يسبر كتاب "السمكة داخلك" للمؤلف نيل شوبين أغوار، أحافير أحياء الزمن السحيق بشكل مقارن، ويسلط الضوء على اكتشاف مؤلف الكتاب مستحاثة التيكتاليك، وهي تشكل إحدى حلقات الوصل في سلسلة انتقال الحياة المائية إلى البرمائية. ويتضمن الكتاب الصادر عن مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، أحد عشر فصلاً يتحدث كل فصل منها عن سمات الربط بين اكتشاف شوبين للسمكة، وكيفية تطورها في الأحياء الأكثر تعقيدًا وصولاً إلى الإنسان، فيسلط الفصل الأول الضوء على الصلة العميقة بين مختلف الكائنات الحية، وكيفية معالجة هذا الشبه بين الكائنات الحية في أيامنا هذه، والكائنات البائدة في الأزمان السحيقة.
وتعرض الفصول المختلفة من الكتاب الأجزاء الرئيسية التي تعكس الشبه التطوري الكبير بين معظم الكائنات الحية بشكل منظم، كما تسرد التشابهات التي وجدها نفر من العلماء بين جينات الثدييات وجينات العديد من الكائنات الحية الأخرى بدءًا بالبكتيريا؛ أقدم المخلوقات على وجه الأرض.
تتضمن الفصول الأخرى من الكتاب الذي نقله للعربية حسن غزلان كيفية تطور الأسنان، كمًا ونوعًا، والرأس وعظام الجمجمة، وتصميم الجسد كخريطة مفصلة من الرأس إلى أسفل الجسد، وتسرد كيفية تحور الجينات وتكيفها لإضفاء وظائف إضافية أو نسخ وظائف لا حاجة لها في أجسادنا، مقارنة بذلك بين الإنسان والحيوانات المختلفة، والحيوانات التي تعيش على البر والكائنات المائية.
وفي بحثه في تطور الكائنات الحية، يعرض الكتاب إلى الشبه الشديد في أنظمة الرؤية الموجودة في الكائنات المختلفة، وكيفية تطور الأعين لدى هذه الأجناس بدءًا من الكائنات البحرية الرخوية، وصولاً إلى الحيوانات المختلفة.
كما يسهب في الحديث عن الأذنين وكيفية توافق تراكيبهما الداخلية مع التراكيب الداخلية للأذنين أو أشباه الأذنين في الكائنات المائية، وكيفية تطور عظيمات السمع الثلاث وتحورها وتغير وظائفها للحصول على أجزاء الأذن لدى الثدييات الأخرى، التي تساعده في السمع والحفاظ على الاتزان وإدراك وضعية الجسد في عالم ثلاثي الأبعاد.
ويلخص الكتاب في الفصل الأخير ذلك كله موضحًا بأمثلة بسيطة كيفية تكيف الكائنات الحية مع العوامل البيئية المحيطة، ومن ضمن هذه الطرق التكيفية نشوء نسخ مختلفة من الجينات التي تظهر صفات شكلية جديدة لتمكنه من التعايش مع التغاير في بيئته المحيطة، إما بتشغيل جينات معينة، أو إيقاف عملها، أو حتى حدوث طفرات متعددة، الأمر الذي كان أساسًا لنشوء الأنواع المختلفة وتباينها، بدءًا من المخلوقات وحيدة الخلية وصولاً إلى الكائنات الأكثر تعقيدًا كالثدييات.