تستعد السوق المصرية بكثير من القلق لاستقبال أول شحنة حديد مستوردة من الصين خلال الأسبوعين المقبلين، بسبب انخفاض سعره عن المنتج المحلى بما يتراوح بين 500 و1000 جنيه تقريبا للطن، وهو ما يهدد بإغلاق المصانع المصرية، بحسب تصريحات محمد حنفى، رئيس غرفة الصناعات المعدنية. وقال حنفى: إن الغرفة ستعقد اجتماعا خلال الأسبوع الجارى لمناقشة هذه المشكلة التى «أربكت السوق»، وللمطالبة إما بفرض رسوم جمركية عليها، أو طرح خيار آخر تميل الغرفة إلى مطالبة وزارة الصناعة والتجارة به، وهو منع الحديد الصينى من الدخول إلى مصر، لأنه مهما كانت رسوم الإغراق التى ستقرر كبيرة فلن تغطى الفجوة بين السعر المحلى وسعر الحديد الصينى المنتظر.
ويدور سعر طن الحديد المصرى فى السوق حاليا حول 4500 جنيه، ومن المتوقع أن يقل سعر الحديد الصينى عن 4000 جنيه، وقال حنفى إنه تم التعاقد من احد المستوردين على شراء 30 ألف طن من الحديد الصينى، ومن المتوقع أن تصل مصر فى وقت قريب. ورغم أن تلك الشحنة لم تدخل السوق المصرية بعد، لكن التجار توقفوا عن شراء الحديد المحلى فى السوق بمجرد انتشار المعلومة، رغبة فى الحصول عليه بسعر منخفض، كما توقفت المصانع عن شراء البليت خوفا من عدم القدرة على تسويق منتجها فى حالة وجود الحديد الصينى الرخيص، مقابل منتج مرتفع التكلفة.
وكان الطلب على صادرات الحديد من الدولة التى تعتبر بين أكبر الدول المنتجة والمستهلكة للحديد قد تراجع من دول شرق آسيا، لذلك تسعى مصانع الصين لفتح اسواق جديدة مثل مصر، إلا أن انخفاض سعر الحديد الصينى مقارنة بالمنتج المحلى فى اسواق عديدة دفع دولها لاتخاذ قرار بفرض رسوم إغراق عليها كما حدث فى كل من ماليزيا وامريكا، وقال حنفى ان تركيا منعت دخول الحديد الصينى بلادها لحماية منتجها المحلى.
ورغم أن حنفى أكد أن جودة الحديد الصينى لا تقل عن نظيره المصرى، إلا أنه قال إن المصرى يتمتع بمرونة أكبر وهو ما يقلل نسبة الهالك منه عند تقطيعه للاستخدام فى البناء، «أى أن نسبة الهالك فى الصينى ستكون أكبر لذلك ربما تستخدمه شركات المقاولات فى الزوايا الطويلة مثل الأعمدة».
وتناقش غرفة الصناعات المعدنية فى اجتماعها المرتقب أيضا مشكلة الحديد التركى الذى يدخل السوق المصرية بكمية كبيرة، وقال حنفى إن مواصفة استيراد الحديد المصرية التى وضعها وزير الصناعة والتجارة الأسبق رشيد محمد رشيد مطاطة، وتسمح باستيراد الحديد من أى دولة فى العالم، «هذه المواصفة تعمل بها دول الخليج بسبب أنها ليس لديها أى مصانع حديد وتحتاج للاستيراد من كل الدول، لكن المواصفة المصرية التى كانت مطبقة من قبل كانت صارمة وتحدد المواصفات بشكل مناسب».
على جانب آخر، يرى عصام عبدالعليم، محلل مالى فى مجال مواد البناء فى شركة النعيم للسمسرة فى الأوراق المالية، أنه من السابق لأوانه الحكم على تأثير الحديد الصينى على المنتجين المحليين، لكنه أكد أن انخفاض سعر الحديد المستورد لابد أن يؤثر سلبا بشكل عام على الإنتاج المحلى، «وهذا طبيعى فى أى سلعة عند المنافسة مع سلعة أرخص».
لكن يعتقد عبدالعليم أن إنتاج شركة حديد عز من حديد التسليح لن يتأثر سلبا، لأن نسبة أكثر من 50% من عملائه من الأفراد، وليست الشركات العقارية، ويفضلونه لأنه الأعلى جودة مقارنة بكثير من الحديد المستورد مثل الحديد التركى، «وهذه الحقيقة توصلنا لها من خلال لقاءات عديدة مع تجار حديد».
وأضاف عبدالعليم: من الملاحظ أيضا بدون الاعتماد على الدراسة والتحليل أن أسعار الوحدات العقارية فى مصر تسير فى اتجاه واحد هو الصعود وحتى فى وقت الأزمات يتوقف السعر عند مستواه ثم يعاود الصعود بعد انتهائها أى أنه لا ينخفض، وهذا يعنى أن انخفاض سعر الحديد الصينى سيهبط بتكلفة مواد البناء لدى الشركات، لكنه لن يقلل سعر الوحدات.
وهو ما أكده حنفى مشيرا إلى أن سعر طن الحديد وصل فى بداية عام 2008 إلى ما بين 8 و9 آلاف جنيه، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الوحدات العقارية، ووصل سعر متر المبانى فى مدينة مثل 6 أكتوبر إلى 1200 جنيه، لكنه عندما انخفض فى عام 2010 إلى اقل من 4500 جنيه، واصلت أسعار الوحدات ارتفاعها، ووصل سعر المتر المبانى فى نفس المدينة حاليا إلى 1700 جنيه.