«لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك».. بهذه التلبية الصادرة من قلوب راجية مغفرة الله تعالى، وقف الحجيج الذين جاؤوا من كل فج عميق على جبل عرفات ليؤدوا الركن الأعظم في الحج، رافعين أيديهم إلى السماء، داعين الله عز وجل أن يجعل حجهم مبرورًا وسعيهم مشكورًا، وأن يغفر لهم ما تقدم وما تأخر من ذنبهم. وبدأ حجاج بيت الله الحرام، مع إشراقة صباح أمس، التوجه إلى صعيد عرفات الطاهر، مفعمين بأجواء إيمانية يغمرها الخشوع والسكينة، وتحفهم العناية الإلهية، ملبين، متضرعين، داعين الله عز وجل أن يمنّ عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار. وأفادت وكالة الأنباء السعودية «واس» بأن حجاج بيت الله الحرام بدأوا مع إشراقة التاسع من شهر ذى الحجة لعام 1446ه – الموافق 5 يونيو 2025، بالتوجه إلى صعيد عرفات الطاهر. ووصفت المشهد بالقول إنهم «يتوافدون مفعمين بأجواء إيمانية يغمرها الخشوع والسكينة، وتحفهم العناية الإلهية، ملبين متضرعين، داعين الله عز وجل أن يمنّ عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار». وقال الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام، في خطبة يوم عرفة، إن التقوى هي السبيل إلى الفلاح، وهى جوهر الدين وسبيل النجاة في الدنيا والآخرة، وتعنى التمسك بدين الله والعمل بشرعه، خوفًا من عقابه ورجاءً لثوابه، مستدركًا: «اتقوا الله بفعل أوامره وترك نواهيه، فإن الله يحب المتقين، وجعل العاقبة للتقوى.. التقوى سبب للحصول على خيرَى الدنيا والآخرة، وهى عنوان المؤمنين، وسر استقامتهم وثباتهم». وواكبت قوافل ضيوف الرحمن إلى مشعر عرفات متابعة أمنية مباشرة نفذها أفراد مختلف القطاعات الأمنية، الذين أحاطوا طرق المركبات ودروب المشاة لتنظيمهم حسب خطط تصعيد وتفويج الحجيج، إلى جانب إرشادهم وتأمين السلامة اللازمة لهم. وأوضحت «واس» أن عملية انتقال جموع الحجيج من منى إلى عرفات اتسمت بالانسيابية، إذ أدى الحجاج في عرفات، أمس، صلاتى الظهر والعصر جمعًا وقصرًا بأذان واحد وإقامتين في مسجد نمرة، اقتداءً بسنة رسول الإسلام محمد – صلى الله عليه وسلم –، ومع غروب الشمس بدأت جموع الحجيج نفرتها إلى مزدلفة، حيث صلوا فيها المغرب والعشاء، ثم قضوا ليلتهم هناك حتى فجر العاشر من ذى الحجة. وانطلق موسم الحج، الذي يستمر 6 أيام، الأربعاء الماضى بيوم التروية من مشعر منى، فيما شهد أمس الوقوف بعرفات والمبيت بمزدلفة، ثم الانتقال منها اليوم إلى منى لاستكمال مناسك الحج ورمى الجمرات، ثم نحر الهدى وطواف الإفاضة بمكة. ومن السبت إلى الاثنين، يستمر الحجاج في رمى الجمرات مجددًا في منى، ويختتم الحج بأداء طواف الوداع في مكة. وأعلن المتحدث باسم وزارة الحج، غسان النويْمى، أن عدد الحجاج الذين وصلوا من خارج المملكة تجاوز مليونًا و500 ألف حاج. فيما واصلت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية تكثيف جهودها الدعوية والتوعوية في مشعر عرفات ضمن خطتها الشاملة لخدمة ضيوف الرحمن في يوم عرفة، حيث نشرت فرقها الميدانية ووسائلها التقنية والإرشادية لضمان إيصال الرسائل التوعوية والإجابة على استفسارات الحجاج بمختلف اللغات، عبر وسائل تجمع بين التقنية الحديثة والحضور الميدانى. وانتشرت الكبائن التوعوية في مواقع استراتيجية داخل المشعر، تشمل 6 كبائن عند جبل الرحمة، و3 كبائن عند مسجد نمرة، وتقدم من خلالها خدمات متعددة، منها توزيع المطبوعات والكتب، والإجابة على استفسارات الحجاج، وتوفير الاتصال المرئى