برواتب تصل ل25 ألف جنيه.. وزارة العمل تُعلن عن فرص ب«محطة الضبعة النووية» (تفاصيل)    160 دولة تشارك في الحدث.. تفاصيل ملف المتطوعين بالمنتدى الحضري العالمي    محافظ المنيا يتفقد مصانع المنطقة الصناعية.. ويؤكد: فخور بكل منتج مصري ينافس العالمي    وزير الداخلية اللبناني: نعيش ظروفا دقيقة وخطيرة بسبب الاعتداءات الإسرائيلية    في اليوم العالمي للسلام.. جوتيريش: مسلسل البؤس الإنساني يجب أن يتوقف    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    النني يقود تشكيل الجزيرة أمام الشارقة في الدوري الإماراتي    تعرف على تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة المصري والهلال الليبي    هانسي فليك يفتح النار على الاتحاد الأوروبي    السيطرة على حريق بأرض زراعية في العصافرة شرقي الإسكندرية    تقرير نهائي خلال يومين.. وزير الصحة يكشف مستجدات أوضاع المصابين في أسوان    إصابة 6 من أسرة واحدة بنزلة معوية بالفيوم    ماريان خوري وماجي مرجان ضيفتا ندوة «السينما والعائلة» في معهد جوته بالقاهرة    بسبب ضميره.. قصة مسلسل تنازل فيه الفنان محمود مرسي عن 1000 جنيه من أجره    «أسترازينيكا» تستثمر 50 مليون دولار لزيادة إنتاجها في مصر    رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يدين قصف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين في غزة    ب1.76 مليار يورو.. «التخطيط» تبحث مع «الفرنسية للتنمية» استراتيجية تمويل المشروعات بمصر    نقيب المهندسين: ملتقى الابتكارات ومشروعات التخرج 2024 بادرة طيبة لدعم المتفوقين    منتدى شباب العالم يشارك في «قمة المستقبل» بنيويورك بعد حصوله على اعتماد خاص لتعزيز دول الشباب في القضايا الدولية    أنغام تُشغل حفل البحرين.. والجمهور يعلق: «أنتِ صوت الطرب العربي وكوكب الشرق والكون كله»    محافظ المنوفية يتابع الموقف النهائي لملف تقنين أراضي أملاك الدولة    وزير الصحة يؤكد حرص مصر على التعاون مع الهند في مجال تقنيات إنتاج اللقاحات والأمصال والأدوية والأجهزة الطبية    وزير الكهرباء يبحث التعاون مع «CSGI» الصينية بمجالات خفض الفقد والبطاريات المتنقلة    عمرو الفقي يوجه التحية لصناع مسلسل برغم القانون    بعد 182 مليار جنيه في 2023.. برلماني: فرص استثمارية بالبحر الأحمر ونمو بالقطاع السياحي    تلاميذ في البحيرة يرفضون الذهاب إلى مدرستهم في أول أيام الدراسة.. ما القصة؟    مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق فعالية اتعلم اتنور (صور)    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    إخلاء سبيل المفصول من الطريقة التيجانية المتهم بالتحرش بسيدة بكفالة مالية    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج بتنهي أي خلاف ولا تدعو للتطرف أو التعصب    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوى الهمم بمنازلهم فى الشرقية    أم تحضر مع ابنتها بنفس مدرستها بكفر الشيخ بعد تخرجها منها ب21 سنة    استشهاد 5 عاملين بوزارة الصحة الفلسطينية وإصابة آخرين في قطاع غزة    ضبط مدير مطبعة بالقاهرة بداخلها مطبوعات بدون تفويض أصحابها    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    ميدو يوجه رسالة خاصة لجماهير الزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الإفريقي    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    رواتب تصل ل25 ألف جنيه.. فرص عمل في مشروع محطة الضبعة النووية - رابط التقديم    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    وزير الشئون الاجتماعية اللبناني: التفجيرات الإسرائيلية الأخيرة غير مسبوقة وتتطلب تكاتف جهود الجميع    تحرير 458 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 1421 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لكى لا تفقد «جبهة الإنقاذ» المعنى
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 02 - 2013

مثل تشكيل «جبهة الإنقاذ» لحظة تفاؤل استثنائية فى مسار الثورة. فالجبهة نشأت فى لحظة فوران شعبى على خلفية أزمة الإعلان الدستورى، فلبت مطلب «توحيد المعارضة»، وبدت للوهلة الأولى كيانا قادرا على مواجهة الماكينة الانتخابية القوية للإخوان المسلمين.

لم يخل التفاؤل بميلاد الجبهة من مبالغات، غير أن أحدا، مهما بلغت «واقعيته»، لم يتوقع أن تنتقل الجبهة بهذه السرعة من إعلان عن تجديد شباب الثورة، إلى مظهر إضافى من مظاهر الأزمة المصرية.

