افتتح اليوم الجمعة، بمتحف الفن والتاريخ اليهودي بباريس، معرض خاص حول يهود الجزائر، يحاول أن يعيد رسم تاريخ هذه الطائفة من خلال تحف مستعارة وقطع تاريخية.
المعرض يُقام في الفترة ما بين 28 سبتمبر إلى 27 من يناير...وتعود فكرة إقامته إلى سنة 2005، حين كان الباحث الفرنسي في مجال التاريخ "بنيامين ستورا" والمستشار العلمي للمعرض، يعمل على كتابه "يهود الجزائر..الهجرات الثلاث".
ويُعتبر المعرض ثمرة عمل طويل للبحث والتجميع؛ للتوفيق بين المعطيات التاريخية والذكريات العائلية... وقد أطلق المعرض منذ 2011 نداء للتبرع، سرعان ما استجابت له حوالي 100 عائلة، وضعت ذكرياتها وقطعًا تاريخية، ظلت تتوارثها جيلا بعد جيل رهن إشارة المعرض.
تقول "ماري هيلين هوغ" التي عملت على فكرة المعرض منذ 2005، إنها: "المرة الأولى التي يتم فيها توجيه دعوة لفتح أرشيف العائلات، والمفاجأة الرائعة هي أن العائلات أظهرت كرمًا فائقًا؛ حيث قدمت ما تحتفظ به من قطع تاريخية، من صور وأفلام وأشياء أخرى تدخل في التاريخ الخاص لهذه العائلة أو تلك".
لقد اكتشف زوار المعرض، من مؤرخين وأعضاء من الطائفة اليهودية بالجزائر، تاريخ هذه الطائفة منذ التاريخ القديم.
وتوضح "هيلين" أن فترة التاريخ القديم تعتبر الفترة الأصعب؛ حيث إنه، ونظرًا لأسباب نجهلها، لا توجد في شمال إفريقيا الكثير من الأعمال والدراسات التاريخية حول الأقليات اليهودية والمسيحية والبربرية التي عاشت في المنطقة، في المقابل اهتم المؤرخون أكثر بالفينيقيين وبقرطاج والرومان.
في صالات العرض بدا الزوار أكثر حرصًا على اكتشاف تاريخ الفترة ما قبل القرن الثامن عشر، من خلال أشياء العائلات وذكرياتها، في ملابسها وصورها وأدوات المطبخ ولوازم العبادة.
حين اطلاعنا على أحد الفساتين المطرزة الخاصة بالسهرات، خاطبنا شيخ كبير السن وقد اختلطت على محياه مشاعر الفخر والتأثر، قائلا، إنها: "لوازم عروس؛ حيث كانت الفتيات الصغيرات ينقلن معهن ملابسهن وحتى ملابس الأطفال، استعدادًا لاستقبال أطفالهن"، ويشير إلى بعض القطع المعروضة، مؤكدا: "هذه لجدتي.. مثل هذه الأشياء كانت تستعملها العرائس للحمام، لقد استعملتها جدتي في زواجها في سنة 1905، سوف أسلمها فيما بعد إلى حفيدي ليحتفظ بها".
كان الحاضرون لمعرض يهود الجزائر فرحين وهم يرون أشياء لهم، احتفظوا بها وقد باتت ذات قيمة بعد أن عادت إليها الحياة... يتعلق الأمر بتكريم لهذه الفئة التي تعيش بود في فرنسا، تقول هيلين: "يهود الجزائر كان لهم إشعاع ثقافي هام جدًا، ويعرفون كيف يزاوجون بين التقاليد واحترام العلمانية".
بعد هذا المعرض، يعمل متحف الثقافة والتاريخ اليهودي على إنشاء أرشيف رقمي من صور وأشرطة وأفلام قدمها الخاصة لدعم المعرض، الأرشيف سرعان ما أصبح هو كذلك جزءًا من المعرض يمكن الاطلاع عليه.