المانجو ب20 جنيها.. أسعار الخضر والفواكه في سوق العبور اليوم    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. ثاني أيام عيد الأضحى 2024    شهداء وجرحي في قصف إسرائيلي على منازل بشمال غزة (فيديو)    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    بث مباشر، حجاج بيت الله الحرام يرمون الجمرات في أول أيام التشريق    لماذا خالفت هذه الدول توقيت احتفال أول أيام عيد الأضحى 2024؟    خسائر الاحتلال الإسرائيلي.. ارتفاع القتلى ل662 وآلاف يطلبون مساعدات نفسية    عصام السقا يحتفل بعيد الأضحى وسط أهل بلدته: «كل سنة وأنتم طيبين» (فيديو)    موعد ومكان عزاء الموزع عمرو عبدالعزيز    شهيدان و13 مصابا جراء قصف الاحتلال منزلًا في حي الزرقا شمال مدينة غزة    «الناتو» يبحث وضع الرؤوس الحربية النووية للحلف في حالة تأهب    ترتيب الدوري المصري قبل مباريات اليوم الإثنين    إيهاب جلال يُعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة إنبي    منافسة إنجليزية شرسة لضم مهاجم إفريقي    للحجاج.. تعرف على سعر الريال السعودي أمام الجنيه المصري اليوم    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    وفاة الحالة السادسة من حجاج الفيوم بالأراضي المقدسة    افتتاح المرحلة «ج» من ممشى النيل بمدينة بنها قريبًا    البيت الريفى.. الحفاظ على التراث بمنتجات ومشغولات أهل النوبة    بعد إثارته للجدل بسبب مشاركته في مسلسل إسرائيلي.. من هو الممثل المصري مايكل إسكندر؟    دعاء فجر ثاني أيام عيد الأضحى.. صيغ مستحبة رددها في جوف الليل    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    دعاء الضيق والحزن: اللهم فرج كربي وهمي، وأزيل كل ضيق عن روحي وجسدي    تقتل الإنسان في 48 ساعة.. رعب بعد انتشار بكتيريا «آكلة للحم»    البيت الأبيض: المبعوث الأمريكي الخاص أموس هوكشتاين يزور إسرائيل اليوم    مدفعية الجيش الإسرائيلي تستهدف بلدة "عيترون" جنوب لبنان    حلو الكلام.. يقول وداع    "تهنئة صلاح وظهور لاعبي بيراميدز".. كيف احتفل نجوم الكرة بعيد الأضحى؟    جثة مذبوحة وسط الطريق تثير ذعر أهالي البدرشين    عبير صبري: شقيقتي مروة «توأم روحي» و«لسه بتاخد مني عيدية.. فلوس ولبس وكل حاجة»    «زي النهارده».. وفاة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوى 17 يونيو 1998    انخفاض درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حال. الطقس خلال أيام العيد    جثمان داخل «سجادة» في البدرشين يثير الرعب أول أيام عيد الأضحى (القصة الكاملة)    مدرج اليورو.. إطلالة قوية لجماهير الدنمارك.. حضور هولندي كبير.. ومساندة إنجليزية غير مسبوقة    يورو 2024 - دي بروين: بلجيكا جاهزة لتحقيق شيء جيد.. وهذه حالتي بعد الإصابة    حظك اليوم برج الجوزاء الاثنين 17-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى ثانى أيام العيد الإثنين 17 يونيو 2024    الكنيسة الكاثوليكية تختتم اليوم الأول من المؤتمر التكويني الإيبارشي الخامس.. صور    انخفاض أعداد الموقعين على بيان مؤتمر أوكرانيا الختامي ل82 دولة ومنظمة    عيد الأضحى: لماذا يُضحى بالحيوانات في الدين؟    أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم الجديدة.. ماذا نعرف عنها؟    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟    القافلة الطبية «راعي مصر» تصل القنطرة شرق بالإسماعيلية    لم يتحمل فراق زوجته.. مدير الأبنية التعليمية بالشيخ زايد ينهي حياته (تفاصيل)    العيد تحول لمأتم، مصرع أب ونجله صعقا بالكهرباء ببنى سويف    إيرادات حديقة الحيوان بالشرقية في أول أيام عيد الأضحى المبارك    إيلون ماسك يبدي إعجابه بسيارة شرطة دبي الكهربائية الجديدة    وفاة خامس حالة من حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    هل يجوز بيع لحوم الأضحية.. الإفتاء توضح    عاجل.. موعد اجتماع لجنة تسعير المواد البترولية لتحديد أسعار البنزين والسولار    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة ويطيب رفات الشهيد أبسخيرون بدمياط    تعرف على حكام مباراتى الجونة والبنك الأهلى.. والإسماعيلى وإنبى    مانشستر يونايتد يجدد الثقة في تين هاج    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    محد لطفي: "ولاد رزق 3" سينما جديدة.. وبتطمئن بالعمل مع طارق العريان| خاص    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إطلالة على النخبة والثورة
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 01 - 2013

«دم الشهداء والمصابين فوق الكلمات والشعارات والهتافات والمصالح السياسية الأنانية قصيرة النظر من غالب القوى السياسية على اختلاف توجهاتها الأيديولوجية والدينية. الشهيد والمصاب أهم من الصراع على الحصص والمكاسب السياسة».

