وزيرة التنمية المحلية: انتهاء استعدادات محافظات المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025    مصر تتعاون مع بنك الإمارات دبي الوطني لتمويل التجارة وجذب الاستثمارات الأجنبية    نتنياهو يقر بتوجيه ضربة استهدفت رئيس أركان حزب الله    «إعدام الأسرى الفلسطينيين».. لماذا الآن؟    وزير الخزانة الأمريكي: عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا أثبتت فشلها    رئيس البرازيل يعرب عن قلقه من الوجود العسكري الأمريكي في البحر الكاريبي    تشكيل الزمالك - عودة نبيل عماد وتواجد السعيد على مقاعد البدلاء ضد زيسكو    هل كان السبت الممتاز..حقًا؟    حماية المستهلك: استمرار تشديد الرقابة خلال موسم تخفيضات الجمعة البيضاء    الأجهزة الأمنية بالقليوبية تكثف جهودها لكشف غموض وفاة طفلة 3 سنوات    رفض دعوى وقف برنامج رضوى الشربيني ومنعها من الظهور على التلفزيون    «مسعود شومان»: سيناء كنز إبداعي يحتاج إلى رعاية واستثمار ثقافي واع    استمرار فعاليات التدريب المشترك "ميدوزا -14" بمصر |صور وفيديو    نائبة تدعو المواطنين للمشاركة في انتخابات النواب: صوتك مسئولية وطنية    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري مساء اليوم    محافظ بورسعيد: عمليات على مدار الساعة خلال يومي الانتخابات    أستراليا: الإعصار فينا يتجاوز داروين ويتحرك إلى بحر تيمور    المستشارة أمل عمار تدلي بصوتها في انتخابات مجلس النواب 2025 غدا    شيرين عبد الوهاب: لن أعتزل أنا قوية    مخرج «الحياة بعد سهام» نمير عبد المسيح: صنعت الفيلم لحاجتي الماسة إلى الحكي عن علاقتي بأبي وأمي    الصحة: بنها التخصصي للأطفال ينجح في إنقاذ طفلين من جرح قطعي بالرقبة ومسمار دباسة بالبطن    ضبط سائق ميكروباص خالف الحمولة القانونية بعد تداول فيديو بالفيوم    توقيع بروتوكول تعاون لتجهيز مكتب توثيق الخارجية فى كفر الشيخ    عودة النصر للسيارات.. انطلاقة صناعية جديدة تقودها الربحية والتطوير الشامل    وزير الصحة يبحث جهود توطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية وتطوير الخدمات التشخيصية    الصحة العالمية تكرم الزميلة أمل علام لفوزها بجائزة AMR Media    وصول إسلام كابونجا نقابة الموسيقيين للتحقيق معه.. صور    الجونة يتقدم على الاتحاد السكندري بهدف في الشوط الأول    تأجيل محاكمة 17 متهما بخلية العجوزة    "تصميم وتشييد وتقييم الفاعلية البيولوجية لمشتقات جديدة من البنزايميدازول" رسالة دكتوراه بجامعة بنى سويف    بأمر النائب العام.. متابعة حالة الطفلة حور ضحية التنمر    تشكيل إنتر ميلان ضد ميلان المتوقع في قمة الدوري الإيطالي    لفصل بعضهم.. زامير يستدعي ضباطا كانوا على رأس عملهم ب7 أكتوبر    الإفتاء تكرم المفتين السابقين وأسر الراحلين في احتفالها بمرور 130 عامًا على إنشائها    إنشاء محطة لتموين قاطرات قناة السويس بالغاز الطبيعي المسال    رئيس جامعة أسيوط يهنئ طلاب ذوي الهمم لحصولهم على 22 ميدالية    مركز المناخ بالزراعة يحذر من أمطار تصل لحد السيول يومي الأحد والاثنين    تعرف على غيابات الزمالك في مواجهة زيسكو الزامبي بالكونفدرالية الليلة    الشروط والمستندات.. وظائف مشروع الضبعة النووي برواتب تصل ل45 ألف جنيه    وزارة الصحة: لقاح الأنفلونزا هام لكبار السن لحمايتهم من العدوى    تحصين 94,406 رأس ماشية عبر 1,288 فرقة بيطرية خلال 4 أسابيع بأسيوط    وزير الخارجية يبحث مع رئيس وزراء قطر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    ازدحام غير مسبوق للشاحنات الإنسانية عند معبر رفح وسط استمرار الأزمة بغزة    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    مواجهات مثيرة.. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    نصر: قيمة رعاية الزمالك لا تصل للربع بالنسبة للأهلي    مصطفى كامل: محدش عالج الموسيقيين من جيبه والنقابة كانت منهوبة    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    مركز المناخ يتوقع تقلبات جوية قوية يومى الإثنين والثلاثاء.. وسيول محتملة    «سويلم» يتابع منظومة الري والصرف بالفيوم.. ويوجه بإعداد خطة صيانة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» ترصد حگايات من وراء الشمس

فى قلب الثورة، كانوا بالآلاف شاركوا فى نجاح الثورة وإسقاط النظام، على أمل أن يحصلوا فى يوم من الأيام على العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، معها تحولوا إلى رقم على هامشها وفى دفاتر الموتى، وفى عنابر المستشفيات، وفى كشوف السجون، أو حتى وراء الشمس، لأنهم ليسوا فى تعداد الأحياء ولا كشوف الأموات.

