها أبوخليل أحيانا بالتآمرية دون استخدام اللفظ لإحكام سيطرة التفكير المتشدد على مفاصل الجماعة من خلال العمل السرى. المشهد الأهم فى رواية الإصلاح داخل جماعة الإخوان المسلمين بحسب كتاب أبوخليل يبدو فى تلك اللحظة المفصلية غير البعيدة فى عام 2007 عند صدور أولى الوثائق الرسمية عن الجماعة التى مثلت الموقف السياسى المكتوب من الجماعة إزاء جملة من القضايا الحالية، فكان الخلاف الصدام أحيانًا بين المتشددين والإصلاحيين حول الموقف من الأقباط والنساء، حيث وجد الآخرون أن ما جاء فى الوثيقة متناقض مع فهم الدعوة التى أسس لها البنا، ومجاف لما يتعايش به المجتمع وما يؤسس له صحيح الدين. ومجاهرة الإصلاحيين من داخل الجماعة برفض ما جاء من تشدد فى وثيقة 2007 كان بداية النقد المعلن من أبناء الجماعة، وانصراف بعضهم عنها طواعية أو كرها، وصولا إلى ما يضمنه أبى خليل فى كتابه من وثيقة كان قد تم إعدادها لتصدر عن مؤتمر الإخوان الإصلاحيين فى فبراير 2011 لولا أن قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير.

الأسس الحاكمة لكتيب الإصلاحيين الذى لم ينشر فى حينه، وتجاوزته ربما الأحداث مع ما تلا الثورة من انفصال أبوالفتوح وتأسيسه لحركة سياسية جامعة وواعدة فى وجه الجمود والتكلس الذى أصاب الإخوان، هى بالذات ما نادى به أبوالفتوح وغيره من أبناء جيل السبعينيات والثمانينيات من داخل الجماعة بحسب وثائق أبو خليل. فنقرأ فى هذه الوثائق التأكيد على حتمية قبول الاختلاف وضرورة تواجد آليات لاستيعاب هذا الاختلاف بصورة تفاعلية تجعل من المشاركة فعلًا حيويًا وليس مجرد تواجد فى الهيكل التنظيمى للإخوان المسلمين. ونقرأ أيضا أن لا قداسة للأفراد وأهمية الشفافية وإنهاء حالة سيادة مكتب الإرشاد ومراجعة ما يثار حول وجود تجاوزات مالية وتحول بعض القيادات الإخوانية لتحقيق المنفعة الشخصية على حساب مصلحة الجماعة بل والتباين فى تقديم السياسة على الدعوة حسب رأى أو مصلحة هذه القيادة أو تلك.

وكتيب الإخوان الذى كان من المقرر أن يصدر فى فبراير 2011 والذى مازال صداه يتردد فى حديث من ذهب ومن بقى، طالب بإصلاح اللائحة الادارية، وخصوصا ما يتعلق بانتخاب مكتب الارشاد أو عضوية مجلس الشورى أو غير ذلك من المناصب داخل الجماعة أو خارجها، بحيث لا تتكرر تجربة تولى محمد مرسى مسئوليات خيرت الشاطر لدى ذهاب الأخير للسجن، لمجرد أن الشاطر كان راضيا عن مرسى بحسب ما يقول أبو خليل عوضا عن النائب الأول لمرشد الجماعة فى حينه محمد حبيب، وهو أيضا من المنصرفين عن الجماعة والناقدين لما آل إليه حالها.

كتاب أبى خليل، وهو واحد من العناوين العديدة التى صدرت مؤخرا فى نقد تجربة الإخوان المسلمين، يطرح كثيرا من التفاصيل حول التنازع داخل مكتب الإرشاد ومجلس شورى الإخوان، بل أيضا داخل تجمع «إخوان أون لاين» وعلى هامش مخاطبات طالت وتطورت أحيانا لتصبح «تفاهمات» بين الإخوان ونظام مبارك، وذلك قبل القبض على المتهمين فى القضية المعروفة إعلاميا بقضية «سلسبيل»، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من وضع يدها على خطة «التمكين» التى كان يعمل عليها الشاطر.

الصفحات الأكثر اثارة للجدل ربما فى هذا الكتاب هى تلك التى يخصصها المؤلف للرجل الثانى فى التنظيم، والأقوى فعليا، خيرت الشاطر «المفترى عليه والمفترى علينا»، والذى يقال إنه من يقف بالمرصاد لكل حملة رايات الإصلاح، ويدعم بلا حدود كل من يدينون له بالولاء. والشاطر الذى أصبح من كبار أثرياء مصر والذى بدأ يساريا فصار من أشد الإسلاميين تشددا، وصاحب الطموح اللامتناهى والبراجماتى لأبعد الدرجات، الذى دخل سجون النظام فى عهود ناصر والسادات ومبارك، هو «زعيم الصدفة» بحسب ما يروى أبو خليل.

كتاب أبو خليل كتاب يستحق القراءة فى وقت اصبح فيه الحديث صريحا ومباشرا ليس فقط عن انشقاق الإصلاحيين داخل الجماعة التى وصلت لسدة الحكم، بل عن سعى المنشقين لتشكيل إطار بديل كرديف لحزب مصر القوية الذى يتزعمه أبوالفتوح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.