اسعار الفاكهه اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025فى المنيا    رفع 30 طنا من القمامة والمخلفات بشوارع حى غرب سوهاج    التنمية المحلية: بدء أعمال إزالة 35 عقارا بدون ترخيص رصدتها المتغيرات المكانية في الشرقية    عاجل - "الفرصة الأخيرة" أمام حماس قبل فتح أبواب الجحيم.. آخر تحذيرات ترامب بشأن غزة    مبابى لاعب سبتمبر فى ريال مدريد متفوقا على فينيسيوس جونيور    سموحة يفوز على الإسماعيلى بثنائية نظيفة فى الدورى.. فيديو    وزير الخارجية يلتقي مندوبة الجابون الدائمة لدى اليونسكو    تابع الموسم السابع من مسلسل "المؤسس عثمان" 2025.. إليك قنوات العرض وبجودة عالية    افتتاح 3 مساجد بمراكز محافظة كفر الشيخ    خاص| ننشر صور تطهير مخرات السيول بالقاهرة استعدادًا لفيضانات النيل    ترامب: إذا لم توافق الفصائل الفلسطينية على الصفقة سيفتح أبواب الجحيم كما لم يره أحد    استقرار سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بختام اليوم    ترشح الخطيب.. غياب منسي.. تراجع صلاح.. مرض زيدان.. وكرة المونديال| نشرة الرياضة ½ اليوم    مسار يتفوق على الأهلي في قمة الدوري الممتاز للكرة النسائية    وزير الرياضة يهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم في بطولة العالم للأندية لكرة اليد    الأهلي يتحرك لتجديد عقد أحمد عبد القادر.. ويوسف: اللاعب أبدى مرونة كبيرة    السيطرة على حريق بشقة سكنية في بنها    محاكمة سارة خلفية وميدو وكروان مشاكل.. أبرز محاكمات الأسبوع المقبل    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير نفق الشهيد مصطفى إبراهيم الصيفي    تعرف على أنشطة رئيس مجلس الوزراء فى أسبوع    يحيى الفخراني: الفنان يجب أن يختار أعمالًا تحمل قيم تعيش مع الجمهور    الحلو وثروت وهانى شاكر يحيون حفل ذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    سبب غياب منة شلبي عن مؤتمر فيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    سنوات مع صلاح منتصر..حكايات ملهمة لتجربة صحفية فريدة    القاهرة الإخبارية: جيش الاحتلال يواصل التقدم البري والقصف العنيف فى غزة    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    اسعار التوابل اليوم الجمعة 3-10-9-2025 في محافظة الدقهلية    صحة سيناء تعلن القضاء على قوائم الانتظار في المستشفيات    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت طبية بمحافظة الغربية ويُشيد بأداء الأطقم الطبية    الزهايمر.. 5 عادات يومية بسيطة تحمي الدماغ من المرض الخطير    رسميًا| الكشف عن كرة كأس العالم 2026.. صور    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    رسميًا.. البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس الصحفيين من جريدة الوفد الأحد    الداخلية تكشف حقيقة فيديو شرطي يقود سيارة بلا لوحات في البحيرة    الكاريكاتير يسخر من الهزيمة ويحتفي بالنصر في معرض أكتوبر بدار الكتب    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    هل يجب قراءة سورة الكهف كاملة يوم الجمعة    عاجل- تعرف على سنن يوم الجمعة وفضل الدعاء وقراءة سورة الكهف    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    البابا تواضروس يلتقي كهنة إيبارشيات أسيوط    باراجواي تعلن دعمها الرسمي للدكتور خالد العناني في انتخابات اليونسكو 2025    الحاخام هنري حمرة.. أول مرشح يهودي سوري منذ 1967 يعلن الترشح لمجلس الشعب السوري    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على أول أيام الشهر الكريم    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    أحمد سليمان: جون إدوارد صاحب قرار رحيل فيريرا من الزمالك    ترامب يعلق 2.14 مليار دولار من مخصصات البنية التحتية في شيكاغو للضغط على الديمقراطيين    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    لقاء تعريفي حافل بكلية الألسن بجامعة قناة السويس للعام الأكاديمي 2025-2026    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    الداخلية تكشف ملابسات مشاجرة عائلية بسبب الميراث بالمنيا    تعرف على سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    جامعة قناة السويس تشارك في معرض تراثنا الدولي (صور)    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال بلا مأوى وموقف الدستور الجديد
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 09 - 2012

بدأت ظاهرة الأطفال بلا مأوى فى الانتشار فى مصر فى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات مع توسع سياسة الانفتاح الاقتصادى والمركزية الشديدة فى المدن التى أدت إلى تهجير أهالى القرى إلى العشوائيات المحيطة بالمدن الكبيرة بحثا عن العمل والخدمات.