أبو الحسن محمد أحمد عبدالتواب، 21 سنه رقم تاه فى زحام أرقام العد هنا وهناك، وبين زخم الأحداث وعشوائية الاعتقالات، منذ 15 مارس 2011 وحتى هذه اللحظة، وهو مسجل ضمن مفقودى الثورة الذين احتفوا وخلفوا وراءهم نشطاء يتبنون قضيتهم ويرفعون شعار"هنلاقيهم"

أبو الحسن الذى دُون اسمه برقم 15 فى كشوف حملة «هنلاقيهم» للبحث عن مفقودى الثورة، كان قد توجه لمحله بمنطقة رمسيس بالقاهرة فى 15 مارس 2011، بعدما حصل إرادات محله الثانى فى بنها، كان فى جيبه ألفا جنيه، وكان من المفترض أن يعود إلى أهله فى الصعيد، بعد تحصيل إيراد المحلين، حسبما أكد شقيقه، الذى كان آخر من اتصل به فى هذا اليوم.

تابع الأخ الأكبر: «آخر اتصال بيننا كان حوالى الساعة 4 العصر، وفى اليوم التالى اتصلت به لأعرف متى سيأتى إلى البلد وهل حصل الإيرادات ووضعها فى حساب البنك أم لا، كان هاتفه مغلقا، واستمررت فى محاولة الاتصال به طوال اليوم ولكن دون جدوى.

اتصل الأخ الأكبر بالأرقام الأرضية لمحلى بنها ورمسيس على أمل أن يصل لأخيه، إلا أن من ردوا على الهاتف أكدوا أنهم لا يعرفون عنه شيئا منذ البارحة، وأنه لم يذهب أصلا إلى محله فى رمسيس، فاتصل أخوه بأقاربه فى القاهرة املا أن يكون قد توجه لأى منهم لقضاء ساعات الليل، إلا أن الإجابة كانت مخيبة للآمال، فهم أيضا لا يعرفون عنه شيئا.

ففى أول قطار ذهبت إلى مصر لأبحث عنه فى المستشفيات والأقسام ومقار الأمن العام، شعرت إن شيئا ما حدث له ،لكن لم اتمكن من الوصول لشئ ، هكذا استمر شقيق أبوالحسن فى دوامة البحث لمدة 4 أيام لم يهدأ له بال فيها، حتى تمكن من خلال عدة اتصالات مع معارفه من ضباط الشرطة والجيش الوصول لمعلومة غير مؤكدة أنه «مقبوض عليه فى النيابة الحربية، س 28 فى الحى العاشر مدينة نصر».

عندما توجه شقيق أبو الحسن إلى س 28، قال له أحد العساكر هناك إن اسمه مدون فى كشوف المقبوض عليهم، وأنه لن يتمكن من رؤيته لأنه معروض على النيابة العسكرية، فلم يجد أمامه سوى الاستعانة بمحام ينجز له إجراءات زيارة أخيه، وبالفعل حصل على إذن الزيارة، فى اليوم التالى.

وبينما كان شقيق أبو الحسن يستعد لزيارته، تفاجأ أن العساكر والضباط فى النيابة الحربية يؤكدون له أنه تم ترحيله إلى السجن الحربى، بهذا انتهت المحطة الأولى فى طريق البحث عن أبو الحسن، تنهد شقيقه وهو يقول «بعد ما اطمنيت عليه وعرفت إنه عايش وبخير لسه مش عارف أشوفه».

بعدها دخل شقيق أبو الحسن وتحدث لأحد ضباط س 28، وشرح له حالة والد أبوالحسن المتدهورة بسبب غياب ابنه الأصغر، فما كان منه إلا أن أمسك بسماعة الهاتف مجريا بعض الاتصالات «بعدها قال لى: أخوك اترحل سجن الوادى». يتابع شقيق أبو الحسن روايته قائلا «ذهبت مسرعا لسجن الوادى، قالولى إن اسمه مش متسجل عندهم، رغم إن فيه عسكرى أكد لى إنه موجود جوة، وإن مش كل المترحلين أساميهم اتسجلت على الكمبيوتر».

