بينما تسعى الحكومة المصرية لإعادة صياغة البرنامج الاقتصادى الذى ستقدمه لصندوق النقد الدولى، للحصول على قرض ب 4.8 مليار دولار، وسط انتقادات من المعارضة التى اعتبرته يزيد من اعباء المواطنين، فإن الصندوق أفرد فى تقريره « التمويل والتنمية « فصلا كاملا عن قلق الخبراء من ارتفاع مستويات عدم المساواة فى الدول النامية، مطالبا بتطبيق سياسات أكثر فاعلية فى مجال اعادة توزيع الثروة. تحت عنوان « توزيعا عادلا » قدم صندوق النقد دراسة مستفيضة عن دور الانفاق الحكومى وسياسات الضرائب، فى تقليل معدلات عدم المساواة فى الدول النامية، التى ارتفعت خلال العقدين الماضيين، وكان ذلك «دافعا مهما للأزمة المالية»، وفقا لتلك الدراسة التى شارك فى اعدادها مسئولون بإدارة الشئون المالية فى الصندوق.
ويستحوذ أعلى 20% دخلا فى مصر على نحو 40% من اجمالى الدخول، بحسب بيانات البنك الدولى. « لقد ساهمت السياسات المالية بدور كبير فى تقليل مستويات عدم المساواة فى الاقتصادات المتقدمة، بينما قامت تلك السياسات بمجهود أقل فى الاقتصادات النامية وفقا للتقرير.
ووجه التقرير نقدا إلى الاصلاحات الاقتصادية التى تم تطبيقها خلال منتصف التسعينيات وتسببت فى « تخفيض الامتيازات الاجتماعية خاصة المتعلقة بالبطالة والتحويلات الاجتماعية وايضا تقليل نسب الضرائب على الشرائح الأعلى من الدخل».
وكانت مصر قد بدأت برنامجا للإصلاح الاقتصادى فى مطلع التسعينيات مع صندوق النقد والبنك الدوليين، وعلى مدار العقدين الماضيين ظل مؤشر عدم المساواة فى مصر يتراوح بين 30% إلى 32%.
وحث التقرير الدول النامية على ان تزيد من الايرادات التى تحصلها من خلال الضرائب لكى توجهها إلى مجالات الانفاق الاجتماعى، مشيرا إلى أن ضرائب الدخل احدى الادوات المحورية لتحسين عملية اعادة توزيع الدخول «نسبة ايرادات الضرائب من الناتج الاجمالى فى الاقتصادات المتقدمة تصل فى المتوسط إلى 35%، ولكن فى الدول النامية، باستثناء الاسواق الاوروبية الناشئة، تكون أقل من 15 إلى 20%، وهو ما ينتج عنه انخفاض مستويات الانفاق الحكومى».
وتراوحت ايرادات الضرائب المصرية بين 13% إلى 15% من الناتج الاجمالى، خلال الفترة من 2002 إلى 2010، بحسب بيانات البنك الدولى.
وحذر التقرير من انه فى ظل تداعيات الازمة المالية العالمية ستتجه السياسات الحكومية إلى تخفيض النفقات المالية، الامر الذى يجب أن تصاحبه مراعاة لعدم تدهور مستويات توزيع الدخول داخل المجتمعات، ويرى أنه من الممكن مواجهة تداعيات السياسات التقشفية على الاجل القصير من خلال آليات كإعانة البطالة وتقديم دعم لأجور قطاعات معينة بالإضافة إلى الإنفاق على التدريب، مما يساهم فى رفع معدلات التشغيل وتنشيط النمو الاقتصادى.
كما طالب بتقليل مجالات الاعفاءات والتهرب الضريبى «الذى يفيد الفئات الأعلى دخلا بشكل رئيسى»، معتبرا أن التحدى الذى تواجهه الاقتصاديات النامية بين حاجتها لتوزيع الدخول على نحو أكثر عدالة، وتشجع النمو الاقتصادى ودعم وضعها المالى، يجعل من الافضل تدبير الايرادات من خلال التركيز على توسيع القاعدة الضريبية بدلا من زيادة معدلات الضرائب، والتوسع فى قاعدة الضرائب الاستهلاكية كتطبيق ضريبة القيمة المضافة والتى ينصح بأن تصمم لتجنب الاثار السلبية لضرائب الاستهلاك على توزيع الدخول «مثل اعفاء انشطة المشروعات الصغيرة وتخضيع السلع الرفاهية».