ومع انتشار العشوائيات بدأ التكوين العائلى للأسرة المصرية يتغير. فزادت نسبة الطلاق بسبب ظروف الحياه الصعبة فى عشش ضيقه تحرم قاطنيها من كل سبل الحياه الكريمة، مما جعل نجاح الحياة الزوجية وتربية الاطفال فى جو اسرى صحى أمر يكاد ان يكون مستحيلا.

اختلفت الإحصاءات حول أعداد الأطفال بلا مأوى، وقد تراوحت ما بين مليون وعشرات الآلاف، يعنى هذا التفاوت الكبير أننا لا نعرف الاعداد الحقيقية. لكن كل من يعمل فى هذا المجال يستطيع ان يؤكد ان الظاهرة فى تفاقم مستمر، إذ إننا منذ عشر سنوات كنا قلما نرى طفلا أقل من الثانية عشرة سنة فى الشارع وقلما نرى فتيات، حين كان المجتمع المصرى بتركيبته المحافظة لا يسمح بنزول الفتيات. أما الآن فإننا نصادف أطفالا فى سن الرابعة والخامسة من الجيل الاول من الاطفال بلا مأوى، وهو ما يعنى أن الطفل بعد ان كان يفتح باب منزله ليهرب بإرادته عندما يصل إلى سن تسمح له بذلك، أصبح الآن يُفتح له الباب ويتم طرده من المنزل، ونسبة الفتيات فى الشارع بعد أن كانت منعدمه أصبحت تمثل ثلث الاطفال الذين نتعامل معهم فى الشارع.

●●●
الأبحاث القليلة التى تمت على هذه الظاهرة أظهرت أن أسباب اختيار الطفل هذه الحياه القاسية بالرغم من ان لديه أما وأبا على قيد الحياة يرجع معظمها إلى الفقر، إذ جاء الإهمال والعنف البدنى والجنسى فى المرتبة الاولى، تليها اسباب اخرى مثل استغلال الاطفال فى العمالة والتمييز بين الاخوات.

مع ازدياد اعداد الفتيات، بدأ العاملون فى هذا المجال ملاحظة ان العنف ضد الفتيات فى الشارع اكبر، خاصة العنف الجنسى من الاغتصاب إلى الزج بالفتيات إلى البغاء، هذا بالإضافة إلى ما ينتج عن هذه الممارسات من ادمان للجنس وامراض تناسلية وحمل، يحدث للفتيات ابتداء من سن الحادية عشرة مما ينتج عنه ظهور جيل جديد من الاطفال بلا مأوى لديهم أم طفلة وأب مجهول، هؤلاء يكون الشارع بيتهم من أول يوم صيفا وشتاء وعادة ما يُحرموا من الرضاعة الطبيعية بسبب سوء صحه الأم وسوء تغذيتهم ويعيشون على ألبان صناعية عندما تحصل الأم الطفلة على علبة وفيما عدا ذلك يعيشون على اعشاب بالسكر أو شاى بلبن أو بليلة، ولنا ان نتخيل تأثير هذه الحياة على صحتهم فالمعروف أن نسبة الوفاة بين هؤلاء عالية جدا كما ان نسبة حوادث السيارات والحروق والاصابات مروعة وفى احيان كثيره تترك عاهات مستديمة. مع ظهور الجيل الثانى من هؤلاء الاطفال ظهرت بعض حالات الاتجار بالبشر، حيث تقوم الام ببيع ابنها بعد الولادة مباشرة مقابل بضعة آلاف من الجنيهات إلى وسيط يقوم بإعادة بيع الطفل. كما ان الام قد تفضل ايجار وليدها لعصابات التسول مقابل بضعة جنيهات تأخذها «الام الطفلة» يوميا.

