الحكومة توضح الهدف من ملاحظات السيسي على قانون الإجراءات الجنائية    رئيس جامعة العريش يسلم شهادات انتهاء البرنامج التدريبي الخاص بتأهيل وتدريب المعيدين الجدد    آخر تحركات الدولار أمام الجنيه بعد قرار المركزي خفض الفائدة    بسبب اعتراض أسطول الصمود، بلجيكا تستدعي سفيرة إسرائيل    أمين عام الناتو يدعو لتعزيز التعاون مع المفوضية الأوروبية لدعم القدرات الدفاعية    سعر الدولار ينخفض لأدنى مستوى عالميًا مع قلق الأسواق من الإغلاق الحكومي الأمريكي    نجل زيدان بقائمة منتخب الجزائر لمواجهتي الصومال وأوغندا بتصفيات المونديال    استشهاد 53 فلسطينيًا فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    طاقم حكام سوداني لمباراة بيراميدز ونهضة بركان في السوبر الأفريقي    مصر في المجموعة الأولى ببطولة العالم لكرة اليد تحت 17 عام بالمغرب 2025    نتائج 6 مواجهات من مباريات اليوم الخميس في دوري المحترفين    عودة لاعب ريال مدريد.. قائمة منتخب فرنسا لمواجهتي أذربيجان وأيسلندا    ضبط صانعي محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو تتضمن ألفاظًا خارجة تتنافى مع قيم المجتمع    التعليم: امتحان الإنجليزي لطلاب الإعادة بالثانوية العامة على المنهج المطور    العثور على جثة مسن داخل مسكنه بالشرقية    «النار دخلت في المنور».. كيف امتد حريق محل ملابس إلى عقار كامل في الهرم؟ (معايشة)    فريق عمل يوميات عيلة كواك يحتفل بإطلاق المسلسل    تركي آل الشيخ يكشف السر وراء نجاح موسم الرياض    خبير علاقات دولية ل"اليوم": ما فعله الاحتلال ضد قافلة الصمود إرهاب دولة    «هل الأحلام السيئة تتحقق لو قولناها؟».. خالد الجندي يُجيب    انطلاق النسخة التاسعة من مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال 30 يناير    مصر تبحث مع البنك الدولي تعزيز التعاون بمجالي الصحة والتنمية البشرية    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    البابا تواضروس الثاني يلتقي رهبان دير القديس الأنبا هرمينا بالبداري    «الوزراء» يوافق على تحويل معهد بحوث السادات إلى كلية التكنولوجيا الحيوية    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    البلدوزر بخير.. أرقام عمرو زكى بعد شائعة تدهور حالته الصحية    نجل غادة عادل يكشف كواليس علاقة والدته بوالده    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس لدعم حملة ترشح خالد العنانى فى اليونيسكو    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 2أكتوبر 2025.. موعد أذان العصر وجميع الفروض    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    14 مخالفة مرورية لا يجوز التصالح فيها.. عقوبات رادعة لحماية الأرواح وضبط الشارع المصري    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ترتفع إلى 13.4 تريليون جنيه بنهاية أغسطس    برناردو سيلفا: من المحبط أن نخرج من ملعب موناكو بنقطة واحدة فقط    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    تفاصيل انطلاق الدورة ال7 من معرض "تراثنا" بمشاركة أكثر من 1000 عارض    السفير التشيكي يزور دير المحرق بالقوصية ضمن جولته بمحافظة أسيوط    رئيس الوزراء: ذكرى نصر أكتوبر تأتى فى ظل ظروف استثنائية شديدة التعقيد    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    تحذيرات مهمة من هيئة الدواء: 10 أدوية ومستلزمات مغشوشة (تعرف عليها)    القائم بأعمال وزير البيئة في جولة مفاجئة لمنظومة جمع قش الأرز بالدقهلية والقليوبية    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيكا مات.. يا راسم مين يرسمك
رفاقه يهتفون: «لو حق جيكا مجاش.. يا شعب متلومناش».. وأسر الشهداء يحملون صور أبنائهم فى الجنازة.. والبرادعى وصباحى يحضران العزاء
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 11 - 2012

من بين رفاقه الذين حملوه دوما على أكتافهم فى تظاهرات ومسيرات مختلفة، ومن حيث تظاهر وثار ضد نظام مبارك والمجلس العسكرى من بعده، خرجت جنازة الشهيد جابر صلاح الشهير ب«جيكا» عصر أمس الأول، من مسجد عمر مكرم، وسط أجواء سادها الحزن والغضب معا، حزنا على رحيل الثائر الصغير، وغضبا ممن أردوه قتيلا فى أحداث محمد محمود الأخيرة.

