الزراعة: اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المعتدين على مسئول حماية الأراضي بسوهاج    المهندس عبد المطلب عمارة محافظ الأقصر: 9.9 مليار جنيه تكتب حياة كريمة لأهالى «مدينة الشمس»    صحة غزة: 54.880 شهيدا و126.227 إصابة منذ بدء العدوان    صحة غزة: مستشفيات القطاع ستتحول إلى مقابر خلال 48 ساعة    في اتصال هاتفى .. وزير الخارجية يستعرض مع نظيره التركي الأوضاع في الشرق الأوسط    ترامب يحظر الأقنعة في مظاهرات لوس أنجلوس    تشكيل إسبانيا المتوقع أمام البرتغال بنهائي دوري الأمم الأوروبية    مراكز شباب الشرقية تواصل فتح أبوابها للمواطنين خلال عيد الأضحى ضمن مبادرة العيد أحلى    لم تحسم.. حقيقة تعاقد الزمالك مع المدافع الجزائري زين الدين بلعيد (خاص)    ساعدني بشدة.. زيزو يتحدث عن دور والده في انتقاله إلى الأهلي    تحرير 43 محضر لمخابز بلدية خلال حملات رقابية فى عيد الأضحى بالبحيرة    "سكاكين العيد".. حرب شوارع تنتهي بمقتل شاب في المحلة    مراجعة نهائية متميزة في مادة التاريخ للثانوية العامة    ضبط عاطلين بحوزتهما حشيش ب 400 ألف جنيه    بعد تعدد حدوثها l سرقة سيارة أو توك توك تقود للقتل أحيانًا    قبل حفل هولوجرام العندليب.. محمد شبانة: "صوت الفن" ليس من حقها التعاقد    جرافات الاحتلال الإسرائيلي تهدم عشرات المباني السكنية في طولكرم    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    زيارة مفاجئة ل مدير الحوكمة بصحة أسيوط على عدد من المستشفيات بالمحافظة    تقديم الرعاية ل2096 مواطنًا بقريتي السرارية وجبل الطير البحرية في المنيا    رومانو: عرض نهائي من تشيلسي إلى ميلان لضم مانيان    موعد عودة الوزارات للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025. .. اعرف التفاصيل    منافذ أمان تضخ لحوم بأسعار مخفضة في كافة محافظات الجمهورية (صور)    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    العثور على جثة رضيعة داخل كيس أسود في قنا    البحر هادئ.. طقس ربيعي وأجواء رائعة ثالث أيام العيد في الإسكندرية - صور    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه .. اعرف التفاصيل    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    تعرف على الفيلم الأقل جماهيرية بين أفلام عيد الأضحى السبت    عروض «بيت المسرح» ترفع لافتة «كامل العدد» في موسم عيد الأضحى| صور    التأمينات الاجتماعية تواصل صرف معاشات شهر يونيو 2025    بعد عيد الأضحي 2025.. موعد أول إجازة رسمية مقبلة (تفاصيل)    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه    خلال أقل من 48 ساعة .. فيديو تقديم زيزو لاعباً فى الأهلى يتجاوز ال29 مليون مشاهدة    انفجار في العين.. ننشر التقرير الطبي لمدير حماية الأراضي المعتدى عليه خلال حملة بسوهاج    تحرير 135 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    أمين «الأعلى للآثار» يتفقد أعمال الحفائر الأثرية بعدد من المواقع الأثرية بالأقصر    نادي العاملين بمحافظة أسيوط يفتح أبوابه خلال أيام عيد الأضحى لاستقبال المواطنين    «البدوي»: دعم الرئيس السيسي للعمال حجر الأساس في خروج مصر من قوائم الملاحظات    الصحة: فحص 7 ملايين و909 آلاف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف السمع    محافظة الشرقية: إزالة سور ومباني بالطوب الأبيض في مركز الحسينية    بيان عاجل من «الزراعيين» بعد التعدي على مسؤول حماية الأراضي في سوهاج (تفاصيل)    مجلة جامعة القاهرة لعلوم الأبحاث التطبيقية «JAR» تحتل المركز السادس عالميًا (تفاصيل)    الدكتور محمد الخشت: 11 شرطا لتحول القادة المتطرفين إلى قيادات مدنية    مجلة الأبحاث التطبيقية لجامعة القاهرة تتقدم إلى المركز السادس عالميا    رونالدو ينفي اللعب في كأس العالم للأندية    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    أسعار الأسماك اليوم الأحد 8 يونيو في سوق العبور للجملة    غزة.. السودان.. ليبيا.. سوريا.. المعاناة مستمرة عيدهم فى الشتات!    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فؤاد الجزايرلى
