أصابت الأزمة الاقتصادية العالمية (1929- 1933م)، والتى تأثرت بها مصر، جميع طبقات الشعب، وساد الكساد قطاعات الاقتصاد المختلفة، وانعكس ذلك جليا على الإعلانات المنشورة فى الصحف. حيث اهتمت المحلات التجارية المصرية فى إعلاناتها بالتأكيد على رخص الأسعار ومنافسة المنتجات الأجنبية وتقديم تخفيضات، كما اهتمت المحلات الأجنبية بتقديم تخفيضات، حسبما تشير الباحثة سحر حسن فى كتابها (مصر فى ظل الكساد الكبير: دراسة للأزمة الاقتصادية العالمية وأثرها على مصر (1929- 1933)، القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، 2010م). نشرت صحيفة (الفلاح المصرى) 28 ديسمبر 1930م، إعلانا لمحلات الفرنوانى جاء فيه «أين تجدوا ملابسكم الشتوية؟ بأرخص الأسعار حقيقة بمحلات الفرنوانى بميدان الموسكى لصاحبيها محمد وحافظ الفرنوانى وهى التى تغنيك عن جميع المحلات الأجنبية لما فيها من أرخص وأمتن الأصناف من بطانيات وفانلات وشرابات وشيلان صوف وبلاطى رجالى وحريمى وجاكتات وجوانيتات وقمصان وأصواف وحراير وكرافتات ومناديل لينو شغل يد بأسعار لا يمكن مزاحمتها».
ونشرت صحيفة (الأهرام) إعلانا لأحد محلات المنى فاتورة جاء فيه «الحل الوحيد لمقاومة الأزمة الحالية. إن الحل الوحيد إنما يتم بالاقتصاد فى المصروفات ومشترى الجيد المتين بأسعار معتدلة».
ونشرت صحيفتا (المقطم) 1 يونيو 1932م، و(البلاغ) 5 يونيو 1932م، إعلانا لمحلات السيوفى، جاء فيه «أسعار جديدة لمحاربة الأزمة. تخفيض مدهش فى جميع البضائع.. حتى البفتة! لمدة 10 أيام فقط ابتداء من يوم الأربعاء أول يونيو. أصواف حراير بياضات. أقمشة للبدل سجاجيد. لا تفوت هذه الفرصة النادرة».
وتقول سحر حسن إن بعض المحلات كانت تهتم بشريحة من شرائح المجتمع المصرى، وهو ما انعكس على إعلاناتها. ومن ذلك مثلا محلات فرازلى بميدان الأوبرا حيث أعلنت فى صحيفة (المقطم)، 15 يناير 1933م، قائلة إنه وصلت لها «أصواف البدل والبلطوهات الجديدة الفاخرة فرع خصوصى لمحلنا بلندن لتوريد أحدث الأقمشة الممتازة بأسعار تتفق مع الحالة الحاضرة رخص حقيقى اطلبوا أقمشة بدلكم من ماركة ريل تكس الإنجليزية المشهور بجودة أقمشتها».
وقدمت محلات شملا ثلاثة تخفيضات خلال أقل من ثمانية شهور إبان عام 1931م حين وصل الكساد ذروته، ومن ذلك مثلا أنها نشرت إعلانا فى صحيفة (المقطم) 5 يونيو 1932م جاء فيه «ابتداء من يوم الاثنين 16 يونيو 1932 والأيام التالية 75 صنفًا للتضحية. فرصة استثنائية. بيان بعض الأثمان». وأعلنت فى صحيفة (الأهرام)، 19 مارس 1932م، عن «فرصة عظيمة أسعار مدهشة جدا. شاهدوا معروضاتنا وقارنوا أسعارنا»، ونشرت صورة بعض المنتجات وإلى جانبها السعر.
ونشرت محلات شيكوريل إعلانات، قليلة العدد مقارنة بإعلانات محلات شملا، حيث نشرت إعلانا واحدا فى صحيفة (الأهرام) بالتخفيض سنة 1930م بمناسبة عيد الأضحى. ونشرت إعلانا فى (المقطم)، 5 فبراير 1932م، عن الطرابيش قالت فيه «كم هى المزايا التى لأجلها يفضل جميع زبائننا طرابيشهم من محلاتنا»، موضحة أنها أبقت على الأسعار كما هى قبل هبوط الجنيه والذى تسبب فى ارتفاع أسعار الفاوريقة.
كما نشرت إعلانا آخر فى (الأهرام)، 25 يونيو 1932م، فيه المنتج إلى جانب السعر، مما يعكس تطور أسلوب الإعلان شكلا ومضمونا. وقدمت محلات باتا إعلانا بنفس الأسلوب فى صحيفة (البلاغ) 8 أبريل 1932م.
