قبل القراءة يجب أن تعرف أن هذا الكتاب «عمل روائى»، وأن الشخصيات الواردة بالرواية، وإن كانت بأسمائها الحقيقية، موجودة لخدمة العمل الأدبى القائم على الخيال» تنبيه وحيلة معروفة كُتبت فى الطبعة الإنجليزية من رواية سليم نسيب «عشقتك لصوتك» الصادرة عن الشروق بالتعاون مع دار Europa Editions. قصة حب الشاعر أحمد رامى، ونجمة الشرق أم كلثوم معروفة فى أدبيات الشعر ومتداولة بين الناس والنقاد منهم الناقد محمد مندور الذى قال إنها «قصة تشبه الأساطير»، وكانت هذه القصة تيمة رواية نسيب التى صدرت من قبل فى عنوانها الأصلى الفرنسى بعنوان «أم» قاصدا «أم كلثوم»، ثم تُرجمت فى الكتاب الذى بين أيدينا إلى الإنجليزية على يد «أليسون أندرسون». بالطبع التأكيد على أن هذا العمل «I loved you for your voice» مجرد رواية مهم جدا، حتى لا يختلط الأمر على القارئ، الذى يبدأ القراءة مع الراوى أحمد رامى الذى عاد لتوه من فرنسا، فيقدمه محمد عبدالوهاب إلى أم كلثوم التى طلب منها غناء أغنية الشيخ أبوالعلا محمد «الصب تفضحه عيونه.. وتنم عن وجد شجونه» لكى تغنيها، وهى القصيدة التى نشرتها مجلة (السفور) فى أثناء وجود رامى فى باريس، فأعجب بها الشيخ أبو العلا محمد الذى كانت تربطه علاقة صداقة بأسرة رامى، فأخذها ولحنها، وأصبح «الصوت والقصيدة» حديث كل الناس فى مصر، ومن ثم تحول الحديث إلى أم كلثوم ورامى الذى كتب قصيدة لأم كلثوم قال فيها: صوتك هاج الشجو فى مسمعى وارسل المكنون من أدمعى سمعته فانساب فى خاطرى للشعر عين ثرة المنبع ودب فى نفسى دبيب المنى والبرء فى اليائس الموجع غنى وخلى الدمع يروى الذى قد جف من نفسى ولم يينع لعل فى تجواله أحياء ما دفنت من حبى ومن مطمعى وفى تتبع الرواية نجد أن سليم نسيب المقيم فى باريس منذ 1969، ويعمل صحفيا فى جريدة «ليبراسيون» حاول إعادة قراءة تاريخ مصر عبر الأغنية والقصيدة، عبر أم كلثوم ورامى، عبر الحب المكتوم والبوح، عبر 137 أغنية غنتها أم كلثوم لأحمد رامى، فيقسم روايته إلى أجزاء تاريخية، الأول من 1924 إلى 1928، والثانى من 1932إلى 1938، والثالث من 1950 إلى 1956، أما الجزء الأخير والرابع فمن 1965 إلى وفاة أم كلثوم 1975. وفى أجزائه الأربع يوضح سليم نسيب، ولا ننسى أن خلفية الرواية هى قصة العاشق الولهان أحمد رامى وحبه الخفى لأم كلثوم، تطورات أم كلثوم التى يعرفها المصريون جيدا، وقصة صعودها، وتحولات حياتها الفنية خاصة بعد هزيمة 1967 حيث أصبحت صوتا مهما وأحيانا رسميا لإعادة الثقة للناس وللنظام، فتغنى فى كل العواصم العربية «هناك انا فدائيون»، وتجمع تبرعات لإزالة آثار العدوان ودعم المجهود الحربى. وسليم نسيب الذى كتب روايته الأولى «العاشق الفلسطينى» التى تدور أحداثها حول العلاقة العاطفية السرية التى ربطت بين جولدمائير ورجل الأعمال الفلسطينى ألبير فرعون، يكشف لنا فى روايته «عشقتك لصوتك» عوالم رامى الداخلية، شعوره بالوحدة، وتوهج الحب الصامت الذى لا يقدر أن يبوح به إلا فى قصائده، وتذيعه إلى العالم أم كلثوم بصوتها.