لم يكن يتصور أحد أن يصل حزب النور السلفى الذى حصل على لقب الوصيف فى البرلمان المنحل إلى فصل النهاية، بعد مرور عام من تأسيسه، فحالة الزخم التى صاحبت تأسيس الحزب الذى خرج من رحم الدعوة السلفية. وحصوله على نحو 25% من مقاعد البرلمان المنحل، جعلت البعض يتصور أنه سيكون الحصان الأسود فى مضمار المعترك السياسى بعد الثورة، وذهب البعض إلى أن مشايخ السلف سيسحبون البساط من تحت أقدام الإخوان شيئا فشيئا، ألا أن ما حدث خلال الأسابيع الماضية أظهر أن «النور» أصابته أمراض السياسية المصرية مبكرا، وعادت بالذاكرة إلى ما حدث مع معظم الأحزاب المصرية «انشقاق، فنزاع، وأخيرا قرار من لجنة شئون الأحزاب بالتجميد».
فتنة «النور» هى صورة متكررة لما كان يحدث مع الكثير من الأحزاب المدنية قبل الثورة بفعل التدخل «المباحثى» أو بسبب تصاعد النعرات الشخصية، وهو ما لم يكن متوقعا أن يحدث بين «الداعين إلى طريق الله».. «الشروق» حاورت أطراف الفتنة للوقوف على حقيقة ما جرى.
وصف رئيس حزب النور المقال، ومساعد رئيس الجمهورية للتواصل المجتمعى، د.عماد عبدالغفور، الهيئة العليا لحزب النور، التى أصدرت قرارا بإقالته، وتعيين مصطفى خليفة بدلا منه، بأنها «غير قانونية»، مؤكدا أنها لا يحق لها إقالته.
وأضاف عبدالغفور فى تصريحات ل«الشروق»، «هم ليسوا هيئة عليا، وإنما 11 شخصا فقط، فالهيئة العليا من المفترض أن تضم 36 شخصا، ولذلك فإن اجتماعهم لا يصح، فأنا دعوت لاجتماع الهيئة العليا، وحضر حوالى 24 عضوا».
وأشار عبدالغفور إلى أن رئيس الحزب حسب اللائحة، لا تتم إقالته إلا من خلال جمعية عمومية، «المادة تقول إن رئيس الحزب لا يخضع لسيطرة أى احد فى الحزب، إلا الجمعية العمومية، وهى تضم 450 شخصا، وقراراتها تكون بثلثى الأعضاء، ويتم الدعوة لها من ثلث الأعضاء، أما الذين اتخذوا قرار إقالتى، فكلامهم بالنسبة لى غير قانونى، وهم لا يفهمون أن رئاسة الحزب لا تعنينى من قريب أو بعيد، ونحن سنسلم الحزب، ونترك مواقعنا، لكننا سنسلمه لأشخاص عقلاء، وليسوا متهورين». وأشار إلى أن الهيئة العليا التى اتخذت قرارا بإقالته تريد السيطرة على الحزب قائلا: «هم يعرفون أن لديهم مشاكل كثيرة لا يستطيعون بها أن يقرروا ما يريدون، فمثلا هناك لجان متخصصة، تضم مائة عضو، لرئيس الحزب الحق فى اختيار نحو 60 من مؤسسى هذه اللجان، فيصبح له الأغلبية، موضحا «هم قالوا نشيله بدلا من أن تكون له الأغلبية».
وأضاف عبدالغفور «نحن نعبر عن الفكر الصحيح بعيدا عن التشنج، وخطاب إعلامى راق، لكن إعلامهم به مشاكل كبيرة جدا، وهم يوقعوننا فى مخالفات هائلة، وكل هذه المشاكل تقع على رءوسنا فى النهاية».
وحول سبب الخلافات الحالية، يقول عبدالغفور «هناك خلاف فى أسلوب التفكير، فأنا لست تصادميا، وأميل إلى حل المشاكل بهدوء وليس بالعنف، وحققت نتائج جيدة جدا بهذا الأسلوب»، مضيفا «قرارهم بإقالتى لا قيمة له، والأمر منتهى، لأن الحق معنا من الناحية القانونية، وفى النهاية سيتم حل الخلاف بقرار من النيابة أو لجنة شئون الأحزاب». كان عبدالغفور دعا لاجتماع طارئ للهيئة العليا للحزب، مساء أمس الأول، حضره 24 شخصا، بعضهم من الهيئة العليا الموسعة الجديدة التى اختارها، وصرح عقب الاجتماع قائلا «أناشد الأخوة فى الهيئة العليا أن يعودوا إلى البيت، ويلتزموا بالعهد الذى قطعناه على أنفسنا، بأنه ليس هناك لدينا ما يسمى بالإقصاء أو الإبعاد».
وأشار عبدالغفور إلى أنه لم يفصل أحدا من أعضاء الهيئة العليا، سواء أشرف مخيون أو يونس مخيون، مؤكدا فى الوقت نفسه إقالة نادر بكار، من منصبه كمتحدث باسم الحزب، «لإنهاء الفوضى الإعلامية فى الحزب»، حسب قوله.
واتهم عبدالغفور لجنة شئون العضوية فى الحزب بالإفساد، وممارسة الكثير من الظلم على أبناء الحزب، أثناء التحضير لإجراء الانتخابات الداخلية، موضحا أنه تلقى آلاف الشكاوى من الأعضاء فى المحافظات المختلفة، والتى أحالها إلى مجلس شيوخ الحزب بهيئته الجديدة، مشيراً إلى أن الانتخابات الداخلية التى تجرى الآن، لا تعبر عن الحزب بأية طريقة، كما وصفها ب«المزورة».
وفى رده على سؤال حول تعيين نائبه السيد مصطفى خليفة رئيسا للحزب، قال عبد الغفور «السيد مصطفى لا يزال عضواً فى الهيئة العليا حتى الآن، بالإضافة إلى كونه نائباً لرئيس الحزب»، مشيرا إلى أن لديه ثقة تامة فى رفض غالبية مشايخ التيار السلفى لقرار سحب الثقة منه، وأنهم جميعاً يرون أنه الرئيس الشرعى للحزب.
فيما كشفت مصادر ل«الشروق»، أن مجلس أمناء الدعوة السلفية، قرر الاجتماع لبحث الأزمة الحالية فى حزب النور، فى محاولة لاحتوائها، على أن يعقبه اجتماع للهيئة العليا بالحزب اليوم، برئاسة الدكتور عماد عبدالغفور، لبحث قرارات مجلس الأمناء.
أمين النور بالإسكندرية :إن لم يكن الحزب ابن الدعوة فهو ابن سفاح
د. يسرى حماد ل«الشروق»: الآلية الوحيدة لاستبعاد عبدالغفور هى الانتخاب ..وقرار الإطاحة به تضليل