كلمات كتبها نبيل عبدالفتاح عقب الانتفاضة الثورية لشباب مصر (فبراير 2011)، تحت عنوان «لن يمروا!» وجاءت فى كتابه الذى صدر منذ أيام، وعنوانه «النخبة والثورة: الدولة والإسلام السياسى والقومية والليبرالية». وهو نص أو «متن» بحسب نبيل عن «الحرية والتغيير ونقائضهما» فى مصر ما بعد 25 يناير.

•••

أقرأ لنبيل عبدالفتاح منذ الثمانينيات. خاصة أنه تخصص فى نوعية من الكتابات كان له فيها السبق والتأسيس. فكتابه الأول «المصحف والسيف» كان بداية لكتابات فتحت أفقا للاقتراب من الدولة والدين، وفهم الإسلام السياسى ومواقفه من عديد القضايا. كذلك بدء التعاطى مع الشأن القبطى فى تقاطعاته السياسية والمدنية. واستمر فى كتاباته المتميزة والتأسيسية مشكلا عالما أثيرا خاصا به على مستوى الموضوعات، واللغة، والمنهج. فأصدر: النص والرصاص، واليوتوبيا والجحيم، وسياسات الأديان، والخوف والمتاهة، والدين والدولة والطائفية. هذا بالإضافة إلى إطلاقه أهم عمل علمى عرفته مصر فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى ألا وهو «تقرير الحالة الدينية» الذى يعد إضافة حقيقية على المستويين المعرفى والعلمى لموضوعات كانت تعد «تابوهات» غير مسموح الحديث فيها. إذن كان خيار نبيل عبدالفتاح ، يقينا وخاصة بعد أن عرفته عن قرب ،أن يتناول بحسب ما كتبت مرة «كل ما هو مسكوت عنه حول العلاقة بين المقدس والزمنى فى مصر، والعناصر الفاعلة فى هذه العلاقة مثل الدولة، والاسلام السياسى، والمؤسسات الدينية، والأقباط، ومتابعة القضايا والملفات المتعلقة بهذه العلاقات المتشابكة والمتراكبة من توتر دينى، وتكامل سياسى، وإشكاليات تتعلق بالبنية التشريعية الدينية والمدنية...الخ، وأثر كل ذلك على كفاءة الدولة المصرية الحديثة».

وأتاح له اطلاعه على مساحات ثقافية متنوعة مثل : الأدب قصة ورواية وشعرا، والفلسفة ، وسوسيولوجيا القانون، وتيارات الفكر العالمى والعربى،...بالإضافة إلى معرفته بالكتابات التراثية أن يتجاوز طبيعة الباحث التقليدى والنمطى أو «الأسطى الباحث» ، إلى أن يكون مفكرا صاحب عالم خاص، يتمتع بعين خاصة مغايرة ومتميزة عن أعين الآخرين لرؤية الواقع والمجتمع والعالم والشخوص...الخ. والقارئ لكتابيه :خطاب الزمن الردىء ، وعقل الأزمة، سوف يدرك ما نقول ، هذا بالإضافة لبورتيراهاته عن الشخصيات المختلفة المصرية والعربية، كذلك نقده الأدبى والثقافى بشكل عام. وكان إصراره على الارتباط بالناس، وانخراطه فى الحياة الثقافية للقاهرة تأثيره على عدم انفصاله عن الواقع.

•••

كل ذلك يسمح لنا أن نطلق على نبيل عبدالفتاح «إيمحوتب» الثقافة المصرية المعاصرة .فإذا كان إيمحوتب قد أطلق عليه «كاتب بيت الحياة» لبصيرته الذهنية ولغته فى مصر القديمة. فإن نبيل عبدالفتاح وخاصة فى كتابه الأخير الذى مس تفاصيل المشهد المصرى السياسى والاجتماعى والثقافى قد بات «كاتب الحياة المصرية»، إذا جازت الاستعارة.

لقد تجاوز نبيل عبد الفتاح فى كتابه الأخير دون أن يترك مفردات عالمه الأثير المقاربة البحثية الصارمة ذات المقدمة والهيكل والنتائج، إلى مقاربة مبدعة مزج فيها بين رسم المشهد بتفاصيله وترتيبه وتنسيقه تفصيلة وراء تفصيلة، وبين المعالجة الفكرية متعددة المستويات...كيف؟

•••

ينقسم الكتاب إلى قسمين رئيسين هما: أولا «متن الحرية، والثانى هوامش حول الحالة الانتقالية وتحولاتها وتعثراتها. يضم القسم الأول ستة أبواب، والثانى ثلاثة أبواب. ويتناول المؤلف فى هذه الأبواب منهجا يتناول فيه العديد من الموضوعات مسبوقة بكلمة «سياسة» حيث يرصد ويحلل ويقدم تصورا مستقبليا لكل موضوع تم ذكره. ففى القسم الأول يتحدث عن ما يلى: سياسة الكرامة، وسياسة عدم اليقين، وسياسة المؤسسة (الإسلامية والمسيحية)، وسياسة المواطنة، وسياسة الهيمنة: الثقافة والمثقف، وسياسة الدور. وفى القسم الثانى يتناول ما يلى: سياسة الخروج للنهار، وسياسة النخبة، وسياسة الكتابة.

