فوجئ العاملون بوزارة الطيران المدني أمس، بالإعلان عن الإطاحة بالوزير السابق سمير إمبابي، حيث لم يكن اسمه من بين الأسماء التي شملتها تسريبات التعديل الوزاري خلال الأيام السابقة، كما أنه شخصياً لم يتوقع ذلك وظل يعمل حتى الدقائق الأخيرة. وحتي الخامسة من مساء أمس السبت كان إمبابي مطمئناً لعدم خروجه من الوزارة، وتفقد مبنى سلطة الطيران المدنى الجديد الذى ظهرت به بعض المشكلات، بعد تسرب مياه أسفله، وقرر فتح تحقيق مع المسئولين عن هذا الملف.
وفى اللحظات نفسها تسرب خبر لقاء الوزير الجديد اللواء المهندس وائل المعداوي برئيس الوزراء هشام قنديل، ونفي "المعداوي" فى البداية المعلومات المسربة عن اللقاء، معتبراً إياها شائعة تثير البلبلة.
وفى السادسة مساء فوجئ وزير الطيران السابق سمير إمبابى بما تناقلته وسائل الإعلام عن تغييره وهو فى مكتبه، فخرج منه فى هدوء دون أن يعلق على الخبر، وبعدها بقليل خرج الوزير الجديد- الذي كان يشغل منصب مساعد رئيس أركان القوات الجوية- ليؤكد صحة الخبر، معتبراً أن ترشيحه للمنصب تكليف ومسئولية لا يمكن التخلي عنها.
وسيطر شعور بالصدمة على معظم العاملين بالطيران المدنى، خاصة وأنهم كانوا يعتبرون أن أي حديث عن المجئ بوزير آخر مجرد شائعات ليس لها ما يبررها، حيث يرفضون العودة بالطيران المدني إلي العسكرة، بعدما كان إمبابي أول وزير مدني لوزارة الطيران.
وكان العاملون يعتبرون أن المجئ ب"إمبابي" كشخص مدني للوزارة التى ظلت تحت قيادة العسكريين، طفرة وتغير مهم ينسب لثورة 25 يناير، ولم يتصوروا أن وزيرهم الذى جاء محمولاً على الأعناق سوف يخرج من الوزارة بعد خمسة أشهر فقط, دون أن يحصل على فرصته الكاملة لتحقيق الذات وإنجاح تجربة اختيار وزير مدنى للطيران.
وربما يعد هذا من أهم الأسباب التى أدت إلى غضب واضح عند قطاع عريض من العاملين بالطيران المدنى اليوم، خاصة من العاملين بمصر للطيران الذى ينتمى إليهم سمير إمبابى، واعتبروا أن تولى اللواء وائل المعداوى عودة مجددة إلى نفس المفهوم القديم فى إدارة منظومة الطيران.
ويعتبر الكثير من العاملين أن "إمبابي" رغم عدم قضائه فترة كبيرة إلا أنه استطاع التغلب علي العديد من الصعوبات التي واجهها، من بينها إضراب الضيافة والعاملين بالمطار، ومعالجته لأزمات كان من الممكن أن تشتعل بشكل واسع مع قطاعات عاملة هامة مثل الطيارين والمهندسين الفنيين بمصر للطيران.
واعتبر البعض أن انتماء "إمبابي" لمصر للطيران وعلاقاته الشخصية نفسها مع الكثير من هؤلاء العاملين كان لها الدور الأبرز فى استيعاب مشكلاتهم دون أن تتفاقم ويشعر بها أحد.
وربما وقع الوزير المقال فى بعض الأخطاء فى إطار العمل اليومى, لكنها لم تكن الأخطاء التى تطيح به.
ورغم ذلك فإن قطاع آخر من العاملين بالوزارة، يرون أن تغيير وزير الطيران من "إمبابى" إلى "المعداوى" لن يفرق كثيراً فى أداء منظوطة الطيران المدنى, بل وربما يرون أن "المعداوى" سيكون هو الأجدر خلال الفترة المقبلة، خاصة أن تجربته فى مجال المطارات هى الأطول، حيث تحتاج الخطة الخمسية للمطارات المصرية التى تستمر حتى عام 2017 وتطويرها إلى وجوده على رأس هذه الوزارة.
وهو ما أكده فى تصريحاته عقب اختياره في منصب الوزير، حيث قال إنه سيسعى جاهدا إلى الاستماع لجميع الآراء للارتقاء بمنظومة الطيران المدني، وأنه سوف يعقد في القريب العاجل اجتماعا مع كل المعنيين بوزارة الطيران المدني وقطاعاتها وهيئاتها ليستمع للجميع.
وأشار إلى أنه سوف يكمل باقي الخطط والإستراتيجية التي سار عليها الوزير السابق "سمير إمبابي"، من استكمال باقي الإنشاءات والمشاريع سواء بمطار القاهرة الدولي أو بالمطارات الداخلية.
ورغم هذه التصريحات المتفائلة فإن الواقع الحالى يؤكد أن الكثير من التحديات سيواجهها وزيرا لطيران الجديد، حيث يمثل إنخفاض الحركة الجوية عن قبل ثورة يناير بأعداد كبيرة التحدى الأكبر، الذي لا يستطيع أن يغير أحد منه كثيراً إلا بتقديم بعض التسهيلات فى المطارات لدى شركات الطيران وهو ماحدث بالفعل لكن دون تأثير حقيقى، لأن الأمر مرتبط بشكل أساسى بحركة قدوم السياح إلى مصر.
هذا بالإضافة إلي التزامات الوزارة تجاه القروض الدولية التي لابد أن تسدد أقساطها فى مواعيدها.
يذكر أن "المعداوي" قادم من القوات الجوية، حيث كان مساعداً لرئيس أركان القوات الجوية منذ ما يقرب من 12 عاما، وتم إختياره عقب تركه الخدمة بالجيش، لتولي منصب مساعد رئيس شركة خدمات البترول الجوية.
ثم تم تعيينه رئيساً لشركة "سمارت" للطيران التابعة لوزارة الطيران المدنى فى عهد الفريق أحمد شفيق فى أكتوبر 2009, خلفاً للمهندس حسين مسعود الذى تولى منصب رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران وقتها.
وخلال فترة عمله حاول "المعداوى" رفع كفاءة شركة "سمارت" وهى شركة طيران مصرية خاصة تخصصت فى خدمات السفر، وأول مشغل جوى للطيران لخدمة رجال الأعمال والسياسيين، والمسافرين القادرين على دفع مقابل الخدمة التى تقدمها الطائرة فى الرحلات الخاصة بهم جوا.
وعندما تولى الطيار لطفى مصطفى كمال، وزارة الطيران المدني، عقب خروج المهندس إبراهيم مناع، من الوزارة، أصدر قرارا فى نوفمبر 2011 بتولى "المعداوى" منصب نائب رئيس الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية.
ومع قدوم "إمبابي" استقال الطيار حسن راشد من رئاسة الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية، وتولي "المعداوي" المنصب خلفاً له في أغسطس 2012.