كأس كاراباو، نيوكاسل يتعادل مع فولهام 1/1 في الشوط الأول    إصابة نورهان بوعكة صحية أثناء تكريمها بالمغرب    مسار يكتسح ديروط وأبو قير يتعادل مع الترسانة بدوري المحترفين    باريس سان جيرمان يتوج بطلا لكأس إنتركونتيننتال    ماذا حدث داخل الشقة فجرًا؟| تفاصيل جديدة حول وفاة نيفين مندور    جامعة الإسكندرية تستقبل رئيس قسم الهندسة الحيوية بجامعة لويفل الأمريكية    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    وزارة الداخلية: ضبط 40 شخصاً لمحاولتهم دفع الناخبين للتصويت لعدد من المرشحين في 9 محافظات    القاضى أحمد بنداري يدعو الناخبين للمشاركة: أنتم الأساس فى أى استحقاق    نتنياهو يعلن الموافقة على صفقة الغاز مع مصر    إطلاق حملة لدعم الأشقاء فى غزة خلال الشتاء ضمن جهود التحالف الوطنى    رسميًا.. إنتر ميامى يجدد عقد لويس سواريز حتى نهاية موسم 2026    الإسماعيلية تحت قبضة الأمن.. سقوط سيدة بحوزتها بطاقات ناخبين أمام لجنة أبو صوير    وكيل تعليم القاهرة في جولة ميدانية بمدرسة الشهيد طيار محمد جمال الدين    السعودية تلغي المدفوعات على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية    السلاح يضيف 7 ميداليات جديدة لمصر في دورة الألعاب الإفريقية للشباب    جنرال التعليق مدحت شلبي في مهمة نهائي كأس العرب بين الأردن والمغرب    وزير الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم قطع أراضي الإسكان المتميز للفائزين بمدينة بني سويف الجديدة    بعد جريمة هزت الصعيد.. الإعدام ل8 متهمين بقتل عامل وسرقته في سوهاج    31 ديسمبر النطق بالحكم فى الاستئناف على براءة المتهمين بقضية مسن السويس    نتنياهو يعلن رسميًا المصادقة على اتفاق الغاز مع مصر بمبلغ فلكي    رسالة مفاجئة من ياسر جلال لمصطفى أبو سريع بعد انفصاله عن زوجته    نجوم الفن فى عزاء إيمان إمام شقيقة الزعيم أرملة مصطفى متولى    رئيس إذاعه القرآن الكريم السابق: القرآن بأصوات المصريين هبة باقية ليوم الدين    الرقابة المالية توافق على التأسيس والترخيص ل 6 شركات بأنشطة صندوق الاستثمار العقاري    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    "جبران" يلتقي وزيرة العمل الإيطالية لتعزيز التعاون المشترك    الحكومة تستهدف استراتيجية عمل متكامل لبناء الوعى    إصابة شخصين في حادث تصادم 3 سيارات أعلى الطريق الأوسطي    بين الحرب والسرد.. تحولات الشرق الأوسط في 2025    حين تغرق الأحلام..!    إسرائيل تفرج عن 12 أسيرا من سكان قطاع غزة    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    جلسة صعود وهبوط: 6 قطاعات فى مكسب و10 قطاعات تتراجع    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    التموين تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 73%    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح الدورة العاشرة لملتقى القاهرة الدولي لفن الخط العربي    الأهلي يحسم ملف تجديد عقود 6 لاعبين ويترقب تغييرات في قائمة الأجانب    أشرف فايق يكشف حقيقة دخول عمه محيي إسماعيل في غيبوبة بسبب جلطة بالمخ    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    اليونيفيل: التنسيق مع الجيش اللبناني مستمر للحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق    ضبط 8 متهمين في مشاجرة دندرة بقنا    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    طوابير أمام لجان البساتين للإدلاء بأصواتهم فى انتخابات مجلس النواب    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    الدخان أخطر من النار.. تحذيرات لتفادى حرائق المنازل بعد مصرع نيفين مندور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من شابه أباه فما ظلم
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 02 - 2012

بينما يجتاح الجيش السورى مدينة حمص لإخماد التمرد ضد نظام الرئيس بشار الأسد، أشعر أننى أشاهد إعادة لفيلم سيئ، قام بدور البطولة فيه حافظ والد بشار، فى نفس هذا الشهر قبل ثلاثين عاما. وقد شاهدت بنفسى الفيلم الأصلى.
•••

كان ذلك فى أبريل 1982، وكنت قد وصلت لتوى إلى بيروت كمراسل لصحيفة نيويورك تايمز. وسرعان ما سمعت قصصا مرعبة عن انتفاضة وقعت فى فبراير ببلدة حماة، بقيادة الإخوان المسلمين.

وقرأت (لم يكن هناك شبكة الإنترنت أو الهواتف المحمولة) أن الرئيس حافظ الأسد قضى على تمرد عبر قصف أحياء مدينة حماة كلها، ثم نسف المبانى، وبعضها كان السكان لا يزالون بداخلها. وفى مايو من نفس العام، حصلت على تأشيرة دخول إلى سوريا، بينما كان يعاد فتح حماة. وكان النظام السورى «يشجع» السوريين على التجول خلال البلدة المحطمة وتدبر المغزى.. لذلك استأجرت سيارة أجرة وذهبت إلى هناك.

