«هنا نعلمهم فن الإيكيبانا، والذى يعنى ترتيب الزهور على الطريقة اليابانية فى دورتين، واحدة للمبتدئين وآخرى للمحترفين»، هكذا وصفت كوهارى يوشيكو مدير برامج مؤسسة اليابان المغزى وراء دورة تعليم فن تنسيق الزهور. الجمال لا يدوم، هذا مفهوم متأصل فى الثقافة اليابانية، يتم تطبيقه على شتى المجالات التصميمية من عمارة ورسم وديكورات وزهور، تقول كوهارى: «الزهور لا تدوم طوال العمر، لذلك نراعى عند تنسيقها أنها لن تعيش أكثر من يومين، ثم تبدأ فى فقدان لونها وتذبل، لذلك نحاول الحصول على لحظة جميلة من الطبيعة واحتوائها بشغف لأنها لن تدوم». ظهر فن تنسيق الزهور اليابانى فى القرن الخامس عشر، وعلى مر السنوات ابتكر عدة مدارس للتنسيق، منها «ناجيريبانا» وتعنى الزهور الملقاة، وكذلك «الإيكابانا» ويعنى تنسيق حياة الزهور، ولقى انتشارا ورواجا أكثر لتعبيره عن الحياة الحقيقية للنباتات. «فى الإيكابانا بإمكانك أن تترجم رؤية عميقة حتى فى أصغر التنسيقات لأنها تعكس الإحساس بالجمال لدى المتلقى والمنسق». 21 سيدة وفتاة مصرية فيما عدا واحدة يابانية، على الطاولات، وأمام كل واحدة منهن مجموعة من الزهور تقوم بتنسيقها فى طبق أبيض كبير. «أشعر بهدوء أعصابى وتغير حالتى النفسية، بمجرد دخولى المكان والتعامل مع الزهور». هالة ربة منزل وأم لثلاث فتيات عمر أصغرهن 18 عاما.. «درست تنسيق زهور على الطريقة الأمريكية، وهو أسلوب عملى، لا يوجد به الإحساس الذى نتعلمه مع اليابانيين». ولا تختلف هبة التى تربطها بهالة صلة قرابة عنها فى الرأى «تنسيق الزهور هواية عندى من زمان». هى أم لأربعة أبناء تتراوح أعمارهم بين 13 و24 عاما. «أعتبر هذا اليوم ترفيها لحياتى، وأشعر معه أننى أفعل شيئا خاصا بى بعيدا عن احتياجات البيت والأولاد، واستفيد منه فى تنسيق ليس فقط الزهور بل حتى الطعام وتنسيق شكل المائدة». وكان تعليق كوهارى على أحد التنسيقات أن صاحبته وهى مروة مازالت تضيف إليه نوعا من الجدية والعملية وأضاعت منه الحس الفنى لتعاليم الإيكيبانا. ابتسمت مروة «أنا خريجة صيدلة، أحضر ماجستيرا وأدرس اللغة اليابانية، وحياتى كلها عملية وأظل طوال الأسبوع أنتظر هذه اللحظة لأن الزهور هى طوق النجاة الذى يأخذنى من الجو العام المشحون بالمعادلات والأرقام والوصفات الطبية». حاولت رانيا خريجة كلية الفنون الجميلة الالتحاق بالدورة أكثر من مرة على مدار عامين، وفى كل مرة كانت الفصول «كاملة العدد»، لكنها احتجت بشدة هذا العام، مما جعل إدارة المؤسسة تضمها زيادة عن العدد المطلوب.