يشعر المجتمع الفلسطينى، مثل كل مجتمع يخوض نضالا من أجل تحرره الوطنى، بالمسئولية تجاه أبنائه وبناته الذين ضحوا بحريتهم من أجل الآخرين. وهؤلاء الذين نسميهم نحن «المخربين» و«القتلة» يعتبرهم الفلسطينيون «مناضلين من أجل الحرية» و«أبطالا وطنيين». وكما حدث فى أماكن كثيرة، مثل أفريقيا الجنوبية وإيرلندا الشمالية، فإن زعماء الأسرى هم الذين يساهمون فى الوصول إلى التسوية. إن العديد من الشخصيات الفلسطينية التى تجرى إسرائيل اتصالات سياسية معها وتربطها بها علاقات أمنية هى من الذين أمضوا أعواما من حياتهم فى السجون الإسرائيلية. وتشير استطلاعات الرأى فى المناطق الفلسطينية إلى أن موضوعى الأسرى والاعتقالات الإدارية يشغلان بال الجمهور الفلسطينى أكثر من مسائل التسوية الدائمة.
وعلى الرغم من ذلك، فقد جرى تهميش موضوع الأسرى فى إسرائيل، ولا يثير المسئولون الإسرائيليون موضوعهم إلا فى سياق التفاوض على إطلاق أسرى إسرائيليين، أو مثلما حدث فى الآونة الأخيرة، أى عندما يتخوف المسئولون من أن يؤدى موت أحد الأسرى المضربين عن الطعام فى السجون الإسرائيلية إلى أعمال عنف فى الضفة، أو يؤدى إلى جذب انتباه العالم إلى وضع حقوق الإنسان فى إسرائيل.
إن الاتفاق الذى تم التوصل إليه بين إدارة السجون وبين ممثلين عن الأسرى برعاية مشكورة من مصر، نجح فى إصلاح الخلل المتعلق بسياسة السجن الانفرادى، وزيارات أهالى الأسرى من غزة. كذلك تعهدت إدارة السجون بدراسة ملف أكثر من 300 معتقل إدارى، بعضهم مازال معتقلا منذ أشهر من دون أن توجه إليه تهمة معينة. فى المقابل تعهد الأسرى بألا يقوموا من داخل السجون بأى نشاطات ضد أمن الدولة. وقد يشكل هذا اعترافا فلسطينيا جديدا بفائدة حركات الاحتجاج السلمى.
يتعين على الحكومة أن تعيد النظر فى علاقتها بالأسرى السياسيين عامة وبالمعتلقين الإداريين خاصة. ويمكن القول إن اقتراح القانون الجديد من أجل تسوية أوضاع الاعتقال التى تشمل الأسرى كلهم، والذى هو مزيج من القانون الذى اقترحه عضو الكنيست دوف حنين (حداش)، ومن اقتراح وزارة الأمن الداخلى، هو خطوة فى الاتجاه الصحيح.