أن يحتج أهالى وأقارب وزملاء ضحايا مذبحة استاد بورسعيد بأى وسيلة سلمية فهذا حق أصيل لهم. لكن أن يقتحم أى شخص أو مجموعة مقر اتحاد الكرة أو أى مكان آخر بالشماريخ والمولوتوف فهو أمر لا تعريف له إلا بلفظ واحد اسمه البلطجة. الذين فعلوا ذلك مساء الأربعاء الماضى سواء كانوا ألتراس أو مشجعين عاديين أو مسجلين خطر فهم بلطجية. لأنهم كسروا وأتلفوا منشآت عامة وسرقوا كئوس وأجهزة اتصال الأمن.. عندما تسرق شيئا لا يخصك فأنت لص وعندما تدمر منشأة عامة فأنت مخرب.
من حق أهالى وزملاء الضحايا أن يشعروا بالغضب والاستياء مما يعتبرونه خطأ أو تأخيرا فى إجراءات المحاكمة.
التمسنا للألتراس آلاف الأعذار لما فعلوه أمام وزارة الداخلية وفى أماكن أخرى كثيرة لوجود شعور بأن بعض أجهزة الدولة ربما كانت متواطئة فى الحادث وتحاول عرقلة التحقيق بكل الطرق!.
الآن اختلف الوضع تماما، صار هناك رئيس منتخب، وحكومة دائمة.
والأهم أن صلاحيات الرئيس صارت بلا حدود، ولم يعد هناك من ينازعه السلطة، وبالتالى يستطيع أن يحض كل أجهزة الدولة لكشف غموض الحادث وتقديم مرتكبيه إلى العدالة.
سيرد أهالى الشهداء وأقاربهم ليقولوا لو أنكم كنتم مكاننا لفعلتم أكثر مما نفعل.
ولأصحاب هذا المنطق نقول لو أن كل صاحب حق انتزعه بيديه بعيدا عن القضاء والقانون وأجهزة الدولة فسوف نتحول إلى غابة فى أسرع وقت ممكن.
سيرد البعض الآخر ويقول إن الشعب ثار كله وتمرد على القانون وأسقط رئيس دولة فى يناير قبل الماضى، ولهؤلاء نقول إن ذلك كان اسمه ثورة، ضد حاكم ظالم أتاحت للناس أن ينتخبوا برلمانا يعبر عن إرادتهم ثم رئيس للجمهورية. وبالتالى فالمفترض أن يتم منح الإدارة المنتخبة الفرصة لكى تحقق ما وعدت به.
لست من الفريق الذى يحاول «شيطنة» ظاهرة الألتراس فى مصر، وتقديرى أنهم لعبوا دورا حاسما فى الثورة ثم بعدها فى المنعطفات الحاسمة ولأنهم ليسوا مسيسين بل مندفعين بحكم تعصبهم الكروى وقعوا فى أخطاء كثيرة ولم يعرفوا متى يثوروا ومتى يهدأوا ووصل إلى بعضهم شعور زائف بأنهم صاروا فوق كل أجهزة الدولة.
مرة أخرى نحن هنا لا نعارض حق الألتراس أو غيرهم فى اتباع جميع وسائل الاحتجاج السلمية، لكن إصرارهم على تنفيذ ما يريدونه فورا وبالقوة فهذا يعنى أنهم يريدون اختطاف سلطة الدولة والقانون والحكومة. لكنهم لم يفكروا مثلا أن هذا المنطق قد يقود أى جماعة أخرى أكبر منهم عددا وأفضل تنظيما وربما أكثر وعيا إلى أن تتصدى لهم بنفس منطقهم وهو القوة، وبالتالى سنجد أنفسنا ذاهبون إلى دوامة دموية بلا نهاية.
أثناء الثورة وبعد المذبحة البشعة التى تعرض لها 74 مشجعا أهلاويا فى بورسعيد تعاطف الكثيرون مع الألتراس واعتبروهم من أنبل ظواهر الثورة. وبالتالى يفترض على أعضاء الألتراس ألا يجازفوا بخسارة الرصيد الشعبى الذى اكتسبوه.
حسنا فعل الألتراس حينما أصدروا بيانا مساء الأربعاء ينفون فيه صلتهم باقتحام مبنى اتحاد الكرة فى الجبلاية.
أهمية هذا النفى بغض النظر عن صدقه أنه يرفع أى غطاء أخلاقى عن الذين قاموا بهذه الفعلة الدنيئة، ويعطى لأجهزة الأمن الحق الأخلاقى بعد القانونى فى مطاردتهم وتوقيع أقصى العقاب القانونى عليهم حتى لا يكرر آخرون هذه الجريمة.
مطلوب من الرئيس مرسى أن يقدم الدعم الكامل لأجهزة الأمن فى هذا الصدد، وإلا فإن ما حدث فى اتحاد الكرة هو بروفة صغيرة لمذابح ومجازر كبيرة ستتم فى مباريات الدورى العام المقبلة.