أحب أن أنوه هنا أن كثيرا من أبناء الجيل الثانى من الاطفال بلا مأوى هم الآن فى سن الثامنة والعاشرة ومازالوا بلا أوراق ثبوتية بسبب فشل الأم فى استخراج شهادة ميلاد لأن الأب غير معلوم، كما انها تعرض نفسها للحبس والاتهام بالبغاء إذا سعت إلى إثبات النسب عن طريق قسم الشرطة، خاصة أنها تذهب هناك فى هيئة مزرية وسن صغيرة وبدون خلفيه تربوية او تعليمية تسمح لها بعرض مشكلتها بشكل يكسب تعاطف المجتمع. النتيجة تكون طفلا شهادة ميلاد. وبدون هذه الشهادة يضيع حق هذا الطفل فى الحصول على التعليم او التطعيمات او الرقم القومى.

●●●

حيث أننا على اعتاب إصدار دستور جديد لمصر ما بعد الثورة، ثورة طالبت بحق كل مصرى فى «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية»، ثورة شارك فيها أطفال الشارع إيجابيا بالرغم من محاولات بعض الجهات إلصاق عمليات البلطجة والتدمير بهم (لكن لهذا الموضوع حديثا آخر) يكون من واجبنا ان نرفع إلى القائمين على كتابة الدستور والقائمين على شئون الحكم فى مصر رؤية المتخصصين العاملين منذ عقود مع هؤلاء الاطفال والعارفين بمشكلاتهم واحتياجاتهم.

●نحتاج إلى دستور يضمن ان تتجه موارد مصر الأساسية إلى تنميه كل القرى الفقيرة والعشوائيات والى التركيز على تنمية المرأة المصرية والطفل فى هذه المناطق.

● لابد أن ينص الدستور على مسئولية الاب والام عن سلامة أبنائهم وأن ينظم القانون كيفية محاسبة الآباء على إهمالهم فى صيانة صحة وكرامة ابنائهم.

● دستور ما بعد الثورة لابد ان ينص على حق الطفل فى اللجوء للدولة لحمايته من أبويه إذا ما تعرض للإهمال الجسيم او التعذيب او الاستغلال الجنسى او عمالة الاطفال، ولابد ان ندرك اننا اذا لم نحقق هذا فإننا لن نستطيع ان نتغلب على ظاهرة الطفل بلا مأوى أبدا، لأنك إذا سألت أى طفل فى الشارع عن سبب لجوئه إلى هذه الحياة يرد بدون تفكير إنه لم يجد من يلجأ إليه فقرر الاعتماد على نفسه.

● لابد من مراجعة أسلوب إدارة المؤسسات الإصلاحية والتى تخلط بين الطفل الحدث والطفل بلا مأوى فتساعد على نشر الجريمة بين اطفال جاءوا إلى المؤسسة فقط لأن ليس لديهم مأوى آخر وآخرون ارتكبوا جرائم، هذا بالإضافة إلى ضبط الظروف اللاإنسانية التى يعيشها هؤلاء الأطفال والتى تجعل نسبة كبيرة منهم يهربون إلى الشارع.

● هناك حديث مقلق عن خفض سن الرشد إلى السادسة عشرة وهو أمر مخالف لكل الدراسات الطبية والنفسية والتى تؤكد عدم اكتمال البنيان الجسدى او الشخصية قبل سن الثامنة عشرة، وليس من المعقول أن يتم القبض على طفل فى السادسة عشرة والزج به فى زنزانة بها مجرمون فى سن الاربعين والخمسين ثم عرضه على محكمة قد تحكم عليه بالسجن فى سجون الكبار أو حتى بالإعدام. والجدير بالذكر هو أن الكثير من الدول الأوروبية تستثنى سن العمالة وتجعله من السادسة عشرة بشرط ألا يكون العمل شاقا بدنيا أو نفسيا على الطفل.

● لابد ان يؤكد الدستور على حق الطفل فى استخراج اوراق رسمية حتى إذا كان الاب مجهولا حتى لا يحرم من حقوقه فى المواطنة.

●●●

قامت ثورتنا من أجل المصريين المظلومين ولا أتخيل ظلما اكبر من الظلم الواقع على أطفال مصر النائمين تحت الكبارى وفى الخرابات والبيوت المهجورة. وإذا لم نواجه هذا الظلم بإرادة سياسية ومجتمعية حقيقية، فإننا وأبناؤنا سندفع ثمنا كبيرا فى دنيتنا كما فى آخرتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.