هل يجوز لقناة فضائية أن تحاكم قناة أخرى على مادة تليفزيونية بثتها ؟.. السؤال دار فى ذهنى عقب مشاهدتى لبرنامج «الحياة اليوم» وحالة الحصار الانفعالى الذى قاده مذيعا البرنامج للمسئول الإعلامى لقناة العربية «كيف حصلتم على الشريط.. ولماذا تم اختيار قناة العربية.. وهل كنتم تعلمون بإحضار هذا الشريط قبل بثه بوقت كاف.. ولماذا اكتفيتم بإذاعته دون مناقشة محتواه فى برامجكم فى حينها وهل قيادات سعودية وراء إذاعة هذا الشريط».. أعلم أن القضية شائكة، فهى تخص إذاعة قناة العربية لكلمة مسجلة للرئيس السابق ينفى فيها امتلاكه لأرصدة بالخارج، وأعلم أيضا أن التوقيت حرج للغاية وأن هناك شكوكا كثيرة حول جدوى إذاعة الكلمة والنوايا التى وراءها، لكنى أعود وأتساءل: هل كان الأجدر بمذيعى البرنامج أن يكتفيا بتحليل مضمون الكلمة للرأى العام وتوضيح كل حرف فيها ومدى تأثيرها على الجميع ؟ أم كانت هناك ضرورة لمحاكمة القناة التى بثتها وفتح المجال لتوجيه دعوة لمقاطعتها عبر ضيوف حلقة البرنامج؟!. يا سادة نحن فى عصر فضائى مفتوح وفى هذا العصر تحلم القنوات دائما بتحقيق أى سبق إعلامى سواء كان ما تبثه حسن النوايا الإعلامية أم لا، وراءه أهداف واستراتيجيات وألاعيب سياسية أم لا وشرائط بن لادن والظواهرى خير مثال فى هذا المناخ لا يجدر بقناة أن تحاكم قناة ولا يحق لبرنامج أن يسأل: لماذا تذيعون هذا أو ذاك؟ ونحن نعلم جميعا أن أمريكا وأوروبا مليئة بالفضائيات المُسخرة لخدمة إسرائيل وسياستها، وأن هناك فضائيات تغمض عينيها على انتهاكات الجيش الإسرائيلى بينما تقيم الدنيا وتقعدها إذا ما حاول الشعب الفلسطينى الدفاع عن نفسه، ولم نر إعلاما فضائيا عربيا قويا يستطيع أن يكشف الفضائح الإسرائيلية بنفس قوة الفضائيات الأجنبية، فقط تبقى كثير من فضائياتنا العربية رد فعل للخبر والتعليق ولم تكن لها المبادرة لا خبريا ولا تحليلا لما يحدث على أرض الواقع. نحن فى ثورة تطهير لنظام فاسد وليس خافيا على أحد وجود ثورة مضادة يقودها ذيول هذا النظام، وعلى فضائياتنا أن تعى وتحلل للرأى العام ألاعيب هذه الثورة وخيوطها الإعلامية والسياسية، لا أن تهاجم وتحاكم فضائيات أخرى لا نعلم حقيقة ما يجرى فى كواليسها حول علاقتها بالنظام السابق والذى ربما يكون اختيار مبارك للعربية ناتجا عن تلك العلاقة. إن الحياة اليوم تتطلب منافسة واعية فى نقل صورة واضحة وشفافة للرأى العام دون أخذه لمنحنيات تسقطه فى تحليلات وتفسيرات غير ناضجة. وهذا الرأى من واقع مهنية إعلامية ترى الصورة بموضوعية دون الانحياز لجهة على حساب أخرى. وأختم بسؤال: هل لو أتيحت تلك الفرصة لقناة الحياة أو غيرها كانت لتتركها؟ مجرد سؤال.