اتفق عدد من الخبراء الدوليين على ضرورة تعمير سيناء بالبشر بشكل عاجل، وعدم حصر سيناء في التعامل الأمني ومحاصرة الخارجين، وقال عدد من مواطني جنوبسيناء، إن منطقة الجنوب تشهد استقرارا نسبيا بسبب الأنشطة السياحية التي يعتمد عليها المواطنون في سبل العيش، وهو ما يجعلهم يخشون على "أكل عيشهم". وطالب الدكتور عبد الله الدخيل، الخبير الزراعي الدولي ومنسق مركز الزراعة الملحية، الحكومة بإعداد مشروع تنموي ضخم لسيناء، تشارك في تمويله المنظمات الدولية والجهات المانحة، موضحا أنه يجب أن يتضمن المشروع عمل نماذج للتنمية تناسب طبيعة الموارد المائية والأرضية المتاحة، بعدما اتجهت الدولة لتأسيس مشروع توشكى دون أن تضع نموذجا له، وكانت نتيجة عدم وجود التخطيط تدهور المشروع.
وقال الدخيل، أمس الأول، على هامش ورشة العمل التي أقامها المركز: تنمية سيناء تبدأ بالتخطيط العمراني ثم التخطيط على مستوى الإنتاج والتصنيع الزراعي، وتحسين أحوال المزارع المصري والبدوي، من خلال تسويق المحاصيل الزراعية التي تحقق أعلى عائد له، بالإضافة إلى ضرورة تبني مشروع للتنمية البشرية من خلال خطة إستراتيجية للدولة كأحد المكونات الأساسية للتنمية.
وأضاف، للأسف ما يحدث في مصر هو نفسه ما يحدث في أودية الأنهار الأخرى في باقي الدول العربية مثل سوريا والعراق، وخلال 20 عاما سننقب على الأراضي الزراعية بدلا من البترول، بسبب التخطيط العمراني العشوائي للقرى المصرية، وهو ما يمثل كارثة تتكرر أيضا في سيناء، تبدو ملامحها واضحة في منطقة سهل الطينة بسبب التخطيط العشوائي.
وأكد الدكتور رأفت خضر، رئيس مركز بحوث الصحراء، أن الدراسات التي أجراها المركز أثبتت إمكانية الزراعة في الأراضي شديدة الملوحة في شمال وجنوبسيناء، حيث نجح العلماء في زراعة أصناف من الحبوب والمحاصيل في الأراضي التابعة لمحطة بحوث رأس سدر، وثبت إمكانية التوسع فيها بمساعدة المزارعين، مشددا على ضرورة تدخل الدولة لدعم الزراعات في الأراضي شديدة الملوحة، والتي تعاني من درجات جفاف شديدة في منطقة سيناء تحديدا، لتعميرها وتنميتها، وتابع، "يجب أن نعمل بإدينا وسنانا لسد الفجوة الغذائية من الحبوب والذرة اللازمة للعلف الحيواني الذي نعاني من نقص فيه يقدر بنحو 5 إلى 6 ملايين طن سنويا نستوردها من الخارج بالعملات الصعبة.
ومن جانبه، حذر الدكتور حسن الشاعر، الخبير الدولي بمركز بحوث الصحراء، من وضع سياسات "مكتبية" لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع فيما يخص تعمير سيناء. وتابع: لن تكون هناك تنمية طالما لم نقترب من مشاكل الناس، موضحا أن المنطقة الواقعة في العريش وحتى الحدود مع إسرائيل تعد أكثر المناطق خطرا في مصر، وتجود فيها زراعة جميع الخضروات التي ترفع معدلات العمالة وتتمتع بميزة نسبية جعلت إسرائيل تتحسر عليها.
وطالب بضرورة تبني الدولة سياسات زراعية جديدة تعتمد على زراعة المحاصيل التي يمكن إنتاجها في ظروف مناخية صعبة، وتتحمل نقص المياه والجفاف والملوحة، مشددا على أن العديد من مناطق شمال سيناء يسهل زراعتها واستصلاحها ولكن ينقصها الإرادة السياسية.
وقال سليم مسلم، صاحب مزرعة بجنوبسيناء: إن جنوبسيناء، رغم الصعوبات التي يواجهها أبناءها، إلا أنهم نجحوا في الحفاظ على "لقمة عيشهم" وأقواتهم، بسبب انخراط معظمهم في النشاط السياحي، بينما عجزت الدولة عن تنبى مشروعات حقيقية في شمال سيناء، وتعثرت كل خطط التنمية، فغاب الأهالي في الجهل والفقر والتطرف.