فاطمة ركبت القطار من قنا، ولحقتها صابرين من سوهاج، أما سلوى ورضا فلحقتا بهما من أسيوط، وأخيرا ركبت ماجدة من المنيا، ليصلن لقاء مدرسة دى لاسال بالظاهر بالقاهرة، ليتحدثن عن تجربة الفرار من الأمية. « كان عمرى 34 سنة لما جت أبلة من جمعية كاريتاس لكنيسة المعمدانى فى بلدنا دير ريفا من 6 سنين، وشجعتنى إنى أروح فصول محو الأمية»، قالتها رضا مسعد جرجس، وقال الحضور فى نفس واحد تقريبا: ياه!
بلعت ريقها وهى تمسك الميكروفون بيدها وباليد الأخرى طرف فستانها الأحمر ذى التفصيلة الصعيدى المميزة: «نجحت فى امتحان محو الأمية، وكملت الابتدائى، لكن اتجوزت لما وصلت 37، ورفعت قضية ضد أهل جوزى عشان آخد حقى فى التعليم وأكمل، أصله ماكنش ليه كلمة عليهم قوى».
ضحك البعض، لكنها أكملت ممسكة بطرف نظارتها: «وكملت الاعدادى وفتحت فصول محو أمية ونجح 14 بنت من فصلى، كان منهم بنات ماعندهمش شهادات ميلاد ودوخنا لغاية ماطلعنا لهم بطاقات».
اللقاء خصص لتوقيع اتفاقية بين جمعية كاريتاس والهيئة القومية لتعليم الكبار، لتطبيق برنامج «تعلم تحرر» فى جمعيات أخرى فى 9 محافظات أغلبها فى الصعيد.
أخذت الميكروفون سلوى صالح لتحكى: «كان عمرى 13 سنة لما دخلت فصول كاريتاس فى بلدى «مسارة»، أنا الوحيدة فى إخواتى البنات والصبيان اللى مادخلتش المدرسة، ظروف، لكن كان لازم أدخل ابتدائى منازل مش زى اللى قبلى بيدخلوا من محو الأمية على الاعدادى على طول عشان القانون كان اتغير، ولما بقيت فى أولى ثانوى اتقدم لى عريس رفضته عشان أكمل، وكنت أنا واختى فى الثانوية العامة مع بعض، لكن جبت مجموع أكبر منها ودخلت كلية الآداب».
سلوى كانت الوحيدة من بين فتيات الفصل التى استطاعت اكمال الطريق للجامعة، «الطريق صعب وفيه مشاكل كتير». د. نبيل حنين، رئيس الجمعية يرى أن ما يميز برنامج تعلم تحرر، هو تدريبات ما بعد محو الأمية، التى تساعد المتحررين من الأمية على مواصلة الطريق، ومنها «ازاى نخليه يساعد مجتمعه بالتطوع، وساعتها يقدر يطالب بحقوقه، وحقوق الآخرين».
فاطمة محمد عبدالله، 29 سنة، التحقت بفصول محو الأمية فى 16 من عمرها وحصلت على دبلوم ملابس جاهزة، وتزوجت وأنجبت واقنعت زوجها بالالتحاق بمحو الأمية، «لكن البلد مافيهاش شغل وكان فيه مشروع مع جمعية مصر الخير فى التوعية لكن خلص»، والامر نفسه تكرر مع ماجدة ملاك موريس.
فيكتور فكرى مدير الجمعية، يرى أن التركيز على البنت هو الاولوية لأنها تشكل ثلثى الاميين، 17 مليون أمى، بسبب التقاليد، ثم تدريبها على المشروعات الصغيرة لندرة فرص العمل بالقرى.
أخذت صابرين أحمد الميكروفون لتشكر أبلة حسنية، لأنها هى التى قدمت لها فى فصل كاريتاس، و«سافرت معايا لغاية سوهاج، وسافرت تانى ساعة الامتحان وسافرت كتير عشان الشهادة، وادتنى حصص لوحدى فى الاملاء لما وصلت الاعدادى، وبقيت أشطر من زمايلى بتوع المدارس فى الدبلوم السنة دى».
لا تنسى صابرين لأبلة حسنية أنها قالت لها «الضربة اللى ماتموتش تقوى» عندما قال لها مدير المدرسة الإعدادى انتى جاية من محو الأمية مالكيش مكان هنا، تيجى تمتحنى وبس».