هذا العسكرى الذى أكد وجود أبو الحسن فى سجن الوادى، عاد وغيَر أقواله بأنه لا وجود له فى السجن، ناصحا أخوه بالبحث عنه فى السجون الأخرى، وعن هذا قال شقيق أبو الحسن «تقريبا العسكرى خاف لما قالنا إن مش كل الأسامى متسجلة على الكمبيوتر، أو متهدد.. الله أعلم.

لحظات من الصمت سبقت قوله «أبوه انهار هناك قدام السجن وحلف إنه مش هيمشى غير بابنه معاه حى ولا ميت»، وبمزيد من الأسى، تابع الشقيق الأكبر حديثه «المسئولون فى السجن صعب عليهم أبوه وقالوا لنا تعالوا تأكدوا إن اسم ابنكم ليس مسجل عندنا.

انقطعت كل الأخبار والمعلومات عن أبو الحسن بعد ذلك، على الرغم من أن المحضر الذى حرره شقيقه بفقدانه انتشر فى جميع ربوع البلاد، حتى وصل لقسم الشرطة فى القرية الصغيرة مسقط رأس أبو الحسن، ولكن وما فائدة المحضر، الذى حمل رقم ضمن سلسلة مئات المحاضر المحررة عن مفقودى الثورة.


كل المفقودين أهاليهم قدموا بلاغات ورافعين قضايا.. ولكن للأسف لا تتجاوز عددها 100 بلاغ وقضية،

أنا على يقين إن هذا الرقم لا يعبر تعبير حقيقى عن أعداد المفقودين فى مصر بعد الثورة، الحديث لمؤسسة حركة «هنلاقيهم» للبحث عن مفقودى الثورة، منة عصام، التى تحدثت عن حالة الخوف والهلع التى انتابت المفقودين الذين تم العثور عليهم، ودخلوا فى حالة من الصمت والاكتئاب.

دلل عصام على ذلك بحالة مفقود اختفى فى أحداث 28 يناير 2011، ثم عُثر عليه بعد ذلك ملقى على أحد جوانب الطرق السريعة فى القاهرة، وحالته النفسية سيئة للغاية، مشيرة إلى أن من عُثر عليهم لا تتجاوز نسبتهم ال5% من إجمالى المفقودين.

معظم مفقودو الثورة لم يكونوا يحملون بطاقاتهم الرقم القومى خلال اختفائهم أو القبض عليهم، على حد قول عصام، التى أضافت «نعرف أن أغلب المفقودين مقبوض عليهم ومحبوسون هنا أو هناك»، مؤكدة أن عدم حملهم للبطاقات ليس دليلا على انتمائهم لمستوى تعليمى أو اجتماعى متواضع، خاصة أن أغلب المفقودين من الشباب فى الفئة العمرية من 20 ل 35 سنة.

تقدم حملة «هنلاقيهم» الدعم القانونى لأسر المفقودين خلال أحداث الثورة، بالتعاون مع المبادرة المصرية للحقوق والحريات الشخصية، كما تتعاون مع مركز النديم الذى يقدم لمن يتم العثور عليه الدعم النفسى الملائم ليتمكن من تجاوز هذه المرحلة فى حياته.

أكثر أحداث وفاعليات الثورة التى خلفت مجموعة كبيرة من المفقودين، وفقا للتقارير التى أعدتها حملة «هنلاقيهم» هى أحداث الاتحادية، التى شهدت قبضا عشوائيا على المتظاهرين، إلا أن جميعهم خرجوا بعدها، فضلا عن يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011، والتى فُقد فيها العشرات حتى الآن.

أصابع الشك والاتهام فى هذه الحالات، تشير فقط إلى أجهزة الدولة، بحسب مؤسسة الحملة، خاصة أنهم اختفوا فى أحداث سياسية كان فيها التعامل الأمنى من أسوأ ما يكون على حد تعبيرها، وأضافت «لسنا حملة تبحث عن الناس التائهين فى ظروف غامضة.. نحن نبحث عن ثوار اختفوا وسط زخم أحداث الثورة، وبالتالى الأجهزة الأمنية هى وحدها المسئولة عن اختفائهم». عرض عصام عدة نماذج لحالات التعسف الأمنى مع المفقودين.. منها «ميكانيكى كان بيجرب عربية زبون اختفى على طريق الإسماعيلية»، أما الحالة الأبرز والأكثر دراماتيكية فهى حالة «كمين دهشور، حيث ألقت الشرطة العسكرية القبض على 4 فى 30 يناير 2011، لم يكونوا يحملون بطاقات، واستمرت عملية احتجازهم حتى بعد تمكنهم من تقديم بطاقاتهم بمساعدة أصدقاء لهم، وحتى الآن لا يُعرف لهم طريق.

كل هؤلاء وغيرهم لم يتمكن أهلهم من تقديم بلاغات أو رفع دعاوى قضائية، أو التواصل مع الحملة أصبحوا «مجرد أرقام» فى كشوف ما بين الزيادة والنقصان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.