هل غالبية المصريين يؤدون مناسك وطقوس الإسلام، لكنهم لا يطبقون تعاليم هذا الدين فى حياتهم بصورة حقيقية أو جادة؟! هذا السؤال سألته لنفسى كثيرا وأنا أرصد مدى حماس المصريين فى أداء طقوس وشعائر ومناسك العمرة والحج هذه الأيام.
فى الكعبة المشرفة رأيت المصريين أو معظمهم حتى لا أقع فى خطأ التعميم المخل الأكثر اندفاعا لمحاولة الوصول إلى الكعبة ولمس الحجر الأسود والدعاء تحت الملتزم، وبجوار مقام إبراهيم عليه السلام، جميعهم كان بادى الحماس والتأثر والخشوع والتقوى وهم يطوفون حول الكعبة لأداء عمرة ما قبل الحج.
وعندما ذهبت ومعى مجموعة من الأصدقاء الإعلاميين لأداء صلاة العشاء فى مسجد نمرة فى نهاية جبل عرفات، كان المسجد مغلقا، لكن غالبية من كانوا ينتظرون فتحه من المصريين، عندما انفتح الباب فإنهم حرصوا على احتلال الصفوف الأولى. فى هذا المسجد الواسع جدا والبارد جدا بفعل أجهزة التكييف.
خرجنا من مسجد نمرة وتوجه البعض لصعود الجبل ومحاولة رؤية وتسلق جبل الرحمة، واللافت أن المصريين كانوا هم الأكثر اندفاعا، رجالا ونساء.
أكتب هذه الكلمات قبل ليلة الجمعة التى سبقت الوقوف بعرفة، والمؤكد أن المصريين سيواصلون تسلق الجبال والتسابق على رمى الجمرات فى منى والطواف مرة أخرى فى المسجد الحرام.
أن يتحمس الناس فى أداء أركان دينهم، فذلك شىء محمود، لكن السؤال مرة أخرى، لماذا لا ينعكس ذلك على سلوكنا اليومى، ولماذا يستمر الكذب والنصب والفهلوة والغش والخداع والسرقة؟ إذا كان غالبيتنا قد حجوا البيت الحرام ويحرصون على أداء الصلوات فى أوقاتها وصيام رمضان.
القول المأثور هو «الدين المعاملة»، وبالتالى فالدين الحقيقى هو ما يتم ترجمته من معاملات مع الناس، وليس فقط تأدية الطقوس رغم أهميتها لأن رب صائم لا يأخذ من صيامه إلا الجوع والعطش.
السؤال بصيغة أخرى هو: كيف نقنع الناس أن الله سبحانه وتعالى يتقبل العبادات من الصادقين والمتقين الذين يحسنون معاملة الناس ولا يغشون أو يكذبون أو يسرقون أو يعتدون؟!
الله طيب ولا يقبل إلا الطيب، وبالتالى علينا الاقتناع بأن الحج والصلاة والصيام يجب أن يصحبها العمل الصالح وخدمة الناس وتقوى الله فى كل شىء.
ليس مهما كم حجة أديت، يكفى حجة واحدة مقبولة والمهم ألا نعود لارتكاب المعاصى بعدها.
من خلال ملاحظات الأيام الثلاثة الأولى فى مكةوعرفات، فقد توصلت إلى قناعة هى أن المصريين إذا طبقوا حماسهم فى المناسك، فسوف تكون بلدهم الأفضل فى كل العالم خلال عام واحد فقط.. لكن هل ذلك قابل للحدوث؟! دعونا نحلم.