فى السنة المالية التى اتجهت فيها الحكومة إلى تجميد نسبة إنفاقها على قطاع الصحة، ضمن محاولة لاستيعاب عجز الموازنة المتنامى، يتمسك إضراب الأطباء الذى دخل أمس فى يومه الثانى برفع موازنة الصحة ويرى خبراء أن مطالب الاضراب بتحسين مستوى المستشفيات العامة المتدهورة، وأجور الأطباء المتدنية لا تحتمل التأجيل. «لدينا نحو 540 مستشفى عام تمثل المقدم الرئيسى للخدمات الصحية للفقراء، وهى ايضا الكتلة الاساسية فى اضراب الأطباء، حيث يقتصر متوسط الموارد الموجهة للنفقات الجارية فى تلك المستشفيات على نحو 1000 جنيه شهريا، ويواجه الأطباء المرضى الفقراء بضرورة تحمل تكاليف العديد من مستلزمات العلاج الامر الذى يدفع المرضى للاعتداء على الأطباء فى بعض الحالات»، كما يقول علاء غنام، مدير برنامج الحق فى الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية. وأوضح غانم أن انخفاض حجم الانفاق على المستشفيات العامة كان أحد الدوافع الرئيسية للإضراب «الانفاق على الصيانة ايضا أحد البنود المنخفضة، فمن الظواهر المتكررة فى المستشفيات العامة خاصة خارج العاصمة توافر أجهزة مهمة مثل أجهزة الاشعة ولكنها عاطلة عن العمل بسبب عدم توافر الموارد الكافية للصيانة» كما يضيف غنام.
كانت الحكومة قد رفعت حجم الانفاق على الصحة فى موازنة العام المالى الحالى إلى 27.4 مليون جنيه مقابل 23.1 مليون جنيه فى العام المالى الماضى، لتظل نسبته من إجمالى الإنفاق العام شبه ثابته عند نحو 5%، بينما يطالب الأطباء باتباع سياسات مالية لتحقيق اهداف اتفاق ابوجا الذى وقعت عليه مصر ويقضى ببلوغ نسبة الانفاق على الصحة إلى 15% فى عام 2015.
«بالرغم من أن اتفاق ابوجا لا يمثل الا الزاما أدبيا، الا أن عدم التزامنا به يجعل موازنتنا معادية للعدالة الاجتماعية، خاصة اذا نظرنا إلى انخفاض مستوى الانفاق على الصحة فى مصر مقارنة بالعديد من الدول العربية والافريقية»، كما يقول محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة.
وتقدر دراسات متوسط الانفاق على الصحة فى افريقيا من اجمالى انفاق الحكومات عند 7%، وتشهد دول مثل اوغندا، اضرابات من الأطباء، تطالب بالالتزام باتفاق ابوجا، فى الوقت الذى تتجه فيه حكومة اوغندا لتخفيض الانفاق على الصحة من 9.8% من الانفاق العام إلى 7.6%.
وقال محمد شفيق، عضو اللجنة الاعلامية باضراب الأطباء، ل«الشروق» إن مستشار الرئيس محمد فؤاد جاد الله قال للجنة العامة للاضراب أن الحكومة ستسعى إلى رفع نسبة الانفاق على الصحة فى موازنة العام القادم إلى 7% من اجمالى الانفاق العام.
«لا تقتصر المشكلة فقط على حجم الموارد ولكن على طريقة توزيعها، حيث يستوعب ديوان الوزارة وحده 8 مليارات جنيه من الانفاق على الصحة وهو ما يعبر عن سياسات شديدة المركزية»، كما يوضح غنام، مشيرا إلى الحاجة لإعادة توزيع المهام التى تقوم بها الوزارة على نحو غير مركزى وضمان الشفافية لحماية الموارد العامة من الممارسات الفاسدة.
أجور الأطباء المتدنية أحد أهم المجالات أيضا التى يطالب الاضراب بتحسينها ايضا، حيث يصل دخل الطبيب المعين حديثا نحو 700 جنيه، كما يقول غنام، بينما تطالب حركة أطباء بلا حقوق داخل النقابة بتطبيق كادر يرفع أجر طبيب التكليف إلى 3000 جنيه ويقرب الاجر الثابت من الاجر المتغير للدرجات الأعلى.
«هناك دراسات تقدر أن 87% من الأطباء يعملون فى جهتين وأكثر، وأن 68% من الأطباء يعملون فى ثلاث جهات وأكثر، يجب أن يتوفر الاجر الذى يضمن للطبيب التفرغ للعمل فى المستشفيات التابعة للدولة»، كما يقول خليل.
كان الرئيس محمد مرسى قد وعد نقابة الأطباء بتخصيص 700 مليون جنيه لتمويل قرارات وزارية صدرت من قبل لرفع اجور بعض شرائح الأطباء ولم يكن هناك موارد متاحة لتطبيقهم.