فعجز الجبهة عن توثيق ما أعلنه قادتها من تزوير فى الاستفتاء على الدستور، اضطرها للتعامل مع نتائج الاستفتاء كأمر واقع لا مفر من قبوله، ثم إن استراتيجيتها فى إدارة معركة الاستفتاء، عكست انفصالا واضحا بين خطاب قادتها، الذى ركز على قضايا الحقوق والحريات الشخصية، وأولويات التحركات الجماهيرية الصاخبة (المعنية أساسا بقضيتى الأجر وإعادة هيكلة جهاز الأمن).

•••

فضلت «جبهة الإنقاذ» إذن، أن تخوض الصراع على الدستور على أرضية «الحريات والحقوق الشخصية» وليس على أساس أولويات الحراك الجماهيرى. فماذا كانت النتيجة؟ انخفاض حاد فى نسبة المشاركة فى الاستفتاء (أقل من ثلث الناخبين) رغم وصول الحراك الجماهيرى فى الشارع وأماكن العمل ما يسميه إعلام السلطة بالفوضى والتحركات الفئوية إلى ذرى غير مسبوقة. ثم تكرر هذا الانفصال بين التحركات «الفئوية» ضد قرارات رفع الأسعار، وغياب أى بيان صادر عن الجبهة حول هذه القرارات.

هذا الانفصال يطرح بطبيعة الحال أسئلة عديدة حول مبرر وجود الجبهة، وقدرتها على التعبير عن الحراك المعارض ومطالبه.

وهنا تكمن الأزمة العميقة التى تعيشها مصر. فنتائج الاستفتاء على الدستور، وحجم الاحتجاجات المستمرة إلى اليوم، توضحان بجلاء أن السلطة تواجه تآكلا فى شرعيتها وقاعدة تأييدها، وأن هناك طلبا شعبيا متزايدا على بديل سياسى لها.

ورغم أن بعض قادة جبهة الإنقاذ، خصوصا حمدين صباحى ومحمد البرادعى، لديهم رصيد كبير فى الشارع المعارض، فإن «جبهة الإنقاذ» تظل عاجزة عن طرح نفسها كبديل قادر على ملء «فراغ الشرعية». لماذا عجزت الجبهة عن طرح هذا البديل؟

المسألة فى حقيقة الأمر أكبر من مجرد أخطاء فى التقدير أو تكتيكات المناورة السياسية أثناء أزمة الدستور وبعدها. المشكلة تكمن فى تركيبة «جبهة الإنقاذ» نفسها.

فالجبهة التى نشأت بشكل متعجل، وعلى وقع أزمة الإعلان الدستورى المحتدمة، لا تعدو أن تكون ائتلافا بين أطراف تجمع على رفض سلطة الإخوان، ولكنها تختلف حول طبيعة البديل الذى يمكن طرحه فى مواجهة هذه السلطة.

لهذا، عجزت الجبهة عن اتخاذ مواقف موحدة تجاه قضايا تمس بشكل مباشر حياة المصريين (رفع الأسعار، أو مشروع الاتفاق مع صندوق النقد). لم تكن المشكلة هنا قضية «سهو». فعدم صدور مواقف موحدة تجاه هذه القضايا سببه عدم وجود توافق حولها داخل الجبهة.

فما الذى يجمع مثلا بين موقف التيار الشعبى أو التحالف الاشتراكى تجاه هذه القضايا مع موقف حزب المصريين الأحرار؟ أو حتى مع مواقف أجنحة داخل كل من حزبى الدستور والمصرى الديمقراطى الاجتماعى لا تعارض رؤية الحكومة لهذه الملفات؟

ومن بين أهداف الثورة (العيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية)، هل يكفى التوافق على قضية الحرية ومطلب إعادة هيكلة الداخلية لبناء بديل سياسى له معنى؟

•••

المعضلة المصرية واضحة. الشارع مستاء من السلطة وبحاجة لبديل، و«الجبهة» بصيغتها الحالية لا تمثل بديلا. والبديل لا يمكن أن يظهر إلا كنتيجة لنشوء نواة سياسية متماسكة ذات برنامج موحد، تنسق مع سائر أطراف المعارضة انتخابيا (بإخلاء الدوائر، والدعم المتبادل لمرشحين)، ولكنها لا تلزم نفسها بإطار مؤسسى جامد مع أطراف تتناقض معها فى برنامجها وأولوياتها، فتكون النتيجة عجزا عن طرح رؤية بديلة لما تقدمه السلطة. ولكن، كيف تنشأ هذه النواة؟

من الناحية العملية، هناك بديلان ممكنان:

الأول: هو نشوء تحالف لأحزاب «يمين الوسط» فى الجبهة، يضم أحزاب الدستور والمصريين الأحرار والمصرى الديمقراطى الاجتماعى والعدل. يمكن بسهولة أن يتوافق هذا التحالف على برنامج «ليبرالى مرشد» إن صح التعبير، فيعدل مثلا قانون الضرائب العقارية (الذى كان التغيير الأساسى الذى دخل عليه فى طبعته الإخوانية مقارنة بمشروع يوسف بطرس غالى هو زيادة حد الإعفاءات، أى المزيد من الانحياز للأغنياء!!)، ويتبنى ضرائب تصاعدية، وتطبيقا فوريا للحد الأدنى للأجور، مقابل الإبقاء على مشروع الاتفاق مع صندوق النقد الدولى بدون تعديل، وكذلك على دعم الطاقة لكبار المستثمرين.