قادما من مشرحة زينهم، دخل نعش الشهيد مسجد عمر مكرم بالتزامن مع صلاة العصر، وبانتهاء الصلاة، شرع المصلون فى أداء صلاة الجنازة، تعالت الأصوات، وسمع المشاركون نشيج بكاء رفاق «جيكا»، وصيحات غضبهم أمام باب المسجد. طالبهم أحد أفراد أسرة الشهيد بالصمت والهدوء «احتراما لقدسية الجنازة» وقال: «يا جماعة الهدوء من فضلكم.. احنا فى جنازة مش فى ثورة.. كدة جيكا هيزعل مننا»، بعد دقائق من الهرج والتدافع والصيحات المتقطعة، ساد الهدوء، وأدى بضعة آلاف من الناس داخل المسجد وخارجه الصلاة على الشهيد، وبعد انتهائها أمسك الشيخ محمد عبد الله نصر، منسق حركة «أزهريون مع الدولة المدنية» بالميكروفون، وقال: «ربنا بس اللى يعلم أنا قدرت أحضر معاكم إزاى .. أنا شاهد على قتل جيكا بواسطة قناص .. وجيكا كان مستهدف.. الأمن فتش بيتى عشان شهدت بكدة.. وأنا قلت لكم الشهادة دى عشان تعرفوها لو مت أو لو حصلت لى حاجة».

خرج المشيعون من المسجد، وفى مواجهتهم، اصطف العشرات من مندوبى وسائل الإعلام المحليّة والعالميّة، ووجهت كاميرات الفضائيات عدساتها نحو نعش الشهيد. كان حاضرا بالجنازة عدد من السياسيين أمام مسجد عمر مكرم إلا أن عدسات الكاميرات لم تلحظ أحدا منهم، وراقبت جميعها حركة النعش محمولا على الأعناق. كان لسان حالها يقول: «مقام الشهيد أرفع وأجلّ».

لشوارع ميدان التحرير، جغرافيا يحفظها الثوار عن ظهر قلب، ففى دقائق معدودة اصطف المئات فى سياج بشرى أمام الجنازة من أمام مسجد عمر مكرم، وحتى شارع محمد محمود، مما يسّر حركة السير للنعش والمشيعين من خلفه، كان الحضور هائلا، أغلبه من الشباب، رفاق الشهيد، بعضهم حمل صورته مرسومة فوق علم كبير الحجم، وبعضهم حمل لافتة صغيرة أمسكها بيديه أمامه مكتوب عليها عبارات تمجد الشهيد تارة وتدين قاتليه تارة أخرى، كان منها «جيكا مات مقتول .. ومرسى هو المسئول» و«جابر جيكا ياولد .. دمك بيحرر بلد»، فى حين ارتدى المئات «تى شيرت» أبيض اللون مرسوم فوقه صورة الشهيد بلون أحمر تحتها عبارة تقول «جيكا.. دمك هيكون شرارة ثورة تانى من جديد».

دخلت الجنازة، شارع محمد محمود، ومرّت من أمام الأماكن التى كانت مسارح لمواجهات الأمن والمتظاهرين على مدار الأيام الماضية، استوقف بعض النشطاء الجنازة وصرخوا فى المشيّعين: «هنقف هنا.. هنقف هنا شوية.. جيكا مات هنا .. اتقتل هنا»، توقف الناس لدقائق، الدموع فى عيون الجميع، لم يستثن الحزن أحدا من الحضور، بمن فيهم مصورو الفضائيات والصحف الأجنبيّة، وفى الوقت نفسه، سارع رفاق جيكا، بطبع صورته بالجرافيتى على حوائط وجدران مبانى شارع محمد محمود، وكتبوا عدة عبارات عن الشهيد كان منها «جيكا مات هنا».

واصلت الجنازة طريقها، إلى مدافن باب الوزير، مرورا بشوارع القاهرة المختلفة، هتاف الآلاف أثار فضول سكان الأحياء المختلفة التى مرّت بها الجنازة، ووقف الناس على الأبواب وعبر النوافذ يتابعون الجنازة، ورفع عدد كبير منهم هواتفهم المحمولة المزودة بكاميرا لتصوير مشاهد الجنازة، فى مشهد بدا شبيها برسم كاريكاتورى يتداوله الناس على «الفيس بوك» حيث يظهر غريقا فى بحر يستغيث الناس لإنقاذه، فيبادرون جميعهم برفع هواتفهم تجاهه لتصوير مشهد الغرق.

