حينما يتعلق الأمر بالحج الذي يشهد فيه الناس منافع لهم، ويتوجهون لعرفات قبل أن يطوفوا بالبيت العتيق، تقف السلطات السعودية على أعلى مستوياتها في حالة استنفار في هذه الأيام المعدودات. وفيما تشرئب نفوس الحجاج من مكة باتجاه عرفة والجمرات، فإن جهود هذه السلطات تتجه لتسهيل مهمة الحجاج، وتقليل الحوادث، وتخفيف الازدحامات.
ومن بطن مكة ووديانها يتوجه نحو ثلاثة ملايين حاج يوم الثامن من ذي الحجة نحو منى، ومن هناك نحو عرفات؛ لينفروا بعدها إلى مزدلفة ومنى لرمي الجمرات.
ومن عرفات استكملت السلطات عمل قطار المشاعر، بعد ثلاث سنوات من تشغيله؛ ليتمكن أخيرًا من حمل أكثر من نصف مليون حاج، وهي أكبر سعة تحميلية يبلغها أي قطار في العالم، خلال ست ساعات، في النفرة من عرفات لمزدلفة.
وسيحمل القطار في حركته الدؤوب بين المشاعر ما بين خمسة وستة ملايين حاج في خمسة أيام.
وقال المدير العام لمشروع قطار المشاعر المقدسة فهد بن محمد أبو طربوش: "إن المشروع الذي بات يعمل الآن بطاقته الكاملة يتكون من 17 قطارًا عاملا، تبلغ طاقة كل منها الاستيعابية 3500 حاج، فيما تبلغ الطاقة الاستيعابية التصميمية للقطار 72 ألف راكب في الساعة الواحدة، وقد تصل إلى 100 ألف، أي أن القطار سيستطيع حمل نحو 550 ألف حاج في ست ساعات في النفرة من عرفات إلى منى مساء وحتى منتصف الليل، فيما سيتمكن من حمل خمسة إلى ستة ملايين حاج في هذا الموسم".
ويبلغ طول القطار الواحد 300 متر، وفيه 12 عربة، يخصص في كل منها 25% لجلوس كبار السن، وجزء لذوي الاحتياجات الخاصة، وتبلغ سرعة القطار نحو 100 كلم في الساعة، أي سيتمكن من الوصول من عرفة إلى مزدلفة في سبع دقائق، ومثلها إلى منى، ما يعني اختصار ساعات طويلة تقضيها الحافلات؛ للوصول لهذه الأمكنة.
ولأن القطار يرتفع عن الأرض أكثر من خمسة أمتار، فقد خصص لكل محطة 20 مصعدًا، كل واحد منها طاقته الاستيعابية 50 راكبًا إضافة إلى المصاعد الكهربائية والمنحدرات.
وتؤدي إلى القطار ممرات مكيفة، ويشمل مشارب المياه ودورات المياه، وتفرض على أدائه رقابة صارمة.
ومن مركز التحكم الرئيسي للقطار الذي نفذته وتشرف عليه شركة صينية، قال الفني المشرف على الوحدة: "إنها تشرف على غرف مصغرة تراقب حركة القطار الذي يسير بالتحكم الآلي، ويوجد فيه مراقبة للتعامل مع الطوارئ".
وأشار إلى أن كل قطار فيه كاميرات مراقبة، داخله وخارجه، وفي الممرات داخل المحطات (1200 كاميرا)، وهي معقدة لدرجة أنها تحصي عدد الأشخاص الذين يدخلون المحطة؛ للمساهمة في توجيههم أو التعامل مع أي حوادث أو حرائق، أو حتى تهديدات أمنية وإرهابية، حسبما قال مسؤول كبير في الدفاع المدني.
ويبقى ربط مكة بالمشاعر عبر شبكة قطارات تحديًا كبيرًا للسلطات التي تقول إنها: "ستنجزه في 2020". هذا فضلا عن استمرار وسائل النقل الأخرى بين المشاعر وحدوث ازدحامات واختناقات، بسبب الحاجة لتوجه نحو ثلاثة ملايين حاج دفعة واحدة من عرفات لمزدلفة.
وتحاول السلطات السعودية جاهدة تسيير موسم الحج بأفضل الإمكانات وأقل الخسائر في الأرواح، ولكن حسابات الحقل الواقع قد تأتي بكوارث أو حوادث غير متوقعة، وهذا سيكون خط الدفاع الثاني الذي ستتولاه أجهزة الدفاع المدني.