نقطة قوة هذا البديل تتمثل فى أن له قيادة طبيعية محل توافق، هى محمد البرادعى (الأب الشرعى لأحزاب هذا التحالف، التى نشأ أغلبها كرد فعل لتأخر البرادعى فى إنشاء حزب سياسى بعد الثورة). أما نقطة ضعفه، فتتمثل فى أن الاختلافات بين برنامجه وبرنامج السلطة ليست جذرية بالشكل الذى يتناسب مع حالة الفوران الجماهيرى، الأمر الذى قد يعوق قدرته على جذب جموع الغاضبين.

أما البديل الثانى، فهو نشوء تحالف «ليسار الوسط» داخل الجبهة، يضم أحزاب المصرى الاجتماعى والدستور مع التيار الشعبى والتحالف الاشتراكى. وعندئذ سيكون برنامج هذا التحالف أكثر جذرية، من خلال طرح قضايا إضافية مثل برنامج للتأمين الصحى وخطة إنفاق عام توسعى لإنعاش الاقتصاد، ومواجهة عجز الموازنة من خلال إلغاء دعم الأغنياء (مثال: دعم الطاقة الموجه لصناعات تحقق أرباحا تزيد على 60%) ووضع حد أقصى للأجور وضريبة على الثروات المالية والعقارية.. إلخ.

لهذا البديل نقطتا قوة، الأولى هى جمعه بين زعامتين جماهيريتين للمعارضة (البرادعى وصباحى)، والثانية هى أن برنامجه سيكون أكثر تعبيرا عن مطالب العدالة الاجتماعية، ومن ثم يفترض أن يكون أكثر قدرة على جذب الشرائح التى بدأت فى التحرك فى الشوارع وميادين العمل وتجاهل صناديق الانتخاب.

أما نقطة ضعف هذا البديل فتتمثل فيما سيسببه من أزمات داخل حزبى الدستور والمصرى الديمقراطى الاجتماعى، المنقسمين بين أجنحة تختلف اختلافات واسعة على تطبيقات العدالة الاجتماعية، مما قد يعوق قدرة هذين الحزبين على حسم خيارهما نحو تحالف وبرنامج أكثر جذرية فى التعبير عن مطالب الثورة.

•••

قد يثير هذا الحديث حول ضرورة نشوء نواة صلبة من رحم الجبهة تخوفا لدى البعض من تفتيت «وحدة المعارضة». غير أنه تخوف بلا أساس، وذلك لسببين:

أولا: أن مسألة خوض المعارضة الانتخاب بقائمتين هى مسألة مطروحة بالفعل وأعلنتها قيادات جبهة الإنقاذ. وهى لن تؤثر حسابيا على نصيب المعارضة فى انتخابات القائمة، بعكس الانتخابات الفردية التى يؤدى تعدد مرشحى المعارضة فيها لتفتيت الأصوات. فهل الأفضل أن تنشأ القائمتان على خلفية برامج سياسية متماسكة وتحالفات متجانسة، أم لمجرد «تسكين مرشحين» يصرون على أن يكونوا على «رأس القوائم»؟

أليس الأفضل أن تنشأ قائمتان أكثر تجانسا من رحم الجبهة، تقومان بالتنسيق السياسى فى ملفات الحقوق الشخصية وإعادة هيكلة الأمن.. إلخ، وتتمايزان فى البرامج الاقتصادية، بشرط التنسيق الكامل بينهما فى الانتخابات الفردية (أى أن يكون هناك مرشح واحد للمعارضة فى كل دائرة فردية، وهذا أمر ممكن الاتفاق عليه بدون الحاجة لانضواء الجميع تحت هيكل مؤسسى واحد)؟

ثانيا: أن استمرار ما نراه حاليا من «وحدة شكلية» للمعارضة، سيبقى المعارضة أسيرة إطار فضفاض يتفق على معارضة السلطة وبعض قضايا الحريات، ويختلف على كل شىء آخر. وبديهى أن هذه «الوحدة الشكلية» لا يمكن أن تنتج بديلا قادرا على تعبئة الكتلة الغاطسة (ثلثى الناخبين المسجلين) التى لم تشارك فى الانتخابات، والتى ستكون مشاركتها مفتاح حسم نتيجة الانتخابات البرلمانية.

الإصرار على الوحدة الشكلية يجعل جبهة الإنقاذ لافتة بلا معنى. أما نشوء نواة صلبة للمعارضة، فهو السبيل الوحيد لإنقاذ «جبهة الإنقاذ»، وتجنيب الوطن مخاطر الفوضى التى ستستمر طالما استمر شعور قطاعات واسعة من الجماهير بأن أولوياتها غائبة عن سياسات السلطة وبرامج المعارضة.



كاتب مصرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.