تخللت الجنازة هتافات كان أبرزها التهليل والتكبير « لا إله إلا الله .. الله أكبر» ورفع بعض النشطاء لافتة كبيرة ساروا بها أمام النعش تقول: «لو حق جيكا مجاش .. ياشعب متلومناش»، ولم تفلت جماعة الإخوان المسلمين من الهتافات المناهضة لها، إذ ردد بعض المشاركين «لا إله إلا الله.. الإخوان أعداء الله»، وحينما مرّت المسيرة من أمام منزل يضع صور الرئيس محمد مرسى فوق واجهته، احتد بعض النشطاء ضد أهل المنزل، وطالبوهم بإزالة صور الرئيس.

من نافذة أحدى المنازل، وقفت سيّدة منتقبة، وبدأت تنوح فوق جنازة جابر، وهو ما رفضه المشيعون، وقالوا لها «متصوتيش.. زغردى جابر مات شهيد».

بين دقيقة وأخرى، كانت تعلو الهتافات ثم تهدأ، وحين مرت الجنازة من أمام قسم شرطة الدرب الأحمر، بادر بعض النشطاء بمطالبة مجندى الأمن التابعين للقسم، بالتوارى عن الأنظار منعا لحدوث احتكاكات، ورغم استجابة المجندين، إلا أن بعض الغاضبين من المشيّعين، كادوا يعتدون على بعض سيارات الشرطة التابعة للقسم، لولا تدخل بعض النشطاء ومنعهم من ذلك.

لم تغب أسر الشهداء عن جنازة «جيكا»، حيث حضرت والدة الشهيد خالد سعيد وسارت مع الجنازة منذ بدايتها، وكانت فى مقدمتها طوال سيرها، برفقة سيارة نيسان سوداء، أما والد الشهيد «مصطفى حلمى سيد»، الذى كان نجله ضمن شهداء أحداث مجلس الوزراء فى العام الماضى، فقد اختار إحياء ذكرى نجله مع تشييع جثمان «جيكا» إذ سار بالجنازة، رافعا لافتة تقول «من والد الشهيد مصطفى حلمى سيد، شهيد أحداث مجلس الوزراء، إلى جنة الخلد يا جابر يا زهرة الشهداء».

وصلت الجنازة محطتها الأخيرة بمدافن باب الوزير، قبل غروب الشمس بدقائق، وأنهت مهمتها فى توسيد جثمان الشهيد الثرى، فى دقائق معدودة، وقبل إغلاق القبر، وقعت مفارقة لافتة، حيث فوجئ المشيعون بأسرة أحد أقارب الشهيد يطالبونهم بعدم إغلاق القبر، لأن لديهم ميتا آخر من نفس العائلة يريدون دفنه مع جابر.

بعد الانتهاء من مراسم الدفن، وقف شابان لكل منهما لحية كثيفة، يدعوان لجابر. وتحدث الاثنان عن ثواب الشهادة فى الإسلام، وعن «أفضل الجهاد: كلمة حق فى وجه سلطان جائر»، الذى تحدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن «الشهيد يشفع فى سبعين من أهله يوم القيامة»، وطالب أحدهم المشيعين بالدعاء لجابر، ولحظة إغلاق القبر وتسوية التراب فوقه، أجهش العشرات من شباب النشطاء الشباب بالبكاء، مرددين «مع السلامة ياجيكا»، وأصيب بعضهم بحالات إغماء نتيجة ضيق المكان والزحام، كما التف الناس حول شقيق جابر، يواسونه، ويهنئونه بشهادة شقيقه، ويطالبون أسرته بالصبر، فقال لهم: «الحمد لله على كل حال.. وحسبنا الله ونعم الوكيل فى تجار الدين اللى بيقولوا على الثوار بلطجية.. جابر فضحهم وكشفهم».

بعد العودة من دفن جابر، نظم رفاقه من شباب حركة 6 أبريل عزاء له بمنطقة عابدين، وحرص عدد كبير من السياسيين على حضوره، كان أبرزهم الدكتور محمد البرادعى والمرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى والباحث السياسى عمرو حمزاوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.