غرة رمضان

تعال أيها الحبيب نتجاوز الأسئلة التقليدية ونقرر إجابتها سريعا، فالصوم لا تفسده جميع أنواع الحقن ولا تفسده «بخاخة التنفس» ولا تفسده الروائح والعطور، وقد أباح الله الفطر للمريض والمسافر والحامل والمرضع على أن يعيدوا من بعد، وفرض الفطر على الحائض والنفساء على أن يعدن الصوم بعد التطهر.
((أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)) البقرة (184)
تعال نستعد لإعمار المساجد بالجماعة ودراسة العلم وصلاة القيام بعد العشاء.
تعال نزدد من الخير ونكثر من الصدقات كما كان رسولنا صلى الله عليه وسلم كالريح المرسلة يعمم خيره جميع الخلائق، تعال ننظم أعمالنا ونضبط التزاماتنا حتى نستطيع التفرغ للاعتكاف فى نهاية رمضان. تعال نستعد لليلة القدر وما فيها من عطاء إلهى وثواب ربانى.
جاء الشهر، جاء موسم التجديد، جاء موسم المراجعة، جاء موسم التصحيح، موسم الثورة على العادات والإسراف، موسم ضبط النفس وجدولة أعمالها. شهر أنزل فيه القرآن، فلنقرأ القرآن... فلنسمع القرآن، فلنفهم القرآن، فلنتدارس القرآن، فليبدأ المسلم فى التعرف على خريطة القرآن وما فيه، فليس كل ما فيه طقوس وغيبيات.
ففى القرآن الكريم آيات تعرض عليك الكون وما فيه من قدرات ومخلوقات و إمكانيات وأسرار يسعى المسلم لاكتشافها.
وآيات تعرض عليك تاريخ النبوة وما كان بين الأنبياء والشعوب من حوار ومجادلة، وآيات تعرض عليك قوانين التفكير العلمى والعقلى مثل ضرورة التثبت وعدم الظن والإشهاد والمراجعة. ((إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)) الحجرات (6)
وآيات تعرض القواعد المثبتة للأخلاق الإنسانية العليا من الأمانة والصدق والإحسان وحب الخير وبغض الشر، والسعى للتقارب والتعاون والتكامل ثم قواعد التراحم وصلة الأرحام وصلة الشرائح المحتاجة. ((وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِى القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِى القُرْبَى وَالْجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ)) النساء (36)
وآيات تدعو إلى إقامة الشعائر الخاصة بالمسلم من صلاة وصيام وزكاة وحج فريضة على من آمن بالقرآن.
وآيات تدعو للحفاظ على السلم والأمن الدوليين ولو باستعمال القوة.
((ادْخُلُوا فِى السِّلْمِ كَافَّةً)) البقرة (208) ، ((وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ)) الأنفال (60)
وآيات تدعو لضبط المعاملات البشرية وتخليصها من الغش والتزوير.
وآيات تدعو لحفظ الإنسان جسمه ودمه مثل أحكام القصاص.
وآيات تدعو لحفظ أموال الناس من النهب والسرقة والربا وشراء المحرمات.
وآيات تدعو لعقوبات من يعتدى على حرمات الناس.
فالقرآن أكبر من أن يكون كتاب طقوس، وأبعد مدى من أن يكون كهنوتا وحسب.
فهل نستطيع تفهم القرآن، والتفكر فى مبادئه التى لا ينافسها أى مبدأ آخر.