يبدو أن الخطاب العام لحملة الاحتجاج الاجتماعية فى إسرائيل انتقل هذا الأسبوع إلى محور جديد هو تغيير سلم أولويات الحكومة الإسرائيلية. وفى خضم ذلك يجرى التلميح إلى أنه لو لم تصرف أموال طائلة على المستوطنات «فى المناطق المحتلة» على مدار أعوام كثيرة، لكان بقى لدى الحكومات المتعددة ميزانيات كبيرة لصرفها على سائر المناطق فى الدولة. وبكلمات أخرى يمكن القول إن الطبقة الوسطى فى إسرائيل هى التى دفعت ثمن السياسة الهوجاء التى اتبعتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إزاء المناطق الواقعة وراء الخط الأخضر. وأكد جادى بلطيانسكى المدير العام ل«مبادرة جنيف»، فى تصريحات خاصة أدلى بها إلى صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن مطلب تغيير سلم الأولويات ينطوى على أهمية كبيرة، لأنه يعنى أن على الدولة أن تستثمر مليارات الشيكلات داخل تخوم الخط الأخضر بدلا من استثمارها فى مناطق تقع خارج هذه التخوم «أى فى المناطق المحتلة» ولن تكون جزءا من دولة إسرائيل مطلقا. وفى موازاة ذلك يشير كثيرون من الخبراء الاقتصاديين وغيرهم إلى أن المعطيات المتعلقة بحجم الميزانيات العامة التى تصرف على المستوطنات «فى المناطق المحتلة» غير معروفة من الجمهور الإسرائيلى العريض، نظرا إلى كونها موزعة على ميزانيات جميع الوزارات وغير واردة تحت بنود محددة، فضلا عن وجود ميزانيات تصرف على مشروعات خاصة، كما أن جزءا من الميزانية الأمنية الإسرائيلية التى تعتبر سرية للغاية مخصص لهذه المستوطنات. ووفقا لمعطيات موجودة فى حيازة حركة «السلام الآن»، فإن الميزانية العامة التى خصصتها الحكومة الإسرائيلية للسلطات المحلية فى المناطق «المحتلة»، بلغت فى سنة 2007 أكثر من مليار ومائة مليون شيكل، أى نحو 9% من ميزانيات الحكومة التى خصصت للسلطات المحلية فى تلك السنة، على الرغم من أن نسبة المستوطنين فى المناطق (المحتلة) بين سكان إسرائيل لا تتعدى %3.8. أما التكلفة السنوية العامة للمستوطنات فتبلغ 2.5 مليار شيكل. وعلى ما يبدو فإن الزيارات المتكررة لزعماء «مجلس المستوطنات فى يهودا والسامرة «الضفة الغربية» لخيم الاحتجاج فى جادة روتشيلد فى تل أبيب لم تكن من قبيل المصادفة، وإنما من أجل إقناع قادة حملة الاحتجاج الاجتماعية بأن المستوطنين فى المناطق «المحتلة» هم جزء من المجتمع الإسرائيلى، وأن حل مشكلات الطبقة الوسطى يجب ألا يتم على حسابهم.