العلمانيون فى المسيحية هم «الاقباط من غير رجال الدين»، ويعبر عنهم المجلس الملى الذى يرأسه البطريرك، ويليه وكيل المجلس، ويتكون من اكثر من 24 عضوا، ويختص بالنواحى الإدارية للاقباط وغير مسموح له بالتدخل فى الامور الدينية. أنشئ المجلس الملى فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر، حسب ما يروى الكاتب الصحفى سليمان شفيق، «وكانت الكنيسة تشهد صراعا حادا وجادا بين الاكليروس «رجال الدين» وبين العلمانيين داخل الكنيسة».
ويكمل شفيق ان اول وكيل لأول مجلس ملى هو بطرس غالى الكبير، وكان وكيلا للمجلس فى عصر الانبا كيرليس الخامس، وطرح لائحة علمانية تعطى للعلمانيين حق ادارة شئون الكنيسة مما اغضب البطريرك والاساقفة، فقرر كيرليس الخامس حل المجلس الملى فى عام 1875، ولجأ بطرس غالى الى الأمر العالى فأعيد تشكيله مرة اخرى.
ويضيف شفيق ان المجمع المقدس اصدر قرارا برئاسة البابا كيرليس الخامس حينها برفض لائحة المجلس الملى التى تمنحهم سلطات اعلى من رجال الدين فى ادارة الكنيسة، وحل المجلس مرة اخرى لكن غالى حرض الحكومة فنفى البابا كيرليس الخامس الى دير البرمواس، ومعه مساعده الانبا يؤانس الذى اصبح بطريركا فيما بعد، الى دير الانبا بولا.
ومنذ ذلك هذا التاريخ وحتى 1927 رفعت 17 قضية، وتقدم اعضاء كثيرون مثل نائب الوفد سرويل جرجس بمشروع قانون تعديل لائحة المجلس الملى، ولكن الانبا مكاريوس انحاز للعلمانيين واللائحة الحالية للمجلس الملى، ولكن المجمع المقدس استطاع ان يجبره على العيش فى الدير بعيدا عن كرسى البطريرك.
عاد الصراع مع المجلس الملى مرة اخرى بجلوس البابا يوساب على الكرسى البابوى، وتجلى الخلاف عندما قام مساعد البطريرك «ملك»، بالاعتداء على اعضاء المجلس الملى وتم التحقيق معه من قبل النيابة، حيث دخل قاعة اجتماع المجلس واعتدى على اعضائه.
ويأتى عصر البابا كيرليس الذى اصدر قرارا بتجميد المجلس الملى فى عهده، لكن البابا شنودة الثالث قرر اعادة المجلس من جديد، ورسم اعضاءه «شمامسة» فحولهم من علمانيين الى اكليروس اى رجال دين ومنح منصب وكيل المجلس للدكتور ثروت باسيلى، فظهر بديل اخر للمجلس الملى معبرا عن العلمانيين داخل الكنيسة وهو التيار العلمانى بقيادة كمال زاخر ومؤخرا الائتلافات والاتحادات الشبابية التى تواجه وتنتقد الاساقفة.
وتتلخص ازمة المجلس الملى فى ان لائحته تحتوى على مواد لو تم تنفيذها منحت المجلس صلاحيات لادارة الكنيسة، وهو ما يرفضه البابا فمثلا المادة 9 تقول «ينظر المجلس لكافة المصالح الداخلية للاقباط، ويختص بمصروفات الكنيسة والاديرة والمدارس وجميع حجوجها ومستنداتها، وينظم حسابات الايراد والمنصرف ويحفظ الارصدة».
أما المادة 10 فتنص على ان يكون من واجب المجلس ادارة المدارس والمطبعة ومساعدة الفقراء وحصر الكنائس وقساوستها والاديرة ورهبانها والسجلات الموجودة فى هذه الجهات.
كذلك تمنح المادة 16 للمجلس صفة محكمة الحوال الشخصية، وتخصه بالنظر فى نزاعات الزواج والطلاق للأقباط. ويؤكد الكاتب الصحفى سليمان شفيق ان البابا تواضروس يجب ان يعيد صلاحيات المجلس الملى للتعبير الحقيقى عن العلمانيين داخل الكنيسة، وعدم السماح للمؤسسات اخرى غير كنسية بالمطالبة بمراقبة الكنيسة.