أشار صايغ فى مستهل المقال ان الائتلاف الوطنى لقوى الثورة والمعارضة السورية أضحى ممثلا للشعب السورى المعترف به على نطاق واسع. بيد أنه من غير الواضح تماما ما إذا كان هذا الائتلاف سيُثبت أنه أكثر فعّالية فى تزويد المعارضة بقيادة سياسية حقيقية، لاسيما فى ظل تزايد المؤشّرات على أن ميزان القوى يميل بشكل حاسم لصالحهم. ●●●
ويستكمل صايغ بالقول ان مجموعة أصدقاء سوريا تأمل من هذا الاعتراف، ربط غالبية نشطاء المعارضة والمجالس العسكرية والمدنية والمتمرّدين المسلّحين داخل سوريا بالهيئة الجديدة، وكذلك التعهّد بزيادة الدعم المالى للإغاثة الإنسانية. بيد أنها وضعت الائتلاف فى موقف حرج لاعتماده على مجموعة أصدقاء سوريا.
ولكنه اكد أن هناك ثمة دلائل على أن بعض الأعضاء فى النظام السورى ربما يكونون مستعدين للتوصّل إلى تسوية سياسية. فقد ذكر فاروق الشرع، نائب الرئيس السورى فى مقابلة نشرتها صحيفة الأخبار اللبنانية فى 17 (ديسمبر) ، مفادها أنه لا بديل عن الحل السياسى، ولا عودة إلى الوراء». وقد استند فى ذلك إلى قناعته بأن كل الاطراف غير قادرة على إنهاء الأزمة وفقا لشروطهم. ولكن لا يشارك الائتلاف الوطنى الشرع رافضين الحوار، استنادا إلى النجاحات التى حققها المتمردون ضد قوات النظام.
وأضاف صايغ أن الائتلاف ربما يجد البساط مسحوبا من تحت قدميه بسبب مبادرات دبلوماسية جديدة، من قبيل أن تتوصّل الولاياتالمتحدة وروسيا فى نهاية المطاف إلى تقارب ملموس لبقاء النظام. فقد أكد سفير الولاياتالمتحدة لدى سوريا روبرت فورد، فى 29 نوفمبر أن أولوية الولاياتالمتحدة مازالت تتمثّل فى إبرام صفقة سياسية بين المعارضة وبين أعضاء الحكومة الذين «لم تتلطّخ أيديهم بالدماء» وأن الحل العسكرى ليس هو أفضل وسيلة بالنسبة لسوريا.
وتشير هذه التصريحات بشكل مباشر إلى تسوية سياسية على غرار التسوية التى كانت مرتقبة فى بيان جنيف الذى وقّعته الولاياتالمتحدة وروسيا، من بين دول أخرى، فى 30 يونيو. إذ دعا البيان إلى «إنشاء هيئة انتقالية حاكمة» يتم تشكيلها بموافقة متبادلة بين أعضاء الحكومة السورية الحالية إضافة إلى المعارضة والجماعات الأخرى.
●●●
ويستكمل قائلا إن قوى المعارضة تواجه ما يعرف ب«القوة الثالثة»، لاسيما مع وجود نحو 1.2-1.5 مليون من الموظفين المدنيين فى القطاع العام فى سوريا بالإضافة إلى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية التى لا تخضع إلى إشراف وزارة الداخلية وعدد من كوادر حزب البعث فى جميع مستويات الدولة، مؤكّدا أنه سيكون هناك منافسون آخرون على السلطة. وسيدّعى المسئولون والضباط الموالون الذين لم ينشقّوا بشكل فردى وينضمّون إلى الائتلاف، بثقة، أنهم قادرون على جلب جهاز الدولة والجيش والمؤسسة الأمنية وحزب البعث وسدّ الفجوة المتّسعة مع العلويين.
تعتقد مجموعة أصدقاء سوريا وروسيا وربما إيران أيضا أن من المهم تجنّب فشل الدولة فى سورية والحفاظ على الجيش وتأمين الأسلحة الكيماوية. ومن المرجّح أن يلجأوا إلى هذه «القوة الثالثة»، إذا ما انبثقت، لإدارة البلاد وتحقيق الاستقرار فى المرحلة الانتقالية.
