المؤكد أن هناك ملفا للرئيس المنتخب محمد مرسى فى جهاز الأمن الوطنى المعروف سابقا بأمن الدولة، والمؤكد أنه ملف متخم باعتبار مرسى كان قياديا داخل جماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1977. قد يكون هناك وزير داخلية جديد، وربما يستمر اللواء محمد إبراهيم لفترة، وفى كل الاحوال سيقسم الوزير يمين الولاء القانونية أمام الرئيس.
هناك احتمال نظرى أن يقوم مرسى بزيارة الوزارة، وقد يقرر فجأة زيارة مقر الجهاز، وربما قد «تطلع فى دماغه» ويطلب من رئيس الجهاز الاطلاع على ملفه هناك من باب الفضول الإنسانى.
قد يكون ملف مرسى قد اختفى تماما ومعه ملفات قادة جماعة الإخوان المسلمين وغالبية من كانوا فى معارضة الأمس وصاروا فى الحكم اليوم.
نخرج من الافتراضات إلى سؤال بديهى هو: هل الشرطة مستمرة فى مراقبة الأحزاب والقوى السياسية؟!.
وزارة الداخلية قالت بعد الثورة إن جهاز الأمن الوطنى توقف عن مراقبة ومتابعة الأحزاب السياسية، وأن نشاطه الرئيسى هو مكافحة الإرهاب والإرهابيين فى الداخل.
كل ما سبق ليس هو لب الموضوع بل مجرد مدخل للسؤال عن التصور المتوقع للعلاقة بين رئيس الجمهورية، وجهاز الشرطة، خصوصا كبار الجنرالات.
ليس المهم العلاقة بين الرئيس والوزير لأن الأول قد يختار الثانى، ويضمن ولاءه، لكنه لا يستطيع ضمان ولاء وثقة وانضباط كبار اللواءات بالوزارة.
من قبيل التكرار القول إن عددا كبيرا من قادة الداخلية الآن تربوا فكريا على أن عدوهم فى الداخل هو التيار الإسلامى من الإخوان إلى السلفيين مرورا بقادة الجماعات الإسلامية خصوصا الجهاديين منهم.
بعض هؤلاء ربما لم يحب «الإسلاميين» لأن المناخ كان يشجع على ذلك، لكن كثيرا منهم لا يطيق الإخوان ولديه قناعات أنهم يريدون الاستحواذ على البلد بأكمله و«أخونته».
قبل شهور تناقشت مع ضابط كبير كان يعمل فى الأصل فى أمن الدولة، وعندما انحل الجهاز تم نقله إلى العلاقات العامة بإحدى المحافظات.. لدى هذا الضابط قناعة راسخة أن الإخوان هم سبب كل مصائب العالم من أول العنف والإرهاب نهاية بالاحتباس الحرارى.
الثورة فى نظر هذا الضابط وغيره هى انقلاب قاده الإخوان بمساعدة حماس وتمويل قطر وتشجيع أمريكا.
قد يتمكن الرئيس أو الوزير من طرد هذا الضابط وأمثاله، لكن للأسف فإن مثل هذه النوعية من التفكير منتشرة بين صفوف ضباط كثيرين بما فيهم رتب صغيرة تعتقد أنهم تلقوا إهانة لا تنسى عندما تم مهاجمة مراكز الشرطة فى توقيت واحد يوم 28 يناير 2011، ومن يومها تم «كسر» الشرطة.
الحل الجذرى لا يكون بفصل هذا الضابط وأمثاله، بل بالبدء الجدى فى تغيير عقيدة الشرطة ليترسخ فى ذهن الجميع وأولهم طلبة كلية الشرطة أن وظيفة رجل الشرطة هى حماية الشعب وليس النظام، واحترام حقوق الإنسان وليس انتهاكها، وحماية المتهم حتى لو كان قاتلا، وإنهم أى الشرطة جزء من الشعب وليس سادته.
المهمة صعبة وليست مستحيلة، لكن من دون تغيير العقليات والذهنيات والقناعات المترسخة من السنوات الماضية، لن ينصلح شىء جدى.
أمام محمد مرسى مهمة شاقة وعسيرة ومزدوجة، مع الشرطة، تبدأ بزرع الثقة فى نفوس الشرطة لتعيد أداء مهامها بجدية وفى نفس الوقت البدء فى إعادة هيكلة هذا الجهاز.
لكن شرط ذلك الجوهرى أن يقوم مرسى بأداء هذه المهمة باعتباره رئيسا لكل المصريين بما فيهم الشرطة وليس باعتباره «كادرا» إخوانيا جاء ليصفى حسابات قديمة مع كبار الضباط الذين ظلموه وظلموا جماعته، وقبل هذا وذلك ظلموا مصر.