وتحت كل باب من هذه الأبواب يتناول تفصيلا من خلال فصول مركزة ( عددها 15 فصلا فى القسم الأول و 12 فصلافى القسم الثانى)، مع العديد من الموضوعات فى مباحث صغيرة.

وبداية من المقدمة وعنوانها: «النخبة والكتابة والفوضى»؛ يحدد المؤلف منهج الكتاب بقوله: «نبدأ بالأسئلة لأنها تحمل فى أعطافها وحناياها حيرة الباحث وبعض تردده وربما اختلاط بعض الأمور والواقعات التى يتداخل فيها التاريخى، والاجتماعى، والسياسى، والثقافى، والدينى ، والنفسى، ومن ثم تغيب فى بعض الأحيان والرؤية، وتختلط متغيرات وعناصر فى الظاهرات والحالات، أو الاستخدامات الاصطلاحية التى عرفها علم الاجتماعى ولاتزال تستخدم فى الخطابات الشائعة بلا ضبط أو تحرير، فى مساعدة الباحث أو الكاتب على التعامل مع الواقع الموضوعى فى اختلاطاته وتداخلاته وتعقيده وسخونته، لا سيما فى ظل انبثاقات مشاهد أو ظواهر جديدة من وراء بعض مما ألفته العيون البحثية و السياسية وتعاملت معه بالتفسير، أو التأويل، أو التخليط أو إعادة انتاج تفسيرات سابقة التجهيز وتحميل هذا التغير فيما وراء المألوف من الرؤى والأوصاف بكل هذه التشوشات، والذى يبدو معها عاديا ونمطيا ومستمرا!».

•••

نحن أمام مشهد جديد ومعقد ومن ثم لابد من التعامل معه بشكل غير نمطى. وفى نفس الوقت لم تعد تجد الإجابات النمطية وقبل ذلك الاسئلة البسيطة. وهنا يقوم المؤلف بطرح العديد من الأسئلة من عينة:

• ما هى أخطاء القوى الثورية والجيلية الشابة التى قامت بالانتفاضة الثورية؟ لماذا انتكست وتراجعت؟

• أين تكمن الأخطاء الكبرى؟ هل الخروج من الميدان؟ هل لعدم نضج «اللحظة الثورية «بحيث تحمل معها قوى اجتماعية كبرى، لاسيما فى الأرياف والمدن الريفية؟ هل غياب القيادة؟

• ما الذى تم فى مراحل الانتقال من مساومات واتفاقات مع المجلس العسكرى؟ ما هى أطرافها الفعلية، هل من اطراف إقليمية ودولية، ما هى الأخطاء التى وقع فيها المجلس العسكرى؟

• ما هى أدوار بعض الدول النفطية كالسعودية وقطر والإمارات فيما حدث فى مصر؟ وماهى حدود أدوارها السياسية والتمويلية والإعلامية ولمن ذهب هذا الدعم من القوى السياسية؟

• ما الذى جرى بين الإدارة الأمريكية والسلطة وقيادة القوات المسلحة وجماعة الإخوان المسلمين وآخرين فى مصر؟ أين دور الدولة الإسرائيلية فيما وراء الدور والأداء والضغوط الأمريكية؟

• ما هى أخطاء القوى المسماة مجازا «بالليبرالية»، والديمقراطية واليسارية والناصرية، أو ما أطلق عليها تعبير القوى «المدنية»؟ على مدى المرحلة الانتقالية؟

• ما سبب الصراع بين السلطتين التشريعية والقضائية وتحديدا المحكمة الدستورية؟ وما سبب سعى بعض القوى الإخوانية والسلفية إلى محاولة إضعاف المحكمة الدستورية؟ ما سر الهجوم الشرس من القوى الإسلامية السياسية على السلطة القضائية؟ وجماعة القضاة؟ ما أسباب الصراع بين السلطة التنفيذية والقضاء على نحو ما ظهر فى محاولة إقالة النائب العام، بكل ما اثاره من تضاعفات متبادلة بين مؤسسة الرئاسة» والمؤسسات القضائية، ونادى القضاة؟

هذه الأسئلة وغيرها الكثير هى محور إجابات الكتاب التى تمثل سردية تراكمات جروح ومشكلات النخبة والدولة والأمة الحديثة فى مصر.. كما تمثل محاولة لكتابة سردية للأمل أو سياسة للأمل تؤدى إلى تجاوز تخلفنا التاريخى.

تحية لنبيل عبد الفتاح مثقفا ومفكرا مصريا وطنيا نزيها وزاهدا نحبه كثيرا...

وأمنية فى ستينيته بطول العمر ودوام الإبداع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.