والصوتى مع الدعاة، ما يحقق سرعة وصول المعلومة الشرعية الصحيحة في الزمان والمكان المناسبين. وفى مسجد نمرة، جهزت الوزارة 125 شاشة رقمية تبث أكثر من 700 ألف رسالة توعوية وإرشادية بعدة لغات، تسهم في رفع الوعى الدينى وتثقيف الحجاج بأحكام النسك وآداب المشاعر، في توظيف فعّال للتقنية لخدمة الرسالة الدعوية، مع توفير 6 أجهزة اتصال مرئى داخل المسجد للإجابة على الاستفسارات الشرعية بشكل مباشر، من خلال التواصل مع الدعاة المؤهلين. وإلى جانب خدمة الهاتف المجانى، خصصت الوزارة هذه الخدمة لتمكين الحجاج من التواصل مع الدعاة عن بُعد، إذ يجيب الدعاة على الاستفسارات الشرعية من مقار إقامتهم في مختلف مناطق المملكة، ما يسهم في توسيع نطاق الخدمة دون الحاجة إلى الوجود الميدانى، كما خُصص أكثر من 200 ألف نسخة من الكتب والمطويات التي تُوزع عبر الكبائن المنتشرة في أرجاء مشعر عرفات، وتشمل موضوعات متنوعة حول أحكام الحج وبيان المسائل الشرعية التي يحتاجها الحاج في يوم عرفة. وبثت الوزارة في يوم عرفة أكثر من 15 مليون رسالة نصية قصيرة (SMS) على هواتف الحجاج، تتضمن محتوى توعويًا وإرشاديًا يسهم في توجيههم أثناء أداء المناسك، وذلك ضمن خطة شاملة لبث أكثر من 100 مليون رسالة خلال موسم الحج، باستخدام أسلوب ميسر وبلغات متعددة. من جانب آخر، واصلت المنظومة الصحية السعودية تقديم خدماتها لضيوف الرحمن ضمن جهود شاملة، إذ تجاوز عدد الخدمات الصحية المقدمة أكثر من 102 ألف خدمة منذ بداية موسم الحج وحتى أمس، ضمن جهود تسعى لتسهيل وصول الحجاج إلى الخدمات الصحية وتلقيها بأعلى معايير الجودة، تماشيًا مع مستهدفات برنامج «تحول القطاع الصحي» و«خدمة ضيوف الرحمن» المنبثقَين من رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى توفير رعاية صحية نوعية وتسهّل عليهم أداء مناسكهم بكل يُسر وأمان. وأظهرت بيانات وزارة الصحة وصول عدد مستفيدى خدمات المراكز الصحية إلى 55،275 حاجًا، واستقبلت أقسام الطوارئ 27،231 حالة، والعيادات الخارجية 1،412 مراجعًا، وتم تنويم 4،970 حالة في المستشفيات، منها 2،262 حالة في العناية المركزة، وأُجريت 204 عمليات قسطرة قلبية، إلى جانب 16 عملية قلب مفتوح. كما باشرت الفرق الطبية التعامل الفورى مع 71 حالة مصابة بالإجهاد الحرارى بكفاءة وفاعلية، ضمن منظومة الاستجابة الصحية الميدانية المدعومة بفرق وتجهيزات متقدمة لضمان التدخل السريع والحفاظ على صحة ضيوف الرحمن. وتعكس هذه الجهود جاهزية المنظومة الصحية وحرصها على العمل بكفاءة عالية، من خلال خطط استباقية ومنظومة خدمات صحية متكاملة وعالية الجودة، بما يضمن تقديم رعاية طبية متقدمة وآمنة لضيوف الرحمن، ويجسد التزامها المستمر بتوفير أفضل مستويات الرعاية خلال موسم الحج. وحذّرت وزارة الصحة السعودية حجاج بيت الله الحرام من التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال ساعات النهار، في ظل درجات الحرارة العالية خلال موسم الحج، داعية إلى استخدام المظلات أثناء التنقل بين المشاعر المقدسة، لتعزيز الوقاية من الإجهاد الحرارى، وذلك ضمن جهود المنظومة الصحية للحفاظ على صحة وسلامة ضيوف الرحمن، بما يمكنهم من أداء المناسك بصحة وطمأنينة. وتكثف المنظومة الصحية جهودها في تعزيز خدمات الرعاية الصحية بالمشاعر المقدسة، مع استمرار انتشار الفرق الطبية المتخصصة لتقديم الرعاية الصحية الفورية، إلى جانب تكثيف الرسائل التوعوية بين الحجاج، بما يعزز من جودة الخدمات الصحية ويضمن لهم موسم حج آمنًا وصحيًا.