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 03 - 2012

عرفته، فى العقد الأخير من حياته «1910 1979»: جسم نحيل، رشيق، مرن، كأنه مدرب ملاكمة من الوزن الخفيف، أو من قدامى أبطال ألعاب القوى. صاحب وجه تلتمع فيه عيون منتبهة، راصدة، يمتزج فيها الشقاوة مع المحبة. شاربه الكثيف يغلب عليه اللون الفضى، شأنه شأن شعر رأسه، مما يمنحه نوعا من المهابة، تتحول إلى ألفة حين يروى ذكرياته، وما أغناها. تدور حول المسرح حيث ولد أثناء أحد العروض التى تقدمها فرقة والده «فوزى الجزايرلى». عاش حياته كلها، ما بين خشبات المسارح واستوديوهات السينما وبلاتوهات التليفزيون.. لم تكن لقاءاتنا عابرة، أو لعدة ساعات، ذلك أنها كانت تمتد لعدة أيام، حين نذهب إلى المحافظات، لتحكيم مسابقات فنية، تنظمها وزارة الشباب.. لجان التحكيم، آنذاك، جمعت إلى جانب فؤاد الجزايرلى، عددا من الكبار، مثل مبدع الألحان العذبة، الشرقية بامتياز، أحمد صدقى، والمؤرخ الموسيقى المرهف، محمود كامل والناقد النزيه، فؤاد دوارة.. يضاف لهم من كانوا شبابا، فى ذلك الزمان: على أبوشادى، حسن عطية، والعبدلله.. فى كل رحلة عمل، نقرر تسجيل ذكريات الرجل، لكن تأخذنا نشوة أحاديثه بعيدا، فنؤجل إلى لقاء آخر. كنا نظن أننا نملك الزمن، لكن أدركنا، بعد فوات الأوان، أن الزمن هو الذى يملكنا، ولا يمهلنا طويلا، ورحل الفنان قبل أن ننفذ قرارنا المؤجل.

فؤاد الجزايرلى، كاتب سيناريوهات، أخرج أربعة عشر فيلما، والكثير من المسرحيات الاستعراضية. عمل مع على الكسار ويوسف وهبى ونجيب الريحانى.. وهو حكاء من طراز رفيع، ينقل لك رائحة الألوان، وملمس الغبار وصوت الأحاسيس. فى تصرفاته تتجلى خبرة الحياة. حدث فى إحدى المرات، أثناء زيارتنا إلى إحدى محافظات الجنوب، أنه بدا متكدرا. تضاعف كدره بذلك الاستقبال الفاتر لسكرتير المحافظة السخيف، الذى أهملنا متظاهرا بانشغاله الشديد. وبعد نصف ساعة من تجاهلنا، قام الجزايرلى من جانبنا، فى نهاية القاعة، متوجها، بخطوات عسكرية. وقف «انتباه» أمام المكتب. رفع يده فى تعظيم سلام، مما أربك السكرتير، وبابتسامة تحمل أكثر من معنى، ركز نظره فى عينى المغرور وطلب منه أن يأمر بإحضار كوب من الماء، لأن القيظ لا يحتمل، فوقع الرجل فى حرج بالغ.. فى المساء، حين جلسنا فى شرفة تطل على النيل، أخذ يفسر سبب الكدر الذى اعتراه منذ بداية الرحلة، فروى هذه الوقائع الأقرب لفيلم سينمائى فريد من نوعه. قال: حين كنت صبيا، صاحبت فرقة والدى الجوالة، التى تسافر، كاملة، بأبطالها، ديكوراتها، ملابسها، من مديرية لأخرى. وسيلة الانتقال، مركب شراعى كبير. يتعمد رجال الفرقة ارتداء زى العساكر والإمساك بالبنادق الخشبية، إرهابا لقراصنة النيل.. محافظة تلو أخرى وصلت الفرقة إلى ذات المديرية، التى نحن فيها الآن. اقيم الشادر على ضفة النهر، وأرسلت دفاتر التذاكر إلى سكرتير المديرية الذى طالب بالمزيد، والذى فيما يبدو أجبر العمد على شراء التذاكر، بدليل حضور جماهير كثيفة. فى الصباح، طلب فوزى الجزايرلى بثمن التذاكر. أخطره سكرتير السكرتير أن النقود ستصله، كاملة، غدا وفى اليوم الثالث والأخير، لاحظ الصبى أن «غرزة» اقيمت بالقرب من الشادر. وقبل بدء العرض ووصول مدير المديرية، والمأمور، داهم المخبرون الغرزة. قبضوا على المتعاطين ومن بينهم بعض أفراد الفرقة التى وقع صاحبها فى «حيص بيص». بدت المؤامرة واضحة، لقد تعمد السكرتير زرع هذه الغرزة وهو يعلم مسار الأمور، فبعد مفاوضات مجحفة، تم الاتفاق على عدم تجريس الفرقة، فى مقابل أن تغادر، بملابس العرض، فور الانتهاء منه، مع عدم الحديث عن النقود.. وفعلا، نفذ المطلوب، وتابع الصبى، مسيرة أعضاء الفرقة، نحو المركب، بمن فيهم والده، بعباءة «عطيل»، ومعه جنوده، وحراس القصر.. ولكن ما عصر قلبه، منظر شقيقته الكبيرة، البدينة، إحسان الجزايرلى، بقميص النوم وخشب «السقالة» المؤدية للمركب يئن تحتها، وهى تمسح عيونها وأنفها بمنديل ديزدمونة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.