كان الأمر مذهلا. فمساحات كاملة من المبانى، قد دمرت فى الواقع، ثم سويت بالأرض تماما لتصبح فعليا ساحات لوقوف السيارات فى حجم ملعب لكرة القدم. وإذا ركلت الارض، ستخرج لك قطعا من الملابس، أو كتابا ممزقا، أو حذاء. ووفقا لتقديرات منظمة العفو الدولية، قتل هناك نحو عشرين ألف شخص. ولم أكن رأيت قبلا وحشية بهذا القدر. فأطلقت عليها فى كتاب ألفته لاحقا: «قواعد حماة».

•••

وتعنى قواعد حماة، ألا توجد قواعد على الإطلاق. حيث يمكنك أن تفعل أى شىء من أجل البقاء فى السلطة، ولا تكتفى بهزيمة أعدائك، وإنما تقصفهم فى بيوتهم ، ثم تسويها بالأرض، حتى لا ينسى ابناؤهم ولا أبناء أبنائهم، ولا يخطر فى أحلامهم حتى أن يتحدوك مرة أخرى.

غير أنه بعد ثلاثين عاما، نسى أبناء أبناء هؤلاء السوريين. وضاع منهم الخوف. وفى هذه المرة، لا يتمرد الإخوان المسلمون وحدهم فى بلدة واحدة. وإنما هو الآن الشباب من جميع أنحاء سوريا. ويلاحظ نافتيج ديلون وطارق يوسف، محررا كتاب «جيل فى الانتظار: الوعد غير المنجز للشباب فى الشرق الاوسط»، أن أكثر من مائة مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة يعيشون فى منطقة الشرق الأوسط، مقارنة بأقل من 67 مليونا فى عام 1990، ولم يتحقق الكثير مما وعدت به حكوماتهم من وظائف وفرص زواج وشقق، الحق فى أن يكون لهم رأى فى تحديد مستقبلهم. هذا هو ما أثار كل هذه الانتفاضات العارمة.

غير أن سوريا ليست النرويج. ومسألة الديمقراطية ليست الدراما الوحيدة المعروضة هناك. فسوريا أيضا بلد شديدة القبلية والانقسام الطائفى. حيث تضم الأقلية العلوية ذات الميول الشيعية بقيادة آل الأسد 12% من السكان وتهيمن على الحكومة والجيش والأجهزة الأمنية. ويمثل المسلمون السنة 75% من العرب السوريين، والمسيحيون 10% وتتكون النسبة الباقية من الدروز والاكراد وغيرهما. وبينما بدأت الانتفاضة السورية كتعبير غير طائفى وغير عنيف عن رغبة الشباب السورى فى أن يعاملوا كمواطنين، إلا أنه عندما رد الأسد وفق قواعد حماة، أثار ردا عنيفا. وأدى هذا إلى إثارة مخاوف الطائفية من جميع الاطراف. ومن الصعب الآن تحديد متى تتوقف التطلعات الديمقراطية للتمرد وتبدأ التطلعات الطائفية رغبة الأكثرية السنية الواضحة فى طرد الأقلية العلوية.

ونتيجة لذلك يناصر معظم العلويين الأسد، وكذلك يسانده بعض السنة الذين استفادوا من نظامه، خاصة فى حلب ودمشق العاصمة. ويرى هؤلاء الموالون من العلويين والسنة، الفوضى وشغب الملاعب فى مصر ويقولون لأنفسهم: «إما الأسد أو الفوضى؟ سوف نختار الأسد. «ماذا نفعل؟ من الناحية المثالية كنا نود تحقيق انتقال سلمى من حكم الأسد الفردى إلى سياسة أكثر توافقية وتعددية. نحن لا نريد حربا أهلية فى سوريا، والتى يمكن أن تزعزع استقرار المنطقة بأسرها. تذكر: مصر تنهار، وليبيا تنهار، وتونس تنهار. ... وسوريا تنفجر.

•••

ولا أدرى ما الذى يكفى لإقناع الأسد بالتنازل عن السلطة إلى حكومة وحدة وطنية، لكننى أعرف ما هو الضرورى: يجب أن يخسر أهم دعامتين تحافظان على نظامه. وإحدى هاتين الدعامتين: دعم الصين وإيران وروسيا. حيث ينبغى أن تواصل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبلدان الإسلامية مطالبة موسكو وبكين وإيران بوقف دعم عمليات القتل الجماعى التى يقوم بها الأسد ضد المدنيين العزل. فقد لا تأبه أى من الصين أو إيران أو روسيا بالإدانة الأمريكية، لكنها قد تهتم ببقية العالم.

غير أن الدعامة الثانية لا يمكن نزعها إلا بواسطة السوريين أنفسهم. حيث يتعين أن تجد المعارضة السورية المنقسمة حتى الآن، سبيلا لتوحيد صفوفها، والتقارب مع العلويين وكذلك التجار المسيحيين والسنة فى سوريا وطمأنتهم على أن مصالحهم ستكون آمنة فى النظام الجديد حتى يتخلوا عن الأسد. ولن يمكن التوصل إلى أى نتيجة جيدة من دون تحقيق ذلك. فكلما أظهرت المعارضة السورية لنفسها، ولجميع السوريين وللعالم أنها بصدد إقامة نظام تعددى فى سوريا يقوم على أساس المساواة فى المواطنة كلما ضعف نظام الأسد، وكلما زاد احتمال وجود فرصة لاستقرار واعتدال سوريا بعد الأسد. وكلما استمرت تشرذم المعارضة ، كلما قوى نظام الأسد، وزاد تعلق بعض السوريين به خشية الفوضى، ووواصل العمل بقواعد حماه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.