يوم الخميس الماضى، كتبت فى هذا المكان «احذروا معركة بين الإسلاميين والشباب».. وحمدنا الله جميعا أن يوم 25 يناير مر بسلام وبصورة مثالية لم يتوقعها كثيرون.. لكن يبدو أن هناك من يستكثر علينا أن نختلف باحترام وبتحضر ويصر على إشعال حريق لا ينطفىء. يوم الجمعة الماضى تطورت الملاسنات والمشاحنات بين منصة الإخوان المسلمين وبعض الشباب فى ميدان التحرير.. إلى شتائم ورفع أحذية وأخيرا إلقاء حجارة .. وانتهى الأمر بتفكيك منصة الإخوان وخروجهم من الميدان وتحذير من أمينها العام محمود حسين من نفاد صبر الجماعة بعنوان «لا يغرنكم حلمنا».
إذا لم يتدخل العقلاء لدى كل الأطراف من الآن، فإننا سائرون إلى انفجار كبير، لن يكون بين الثوار وأجهزة الأمن أو بعض الثوار والمجلس العسكرى بل بين قوى الثورة أنفسهم.
أى شخص ذهب إلى التحرير أو إلى ماسبيرو سيدرك فورا أن خميرة الانفجار بين الإسلاميين وبعض الثوار جاهزة وتنتظر فقط لحظة الإشعال.
الخلاف بين الليبراليين والمجلس العسكرى سينتهى إن آجلا أو عاجلا، وسيعود المجلس إلى أداء مهامه الطبيعية وهى حماية حدود مصر.. قد يحدث ذلك غدا، وقد يحدث أول يوليو المقبل، لكن الخلاف بين الإسلاميين وبقية شباب الثورة سيظل قائما لفترات طويلة، وبالتالى فالمطلوب هو الاتفاق على ترشيد هذا الخلاف وإدارته بطريقة محترمة عبر آليات متفق عليها.
جزء من شباب الثورة لديهم شعور بأن الإخوان خانوهم وتركوهم فى الميدان وسيطروا على البرلمان، وتعاونوا مع المجلس العسكرى على حساب استكمال بقية أهداف الثورة، فى حين أن الإخوان يقولون إنهم لعبوا دورا مهما فى حماية الثورة والدفاع عنها، ولا يمكن لومهم لأن الشعب اختارهم فى الانتخابات، وان ما يحدث الآن هو مؤامرة هدفها الالتفاف على إرادة الشعب فى استفتاء مارس ونتائج الانتخابات الأخيرة.
بالطبع كل طرف يعتقد أنه يملك الحقيقة المطلقة، لكن السؤال الملح هو كيف يمكن أن نسير للأمام دون ان نصل إلى عقدة سياسية لا نستطيع الخروج منها قد تتطور الى مطبات دموية؟!.
مبدئيا، فإن لجوء بعض الشباب المعتصم الآن إلى تخوين التيار الدينى لن يحل المشكلة، فهذا التيار شارك فى الثورة وخاض الانتخابات، واتخذ خيارات سياسية واضحة يدافع عنها.. وفى المقابل فعلى الإسلاميين خصوصا الإخوان عدم تناسى أن هناك دورا لايزال مهما للشارع وان المليون شخص الذين خرجوا قبل أيام يصعب التعامل معهم «وكأنهم ولا حاجة».. عليهم ان يزاوجوا بين البرلمان والشارع، حتى لا يقعوا فى نفس خطأ مبارك والمجلس العسكرى.
النقطة العاجلة التى ينبغى على الجميع الالتفاف إليها هى نزع فتائل التوتر الكامنة فى نقاط ساخنة كثيرة.. ليس مطلوبا أن يتواجد الإسلاميون والشباب الثائر فى مكان واحد، لأنهم سوف يشتبكان فى كل الأحوال.
مطلوب أيضا وقف الحرب الإعلامية الشرسة بين الطرفين، ومطلوب ثالثا البحث عن نقاط التوافق، لأنه فى لعبة السياسة لن يستطيع طرف واحد أن يحصل على كل شىء مقابل لا شىء للطرف الثانى.
النقطة الأخيرة وهى نصيحة موجهة للطرفين هى: هل نسيتم أن هناك طرفا ثالثا يتربص بكم انتم الاثنين معا.. ألا تدركون أن هذا الطرف حقق معظم ما يريده، وعندما تشتبكون معا ويتم استبدال الملاسنات بالأحذية والمولوتوف بالحجارة وربما الأسلحة.. وقتها هل سندخل فى معركة جديدة حول من الذى بدأ المأساة ..أم سننسى كل شىء لأن الوطن نفسه سيكون وقتها قد ضاع؟!.