اعرف الرابط الرسمى للاستعلام عن نتائج اختبارات كلية الشرطة    موعد انتهاء انتخابات مجلس النواب 2025 بشكل نهائى    وزارة «التضامن» تعلن موعد بدء صرف «تكافل وكرامة» عن شهر ديسمبر 2025    سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الأحد 1412-2025    وزير التموين ومحافظ القاهرة يفتتحان «سوق اليوم الواحد» بالمرج    وزير الدولة القطري: نبحث اتفاق تجارة حرة مع مصر لتعزيز التكامل الاقتصادى    التموين: احتياطي السلع الأساسية آمن ورصيد الزيت 5.6 شهر    الشركات القطرية تستثمر 3.2 مليار دولار في مصر    وزير الخارجية يبحث مع نظيرته البريطانية سبل تعزيز العلاقات الثنائية    الرئيس الإسرائيلي يدين الهجوم على تجمع يهودي بمدينة سيدني الأسترالية    زلزال بقوة 5 درجات يضرب مدينة كراتشي الباكستانية دون وقوع أضرار    صحيفة إنجليزية تحذر رونالدو من انتقال محمد صلاح إلى الدوري السعودي    الفوز على الزمالك مهمًا| توروب يتحدث عن أهدافه مع الأهلي    منتخب نيجيريا يبدأ معسكره ب مصر وسط غياب معظم اللاعبين    أرتيتا ينتقد لاعبي أرسنال بعد الفوز الصعب على ولفرهامبتون    «الأرصاد»: سقوط أمطار متفاوتة على السواحل والحرارة بالقاهرة الآن 19 درجة    ننشر أسماء مصابي حالة التسمم بعد تناول وجبة غذائية فاسدة في الخصوص    فرق الطوارئ بمرسي مطروح تتعامل مع تجمعات وتراكمات مياه الامطار بالطريق الدولي    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    مركز السيطرة بالتنمية المحلية يقود حملات لرفع الإشغالات بمصر الجديدة والنزهة    الأقصر تستعد لإزاحة الستار عن تمثال الملك امنحتب الثالث التاريخي    القاهرة الإخبارية: مهرجان أيام قرطاج يحظى باهتمام واسع من الصحافة التونسية    مدير فرع القليوبية للتأمين الصحي تتفقد مستشفى النيل لمتابعة سير العمل    لماذا يرفض الأهلي إتمام صفقة انتقال حمزة عبدالكريم لبرشلونة ؟ اعرف الأسباب    الرياضية: جناح النصر لا يحتاج جراحة    رفع 41 سيارة ودراجة نارية متهالكة من الميادين    السيطرة على حريق نشب بسيارة نقل ثقيل أعلى الطريق الدائري ببهتيم القليوبية    جوتيريش يحذر: استهداف قوات حفظ السلام في جنوب كردفان قد يُصنَّف جريمة حرب    الشرطة الأمريكية تلاحق مسلحا قتل شخصين وأصاب 9 آخرين في جامعة براون    تعرف على إيرادات فيلم "الست" ل منى زكي ليلة أمس    فجر السعيد: عبلة كامل رمز من رموز القوة الناعمة المصرية    مجدي شاكر: اكتشاف نحو 255 تمثالًا في منطقة صان الحجر    لماذا لم يعلن "يمامة" ترشحه على رئاسة حزب الوفد حتى الآن؟    «الصحة»: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    فيروس أنفلونزا الخنازير يهدد المدارس| إجراءات هامة وعاجلة للوقاية منه    وزير الري يتابع موقف مشروعات الخطة الاستثمارية للعام المالى الحالى 2025 / 2026    لماذا تسخرون من السقا؟!    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    77 عامًا وحقوق الإنسان لم تعرف فلسطين والدعم المصرى مستمر    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    الصحة: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    بمشاركة اشرف عبد الباقي.. ختام مهرجان المنيا الدولي للمسرح في دورته الثالثة (صور)    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    إعلام إسرائيلى : إيطاليا أعربت عن استعدادها للمشاركة فى قوة الاستقرار بغزة    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الاحد 14-12-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 14-12-2025 في محافظة قنا    45 دقيقة متوسط تأخيرات قطارات «طنطا - دمياط».. 14 ديسمبر    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    رئيس الإنجيلية يبدأ جولته الرعوية بمحافظة المنيا    نائب وزير الصحة: حياة كريمة كانت السبب الأكبر في إعلان مصر خالية من التراكوما المسبب للعمى    المستشار عبد الرحمن الشهاوي يخوض سباق انتخابات نادي قضاة مصر    الكتب المخفضة تستقطب زوار معرض جدة للكتاب 2025    باريس سان جيرمان يفوز على ميتز في الدوري الفرنسي    إسلام عيسى: على ماهر أفضل من حلمى طولان ولو كان مدربا للمنتخب لتغيرت النتائج    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فؤاد الجزايرلى
