تتمتع العديد من الدول فى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بعوامل ديموجرافية جاذبة للاستثمار، تتمثل فى ارتفاع عدد السكان من الشباب، الأمر الذى يفترض أن يساهم فى خلق نمو اقتصادى قوى خلال العقود المقبلة، ولكن السنوات الأخيرة أظهرت أن هناك خيطا فاصلا بين التقسيمات الديموجرافية وغضب الشباب خصوصا فى الدول التى عجزت عن خلق وظائف جديدة، بحسب تقرير حديث لشركة شرودرز البريطانية لإدارة الأصول، والذى قدمت فيه رؤيتها لفرص الاستثمار فى دول المنطقة بعد أكثر من عام مرت على اندلاع الربيع العربى معتبرة أن «الوضع فى مصر مازال بعيدا عن الأمان». وعلى الرغم من أن المؤسسة، التى تعمل منذ 200 سنة وتعتبر إحدى كبرى شركات إدارة الأصول ببريطانيا، قدمت صورة ايجابية عن التحولات السياسية فى مصر بعد حسم الصراع بين الجناحين المدنى والعسكرى وانتخاب رئيس جديد، فإنها أثارت تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية فى مصر ودول المنطقة ليس فقط فى ظل المخاطر السياسية والمحدقة، ولكن أيضا مع استمرار هيمنة النموذج الاقتصادى السابق للثورة والذى يعوق تحقيق النمو الاقتصادى المستدام الذى يساهم فى تحقيق التطلعات الاجتماعية للشباب.
واعتبر التقرير أن الدولة المركزية القوية فى مصر والجزائر وتونس أعاقت عملية التنمية والنمو المستدام، حتى إنها أدارت عملية الخصخصة من خلال بيع الأصول العامة لمجموعة صغيرة من رجال الأعمال، وفى ظل قصور المساحة المتاحة للقطاع الخاص، يكون هناك دور كبير منتظر من الحكومة لتحقيق المطالب الاجتماعية، ويحذر التقرير من أن استمرار هذا الوضع مع السلطة الجديدة فى دول مثل مصر وتونس، سيدفع تلك الحكومات إلى تطبيق سياسات شعبوية وستكون الائتلافات الحاكمة الجديدة فى وضع هش وستتغير الحكومات بشكل متسارع.
ونصح التقرير حكومتى مصر وتونس بإتاحة المجال لإحداث طفرة فى دور القطاع الخاص وعملية التصنيع وتأسيس اقتصاديات يكون الاستهلاك هو المحرك الرئيسى للنمو بها.