وشدد صايغ بالقول انه بات واضحا ان الائتلاف غير مستعد لمواجهة سماسرة السلطة الجدد الذين سيظهرون حتما فى جميع أنحاء البلاد. بعضهم سيكون تابعا مباشرة للمعارضة مثل نشطاء الثورة والمتمردين المسلحين والزعماء المحليين، وبينهم من فرض نفوذه القوى حتى فى ظل نظام الأسد، مثل زعماء العشائر، والمشغّلين فى سوق العمال المهاجرين الكبيرة فى سوريا، ورؤساء شبكات التهريب.
ولكنه أكد أن هذا لا يعنى أن بقاء النظام على قيد الحياة على نحو ما، بل إن المشهد السياسى فى سوريا قد يتغيّر فى وقت أقلّ مما استغرقته عملية تجميع الائتلاف الوطنى.
●●●
ويستطرد بالقول ان الائتلاف الوطنى بطيئا فى اتّخاذ خطوات واضحة وملموسة لمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة. إذ يتعيّن عليه إيجاد السبل الكفيلة بمساعدة الأممالمتحدة فى تقديم المساعدات لما يُقدَّر بأربعة ملايين شخص محتاج داخل سوريا. وقد رحّبت مجموعة أصدقاء سوريا بإنشاء الائتلاف الوطنى «وحدة تنسيق المساعدات» بهدف تنسيق عمليات إيصال الإغاثة، وتعهّدت بزيادة تمويل أنشطتها. لكن المجموعة أدركت أيضا الحاجة إلى بناء القدرات المؤسّسية للائتلاف للاضطلاع بهذه المهام، وهو ما سيستغرق وقتا طويلا.
وبالتالى، يجب على الائتلاف الوطنى إقناع العلويين، وكذلك الطوائف الأخرى الصغيرة فى سوريا، وربما أعداد كبيرة من سكان المناطق الحضرية، بأن محاورين يحظون بثقتهم سيمثلونهم فى المفاوضات الرامية إلى إقامة نظام جديد. ويجب أن يكون لهذه الجهات الفاعلة رأى فى وضع تدابير بناء الثقة المؤقّتة، ووضع ضمانات جادّة لأمنها فى الدولة السورية ما بعد الأسد. بيد أن الائتلاف الوطنى كرّر عزمه على بدء الفترة الانتقالية من خلال تطهير النظام والمرتبطين به فى جهاز الدولة والجيش، وتفكيك الأجهزة الأمنية، وحلّ حزب البعث الذى يضم 2.5 مليون عضو.
هذا هو التحدّى الأصعب الذى تواجهه المعارضة، وفقا لصايغ، وذلك لأن تقاسم السلطة لا يقتصر فقط على تسريع انهيار النظام، بل يتعلّق أيضا بالتأكد من أن جهاز الدولة ونواة الجيش وكوادر الحزب السابق، وغيرهم، للتعاون مع السلطات الحاكمة الجديدة.
●●●
وختاما، يبدو أن المعارضة لا ترى فى ذلك إشكالية من أى نوع، على افتراض أن أجهزة الدولة ستنفّذ مخططاتها الخاصة بسوريا الجديدة بعد أن تتولّى السلطة، لأنها واثقة من أن أغلبية كبيرة من السوريين تؤيّدها. وبالتالى، ما لم تتبنّ المعارضة هذا النوع من المقاربة السياسية لهزيمة النظام، فإن خططها ل«اليوم التالى»، المتمثّلة فى تحقيق العدالة الانتقالية، والتعويض العاجل لضحايا العنف، وإعادة الخدمات العامة، وإعادة بناء الاقتصاد والبنية الأساسية، يمكن أن تتعطّل، ما يعيد سوريا الى دوامّة العنف والانهيار المؤسّسى.
للاطلاع على المقال كاملا برجاء زيارة الرابط التالى: