رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كليات التربية والطب والتجارة مع بداية الدراسة    النيابة العامة تكرم أعضاءها وموظفيها المتميزين على مستوى الجمهورية| صور    برواتب تصل 16 ألف جنيه.. طريقة التقديم على وظائف وزارة الشباب والرياضة 2025    بريطانيا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين رغم الضغوط الأمريكية    مدير مستشفى غزة يستقبل جثامين شقيقه وأقاربه أثناء أداء عمله    ترامب: أعتقد أننا توصلنا إلى إجابة بشأن التوحد وسأصدر إعلانا يوم الإثنين    البرلمان العربي: انتخاب السعودية لمجلس محافظي الطاقة الذرية مكسب عربي    وزير خارجية السعودية: القضية الفلسطينية على رأس أولويات المملكة في المحافل الدولية    استعدادًا للمونديال.. خماسية ودية لشباب مصر في سان لويس قبل «تجربة كاليدونيا»    وزير السياحة عن واقعة المتحف المصري: لو بررنا سرقة الأسورة بسبب المرتب والظروف سنكون في غابة    داخل شقته بدمنهور .. رائحة كريهة تقود الأهالي للعثور على جارهم متوفيًا    إصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم جرار زراعى وسيارة ملاكى بكفر الشيخ    خطوات استخراج بدل تالف لرخصة القيادة عبر موقع المرور    الفيتنامي دوك فوك يفوز بمسابقة إنترفيجن بديل روسيا لمسابقة يوروفيجن    "بعد ثنائيته في الرياض".. رونالدو يسجل رقما تاريخيا مع النصر في الدوري السعودي    مصدر في الزمالك يكشف حقيقة هروب شيكو بانزا    مصدر يكشف موقف إمام عاشور من مباراة الأهلي أمام حرس الحدود    اليوم، ختام التسجيل في مرحلة تقليل الاغتراب لطلاب الشهادات المعادلة    الأطباء تدعو أعضاءها للمشاركة في انتخابات التجديد النصفي    الهيئة العامة للاستعلامات: قواتنا في سيناء تستهدف تأمين الحدود ضد كل المخاطر    أسامة الدليل: حماس وإسرائيل متفقان على تهجير الفلسطينيين.. ومصر ترفض انتهاك سيادتها    الأرصاد: تقلبات جوية متوقعة مع بداية فصل الخريف الأسبوع المقبل    وفاة شخص وإصابة آخر بطلق ناري خلال مشاجرة بدلجا بالمنيا    الأمن يفحص فيديو التعدي على ممرضة وإصابتها بجرح ذبحي وسرقة هاتفها بالمنوفية    شعبة الخضراوات عن جنون أسعار الطماطم: هترتفع تاني حتى هذا الموعد    برأهم قاض امريكي.. الانقلاب يسحب الجنسية من آل السماك لتظاهرهم أمام سفارة مصر بنيويورك!    بعد 9 سنوات من المنع.. صورة افتراضية تجمع حفيد الرئيس مرسي بوالده المعتقل    مظهر شاهين: أتمنى إلقاء أول خطبة في مسجد عادل إمام الجديد (تفاصيل)    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأحد 21 سبتمبر 2025    عيار 21 الآن يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب تنخفض 320 للجنيه اليوم بالصاغة (آخر تحديث)    أسعار الأدوات المدرسية فى أسيوط اليوم الأحد    التبادل التجاري بين مصر وسنغافورة يسجل 137 مليون دولار خلال النصف الأول من 2025    الظهور الأول لأندية دوري المحترفين.. مباريات اليوم في الدور التمهيدي لكأس مصر    تحطيم «الفص» وإخفاء الأثر.. تفاصيل جديدة في تحقيقات سرقة إسورة ذهبية من المتحف المصري    محافظ كفر الشيخ: إنشاء 3 أسواق حضرية تضم 281 باكية لنقل الباعة الجائلين    حسام الغمري: خبرة بريطانيا التاريخية توظف الإخوان لخدمة المخططات الغربية    10 معلومات عن مي كمال الدين طليقة أحمد مكي: طبيبة تجميل تحب الحيوانات وتعتبر والدتها سندها الأساسي    ندوة «بورسعيد والسياحة» تدعو لإنتاج أعمال فنية عن المدينة الباسلة    قلق بشأن الوالدين.. حظ برج الجدي اليوم 21 سبتمبر    بيلا حديد تعاني من داء لايم.. أسباب وأعراض مرض يبدأ بلدغة حشرة ويتطور إلى آلام مستمرة بالجسم    ميلان يكتسح أودينيزي بثلاثية ويواصل مطاردة صدارة الكالتشيو    سيدات الميني فوتبول يتأهل لنصف نهائي كأس العالم بأربيل    حسام الغمري: التطرف الإخواني خرج من رحم المشروع الصهيوني    تفاصيل لقاء اللواء محمد إبراهيم الدويرى ب"جلسة سرية" على القاهرة الإخبارية    وزير الشؤون النيابية يستعرض حصاد الأنشطة والتواصل السياسي    روني سالا الرئيس التنفيذى لمجموعة «بيريل أرت»: بطولة «إيزى كارت مصر» حققت تقدمًا ملحوظًا في مستوى الأداء    محمد طعيمة ل"ستوديو إكسترا": شخصيتي في "حكاية الوكيل" مركبة تنتمي للميلودراما    حسام الغمري ل ستوديو إكسترا: التطرف الإخواني خرج من رحم المشروع الصهيوني    «البحيرة» تحتفل بعيدها القومي وذكرى الانتصار على «حملة فريزر»    مستشار الرئيس للصحة: زيادة متوقعة في نزلات البرد مع بداية الدراسة    من فيينا إلى الإسكندرية.. "ملك السندوتشات" حكاية الخبز الأكثر شعبية فى مصر    عالم أزهري يوضح سبب ذكر سيدنا إبراهيم في التشهد    مواقيت الصلاة اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا    على هامش فعاليات مؤتمر ومعرض هواوي كونكت 2025.. وزير الصحة يلتقي مسئولي «ميدبوت» للتعاون في تطوير التكنولوجيا الطبية والجراحة الروبوتية ( صور )    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمانة والفرص الضائعة والصفقات المحتملة
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 12 - 2011

يبدو أن هذه كانت سنة لإضاعة الفرص. كان الشعب المصرى قادرا على تغيير النظام دفعة واحدة لو استمر مئات الآلاف من الناس فى الميادين يوم الثانى عشر من فبراير الماضى إلى أن تسلم السلطة إلى القضاء ويحدد موعد انتخاب رئيس مدنى انتقالى للجمهورية يفكك أجهزة القمع التى قتلتهم وعذبتهم ثلاثين سنة، ثم كان الشعب المصرى قادرا لو توحدت قواه السياسية أن يفعل الشيء نفسه فى آخر شهر يونيو عندما قامت الداخلية بقتل أهالى الشهداء، ثم كان قادرا للمرة الثالثة أن يفعل الشيء نفسه وينهى الحكم العسكرى بعد أن فض حكام البلاد المسلحون اعتصاما لمصابى الثورة فسقط عشرات الشهداء وآلاف الجرحى.لكن القوى السياسية المصرية فضلت الاعتماد على المؤسسات الرسمية لا على قوة الشارع، فهناك اعتقاد راسخ لدى الليبراليين والإسلاميين على السواء أن مؤسسات الدولة الرسمية تمكنهم من تغيير الأوضاع فى البلاد أكثر من ثورة الشارع، فالواحد منهم يفضل أن يكون نائبا فى البرلمان أو رئيسا للوزراء أكثر من أن يكون قائدا فى الميدان ومن الميدان، ويحب أن يحظى بمنصب شاهبور بختيار أو ألكسندر كيرينسكى أكثر من أن يكون الخمينى أو لينين.

فليكن، إن كان هذا نصيبنا من السياسيين إسلاميين وليبراليين فالحمد لله الذى لا يحمد على مكروه سواه، يريدون أن يحشروا روح الثورة فى قوالب المؤسسات، ولو رزقهم الله ببراق مجنح من السماء علقوا عليه ربطة عنق رمادية وأجلسوه على مكتب ضيق ثم وعدوه أن يحجزوا له مقعدا فى طائرتهم الممنوعة من الإقلاع. أقول، فليكن، إن كانوا يزعمون أنهم قادرون بمؤسساتهم ومكاتبهم وربطات عنقهم أن يحرروا مصر من الاحتلال الأمريكى ومن البندقية والهراوة، والخوذات السود والقبعات الحمر، فليفعلوا. وهذا أول امتحان لهم، فقد دخل كل من الإسلاميين والليبراليين البرلمان، وما دخلوه إلا لأن الناس صدَّقوا وعدهم أنهم سيأتونهم بحقوقهم ويدركون لهم ثأرهم من موقعهم الجديد. فالمطلوب من هذا البرلمان إذن، أن ينازع المجلس العسكرى سلطاته، وأن يطالب، لا بتشكيل الحكومة فحسب، بل بنقل صلاحيات رئيس الجمهورية إليه، وأهمها الصلاحيات الأمنية فيضمن أن لا يكون فى مصر مسلح بزى رسمى، أسود أو أخضر أو أصفر، يطلق النار على المدنيين فى اعتصاماتهم ويفقأ عيونهم ويدهسهم بمدرعاته ثم يتهم علاء عبدالفتاح بذلك كله.

ثم إن على هذا البرلمان أن لا يتنازل قيد أنملة عن حقه فى تشكيل اللجنة التأسيسية التى ستكتب الدستور، وأن لا يتنازل قيد أنملة عن تحجيم دور العسكر فى الدستور ليقتصر على حماية البلاد من الغزو الخارجى حصرا، فإننا فى زمان تحتاج فيه الشعوب أن تحمى نفسها من حماتها كما تحمى نفسها من غزاتها.

●●●

وأمام مجلس الشعب المنتخب احتمالان، الأول أن يتمسك بحقوقه وحقوقنا، فإن فعل فهو لا بد مصطدم بالمجلس العسكرى، ومضطر للجوء مرة أخرى إلى الشارع والميدان اللذين لم يكن يرى فيهما خيرا من قبل، وأن يستنجد نواب البرلمان بمن استنجد بهم فلم ينجدوه وتركوه للغاز والرصاص. ولا شك عندى أن الشعب الأكرم دائما سينجدهم وسينزل إلى الشوارع حماية لنوابه لكن ما أخافه هو أن يتراجع النواب والناس يُقتلون فى الشوارع فيقبلوا مرة أخرى بحل وسط، ويتوقعوا من الناس أن يكونوا شهداء تحت طلبهم مرة بعد مرة بعد مرة.

أما الاحتمال الثانى، فهو أن يخضع مجلس الشعب لمجلس العسكر، ويرضى بصفقة طال الكلام عنها فى الولايات المتحدة الأمريكية منذ شهر فبراير الماضى، وهى تقضى بأن يتقاسم الشعب المصرى والعسكر السلطة فى مصر، فكل ما كان استراتيجيا ومهما للولايات المتحدة، كالعلاقة مع إسرائيل والمناورات الحربية وصفقات السلاح والبترول والغاز وقناة السويس والموانئ والمطارات والطرق والمرافق والمحاصيل الاستراتيجية كالقمح والصناعات الاستراتيجية كالحديد والذخيرة فهو فى يد العسكر، وكل ما دون ذلك يترك للقوى السياسية المصرية تتنافس فيه عبر البرلمان. ويلحق بهذه الصفقة المحلية صفقة أخرى إقليمية، حيث تسمح الولايات المتحدة لما تسميه هى بالإسلام المعتدل أن يحكم بلاد العرب مقابل تسليمها رأس ما تسميه بالإسلام المتطرف، وهو عندها إيران وحزب الله وحماس والجماعات التى تفجر أنابيب الغاز فى سيناء، كما تحب الولايات المتحدة تقسيم المسلمين إلى شيعة وسنة بَأْسُهُمْ بينهم لا على إسرائيل. ولا بد من الإشارة هنا أن الولايات المتحدة لا بأس عندها بالتطرف ما كان يتعلق بالحجاب والنقاب وتطويل اللحى وتحريم الديمقراطية وكراهية الشيعة والمتصوفة والمسيحيين ثم هو يبيعها النفط بالثمن البخس وينهى الناس عن مقاومة إسرائيل، فهذا النوع من التطرف حليفها منذ خمسين سنة، إنما التطرف الذى تريد رأسه هو الإسلام الثورى الذى يهدد مصالحها فى الخليج والشام. وقد تُطَعِّم الولايات المتحدة الإسلام المهادن بليبرالية متفرنجة من باب التلوين لا تمت للحرية بصلة، فالولايات المتحدة تحب حرية فتاة بلهاء تتعرى، وتكره أن نملك حرية التصرف فى مالنا وأرضنا وسلاحنا.

فإن تمت هاتان الصفقتان، فبلادكم يا أهل مصر محتلة كما كانت، وكأن ثورتكم لم تقم، وكأن حسنى مبارك عاد بوجوه جديدة أكثر صحة وشبابا.

●●●

أقول، إن حرية مصر الآن موكلة بتشدد هؤلاء النواب وأن لا يداهنوا ولا يخافوا، وأن يفوا بالأمانة ولا يخونوها، ولهم من الناس الوعد أن لا نخذلهم ما لم يخذلونا، وأن نوليهم ونتولاهم ما لم يتولوا عنا، ولنا عليهم أن يطلبوا ملك مصر كله، أن يطلبوا مصر كلها، فهم نواب الشعب ومصر كلها للشعب وليس منها ذرة رمل واحدة للولايات المتحدة وحلفائها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.