فى يوم 22 نوفمبر الماضى، أصدر الرئيس محمد مرسى الإعلان الدستورى، وانشغل به الجميع ولا يزالون. فى نفس اليوم، أصدر الرئيس أيضا تعديلا خطيرا على القانون رقم 35 لسنة 76 بشأن إنشاء النقابات العمالية. وبمقتضى هذا التعديل، صار من حق وزير القوى العاملة الإخوانى تعيين قيادات النقابات العامة للعمال، وعمليا السيطرة الحكومية عليها.
هذا القانون صدر بليل ولم يعرف به أحد، حتى تم نشره فى الجريدة الرسمية فى 24 نوفمبر.
الرئيس مرسى قال عشرات المرات هو وكبار مساعديه وحزبه إنه لن يصدر اى قوانين بصفته مالك السلطة التشريعية إلا فى أضيق الحدود.
ولا نعرف ما هى أضيق الحدود التى اضطر الرئيس لإصدار هذا القانون.
للأمانة لم أكن اعرف خطورة الموضوع لانشغالى فى متابعة تداعيات الإعلان الدستورى، حتى شاهدت النقابى الكبير خالد على يشرح الموضوع هو والدكتور كمال عباس منسق دار الخدمات النقابية مع الزميل العزيز يسرى فوده فى برنامج «آخر كلام» على فضائية «أون تى فى» مساء الاثنين الماضى.
بعد الثورة ناضل العمال كثيرا وتحدثوا مئات المرات للمطالبة بقانون عادل يعطيهم حق تشكيل نقاباتهم المستقلة، بدلا من القانون رقم 35 الذى تم وضع مصر على اللائحة السوداء عالميا بسببه.
هذا القانون الكارثى، يعطى الحكومة السيطرة الفعلية على الحركة النقابية فى كل شىء من أول الترشح للانتخابات ونهاية بالدعوة للإضراب أو الاعتصام.
هناك 1875 لجنة نقابية، لكن فوقها 23 نقابة عامة تملك كل الصلاحيات، وفوقها اتحاد عمال رسمى تذهب اليه كل الاشتراكات والرسوم، ما يمكنه من التأثير المادى فى كل شئ، وإذا احتاج اعضاء لجنة نقابية فى مصنع الدعوة لإضراب او احتجاج وجب عليهم الحصول على موافقة ثلثى أعضاء النقابة العامة، وإذا كان الوزير قادرا على التحكم فى اختيار والتأثير على أعضاء النقابة العامة، فإنه عمليا صادر متحكم فى كل مفاصل العملية النقابية.
الوزير السابق المتمرس نقابيا احمد حسن البرعى وضع مشروع قانون تقدمى يتيح حريات نقابية حقيقية، وتم مناقشته بصورة ديمقراطية ولم يعارضه سوى اتحاد العمال «الرسمى» ورفض مجلس الوزراء السابق مناقشته، لأن المجلس الاعلى للقوات المسلحة رفضه.
تم انتخاب مرسى وكان منتظرا ان يوافق على مشروع القانون، ثم جاءت المفاجأة بأنه ساهم فى زيادة تكريس القانون القديم.
المفاجآت مستمرة وطبقا لخالد على، فقد خالف الإخوان كل ما يقولونه عن محاربتهم للفلول وابرموا معهم صفقة، بموجبها تركوهم فى مواقعهم الحالية حتى حين، وادخلوا بعض رجالهم تمهيدا للسيطرة الفعلية على الحركة العمالية.
إذن الإخوان يلومون بعض الاحزاب السياسية بحجة انها تنسق مع الفلول، فى حين انهم يتحالفون مع نفس القوى الفلولية فى الاتحاد الرسمى للعمال.
السؤال: ما هى الضرورة القصوى التى دعت الرئيس مرسى لإصدار هذا القانون، ولماذا تم اصداره بهذه السرية؟.والسؤال الأكثر أهمية: إذا كانت كل قوانين مبارك قد فشلت فى منع الثورة، فهل ينجح تعديل لقانون سيىء السمعة أو لنقل «قديم جدا» فى وقف احتجاجات العمال؟.
للأسف الشديد، من الواضح ان الإخوان لا يقرأون حتى التاريخ الحديث جدا.
كل قوانين مبارك لم تمنع تأسيس نقابة العاملين فى الضرائب العقارية بقيادة النقابى البارز كمال أبوعيطة، وكل قوانين الطوارئ، وكل قوات الأمن والشرطة بكل أنواعها لم تستطع منع الاحتجاجات العمالية، فهل يعتقد البعض انهم سينجحون فيما فشل فيه الآخرون؟!.
قد يستطيع هذا القانون العرقلة بعض الشىء، لكنه لا يستطيع منع عمال مظلومين ومطحونين من الخروج للمطالبة بحقوقهم.