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 03 - 2012

عرفته، فى العقد الأخير من حياته «1910 1979»: جسم نحيل، رشيق، مرن، كأنه مدرب ملاكمة من الوزن الخفيف، أو من قدامى أبطال ألعاب القوى. صاحب وجه تلتمع فيه عيون منتبهة، راصدة، يمتزج فيها الشقاوة مع المحبة. شاربه الكثيف يغلب عليه اللون الفضى، شأنه شأن شعر رأسه، مما يمنحه نوعا من المهابة، تتحول إلى ألفة حين يروى ذكرياته، وما أغناها. تدور حول المسرح حيث ولد أثناء أحد العروض التى تقدمها فرقة والده «فوزى الجزايرلى». عاش حياته كلها، ما بين خشبات المسارح واستوديوهات السينما وبلاتوهات التليفزيون.. لم تكن لقاءاتنا عابرة، أو لعدة ساعات، ذلك أنها كانت تمتد لعدة أيام، حين نذهب إلى المحافظات، لتحكيم مسابقات فنية، تنظمها وزارة الشباب.. لجان التحكيم، آنذاك، جمعت إلى جانب فؤاد الجزايرلى، عددا من الكبار، مثل مبدع الألحان العذبة، الشرقية بامتياز، أحمد صدقى، والمؤرخ الموسيقى المرهف، محمود كامل والناقد النزيه، فؤاد دوارة.. يضاف لهم من كانوا شبابا، فى ذلك الزمان: على أبوشادى، حسن عطية، والعبدلله.. فى كل رحلة عمل، نقرر تسجيل ذكريات الرجل، لكن تأخذنا نشوة أحاديثه بعيدا، فنؤجل إلى لقاء آخر. كنا نظن أننا نملك الزمن، لكن أدركنا، بعد فوات الأوان، أن الزمن هو الذى يملكنا، ولا يمهلنا طويلا، ورحل الفنان قبل أن ننفذ قرارنا المؤجل.

فؤاد الجزايرلى، كاتب سيناريوهات، أخرج أربعة عشر فيلما، والكثير من المسرحيات الاستعراضية. عمل مع على الكسار ويوسف وهبى ونجيب الريحانى.. وهو حكاء من طراز رفيع، ينقل لك رائحة الألوان، وملمس الغبار وصوت الأحاسيس. فى تصرفاته تتجلى خبرة الحياة. حدث فى إحدى المرات، أثناء زيارتنا إلى إحدى محافظات الجنوب، أنه بدا متكدرا. تضاعف كدره بذلك الاستقبال الفاتر لسكرتير المحافظة السخيف، الذى أهملنا متظاهرا بانشغاله الشديد. وبعد نصف ساعة من تجاهلنا، قام الجزايرلى من جانبنا، فى نهاية القاعة، متوجها، بخطوات عسكرية. وقف «انتباه» أمام المكتب. رفع يده فى تعظيم سلام، مما أربك السكرتير، وبابتسامة تحمل أكثر من معنى، ركز نظره فى عينى المغرور وطلب منه أن يأمر بإحضار كوب من الماء، لأن القيظ لا يحتمل، فوقع الرجل فى حرج بالغ.. فى المساء، حين جلسنا فى شرفة تطل على النيل، أخذ يفسر سبب الكدر الذى اعتراه منذ بداية الرحلة، فروى هذه الوقائع الأقرب لفيلم سينمائى فريد من نوعه. قال: حين كنت صبيا، صاحبت فرقة والدى الجوالة، التى تسافر، كاملة، بأبطالها، ديكوراتها، ملابسها، من مديرية لأخرى. وسيلة الانتقال، مركب شراعى كبير. يتعمد رجال الفرقة ارتداء زى العساكر والإمساك بالبنادق الخشبية، إرهابا لقراصنة النيل.. محافظة تلو أخرى وصلت الفرقة إلى ذات المديرية، التى نحن فيها الآن. اقيم الشادر على ضفة النهر، وأرسلت دفاتر التذاكر إلى سكرتير المديرية الذى طالب بالمزيد، والذى فيما يبدو أجبر العمد على شراء التذاكر، بدليل حضور جماهير كثيفة. فى الصباح، طلب فوزى الجزايرلى بثمن التذاكر. أخطره سكرتير السكرتير أن النقود ستصله، كاملة، غدا وفى اليوم الثالث والأخير، لاحظ الصبى أن «غرزة» اقيمت بالقرب من الشادر. وقبل بدء العرض ووصول مدير المديرية، والمأمور، داهم المخبرون الغرزة. قبضوا على المتعاطين ومن بينهم بعض أفراد الفرقة التى وقع صاحبها فى «حيص بيص». بدت المؤامرة واضحة، لقد تعمد السكرتير زرع هذه الغرزة وهو يعلم مسار الأمور، فبعد مفاوضات مجحفة، تم الاتفاق على عدم تجريس الفرقة، فى مقابل أن تغادر، بملابس العرض، فور الانتهاء منه، مع عدم الحديث عن النقود.. وفعلا، نفذ المطلوب، وتابع الصبى، مسيرة أعضاء الفرقة، نحو المركب، بمن فيهم والده، بعباءة «عطيل»، ومعه جنوده، وحراس القصر.. ولكن ما عصر قلبه، منظر شقيقته الكبيرة، البدينة، إحسان الجزايرلى، بقميص النوم وخشب «السقالة» المؤدية للمركب يئن تحتها، وهى تمسح عيونها وأنفها بمنديل ديزدمونة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.