واهتمت بعض المحلات بنشر إعلانات تدعو المصريين لتشجيع وتنشيط الصناعة المصرية الوطنية، ومن ذلك مثلا شركة الملابس المصرية التى أعلنت فى صحيفة (الجريدة التجارية)، 18 سبتمبر 1931م، تقول «شركة الملابس المصرية. رءوس أموال مصرية. عمال مصريون. لمناسبة افتتاح المدارس ومراعاة للحالة الحاضرة قد خفضت الشركة جميع أسعار معروضاتها من ملابس الشبان والأولاد والبنات والأدوات المدرسية تخفيضا كبيرا يفوق كل منافسة ومزاحمة فضلا عن جودة مصنوعاتها وجمال صقلها وسلامة ذوقها. نصيحة وطنية قبل شراء لوازمكم زوروا محلاتها بالقاهرة بشارع البوسته بميدان أزبك - وبالإسكندرية بميدان محمد على».
وقدم محل أحمد المصرى فى صحيفة (البلاغ)، 4 يونيو 1932م، «أوكازيون» مراعاة للحالة الحاضرة تحت مسمى «الوطنى الوحيد».
ونشرت شركة مصر لغزل ونسج القطن إعلانا فى صحيفة (الأهرام) 6 مارس 1933م، قالت فيه «القطن المصرى البديع يشبه الحرير بتيلته الجميلة المتينة الزاهية كان يغزل وينسج فى الخارج ويباع فى مصر بأثمان باهظة والآن بفضل شركة مصر لغزل ونسج القطن أصبح فى إمكان كل مصرى شراء ما يحتاجه من أقمشة قطنية مصرية متينة من الدبلان المصرى والمفتخر والفلاح المصرى والأقمشة الملونة والكستور والبفتة الخام وغيرها من المصنوعات بأسعار لم تعرف من قبل. تشجيع المصنوعات المصرية واجب محتم على الجميع وهو أساس الاستقلال الاقتصادى».
وقدم محل جروبى الشهير تخفيضا فى أسعاره بمناسبة عيد الفطر، وحسب الباحثة فإن جروبى قد ظل متمسكا لفترة أثناء الأزمة ولم يتأثر بها إلا مؤخرا مما اضطره إلى تخفيض أسعاره، حيث نشر إعلانا فى الصحف آنذاك قال فيه «عيد الفطر هو عيد الملبس والحلويات أهدوا إلى أصدقائكم الحلويات والملبس التى علمتكم تقاليدكم العائلية والودية تبادلها مدى حلول هذه المواسم المباركة وإن شئتم أن تقدموا هدية ممتازة وفاخرة فلا تترددوا فى تكليف محل جروبى قضاء طلباتكم وهو محل لا يضارعه محل آخر فى جودة ما يهيئه من أصناف الفطائر والحلويات ولا تنسوا أن جروبى قد خفض أخيرا أسعاره تخفيضا محسوسا».
واتصلت مسميات بعض الأعمال المسرحية بمناخ الأزمة الاقتصادية، حيث أعلنت فرقة رمسيس المسرحية فى صحف (الأهرام) و(البلاغ) و(المقطم) سنة 1932م، عن عرض مسرحيتها «أولاد الفقراء» تأليف يوسف بك وهبى، وجاء فى الإعلان «فرقة رمسيس بمدينة بورسعيد فى يوم الجمعة 19 فبراير الرواية المصرية المحبوبة أولا الفقراء تأليف وتمثيل الأستاذ يوسف وهبى».
تقول سحر حسن إنه «لم تسلم المدارس من حالة الركود السائد فى البلاد، حتى إنه نتيجة لذلك اتجهت المدارس للإعلان، فنجد مدرسة كلية مصطفى كامل تعلن فى سنة 1931 عن تخفيض المصروفات الدراسية مراعاة للحالة الحاضرة»، حيث نشرت المدرسة إعلانا فى صحيفة (الدفاع الوطنى) 28 سبتمبر 1931م جاء فيه «كلية مصطفى كامل بشارع أمير الجيوش البرانى بالجمالية ابتدائى روضة أطفال بنين بنات. تقدم طلبات الالتحاق لإدارة المدرسة من الآن على استمارة تصرف منها لجميع السنين. وقد قررت الإدارة تخفيض المصروفات مراعاة للحالة الحاضرة. وستبدأ الدراسة بمشيئة الله يوم السبت 3 أكتوبر سنة 1931».
وقدمت جريدة (المقطم)، لمؤسسيها فارس نمر ويعقوب صروف وشاهين مكاريوس، فى 27 يناير 1933م، تخفيضا فى الاشتراك السنوى لها، فمن الواضح أن الصحف لم تسلم بدورها من تأثير الأزمة الاقتصادية.
نشرت (المقطم) تقول «هدية رأس السنة تخفيض فى اشتراك المقطم من 170 إلى 140 قرشا مراعاة للحالة الحاضرة. تتشرف إدارة المقطم بإفادة حضرات قرائها ومشتركيها الكرام أنها ابتهاجا برأس السنة (الأفرنكية) ومراعاة للحالة الحاضرة قررت أن يكون الاشتراك فى المقطم بعد يوم 31 ديسمبر سنة 1932 140 قرشا فى السنة بدلا من 170 قرشا بشرط أن تدفع مقدما. ولكن لا يستفيد بهذا الامتياز من حضرات المشتركين المتأخرين فى حساب اشتراكهم إلا من يبادر بتسديد المتأخر عليه بتمامه فيجدد اشتراكه بعد ذلك بمبلغ 140 قرشا».