وصفت بأنها "الأكبر" في تاريخ البلاد ..تظاهرةغير مسبوقة في نيوزيلندا نصرة لغزة    تقرير: حراك دبلوماسي مكثف وتطورات عسكرية متسارعة تعيد السودان إلى واجهة الاهتمام الدولي    ردا على إعلان نيويورك، نتنياهو ينتظر اليوم الضوء الأخضر من أمريكا لضم أجزاء من الضفة الغربية    هدف الكيان من ضربة قطر .. مراقبون: نقل مكتب المقاومة إلى مصر يحد من حركة المفاوضين ويتحكم باستقلال القرار    نتنياهو يهدد مجددًا باستهداف قادة حماس في قطر    وارسو: نشر طائرات بولندية وأخرى تابعة للحلفاء بعد تهديدات طائرات بدون طيار    برينتفورد يفرض التعادل مع تشيلسي في البريميرليج    مدرب أوكلاند سيتي: بيراميدز الأقرب للفوز ضدنا.. ولاعبان أعرفهم جيدًا    سعد شلبي يكشف تفاصيل الحالة الصحية لمحمود الخطيب    قبل ديربي الليلة.. مانشستر يونايتد يتفوق على مان سيتي بالأرقام    الداخلية تكشف حقيقة تقرير يزعم شبهة جنائية في وفاة أحمد الدجوي    بالأسماء.. مصرع وإصابة 7 أشخاص في حادث سير بالبحيرة    الداخلية توضح حقيقة فيديو سرقة سور كوبرى بإمبابة:"الواقعة قديمة والمتهم اعترف"    بعد توثيقها بمواقع التواصل الاجتماعي.. حبس طرفي مشاجرة البساتين    التموين: الكارت الموحد يتيح الشراء وصرف الرواتب والمعاشات    نتائج مباريات الدوري الإنجليزي أمس السبت    5 بنوك تتصدر ترتيب المتعاملين الرئيسيين بالبورصة خلال تداولات الأسبوع    بعد مطالبته برفع الدعم عن الوقود.. أحمد موسى: ماذا يريد صندوق النقد من مصر.. تصريحات مستفزة كأنهم يمنّون علينا    بالأرقام، أسعار الكتب المدرسية للمدارس التجريبية للعام الدراسي 2025-2026    طولان: لم يعجبني فيديو «العميد الأصلي» بين الحضري وأحمد حسن    عمرو فتحي: تتويج منتخب الشابات ببطولة إفريقيا إنجاز جديد لمنظومة كرة اليد    رضا عبدالعال: خوان ألفينا نسى جماهير الزمالك زيزو    فلسطين.. الاحتلال يعتقل شابا من بيت ريما بعد الاعتداء عليه    «زي النهارده».. إعلان وفاة المشير عبدالحكيم عامر 14 سبتمبر 1967    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السودان ببداية تعاملات الأحد 14 سبتمبر 2025    عيار 21 الآن يسجل رقمًا قياسيًا.. أسعار الذهب اليوم الأحد بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    بيان هام من الهيئة العامة للأرصاد الجوية بشأن حالة الطقس ب محافظات الوجه البحري    عودة خدمة الخط الساخن 123 ببنى سويف بعد إصلاح العطل الفني    تامر فرج: مشهد ضربي لملك زاهر كان حقيقي.. ودوري في «أزمة ثقة» مختلف    خالد جلال ينعى زوجة الموسيقار الراحل سيد مكاوي    رئيس «التأمين الصحي» للمرضى: استمرارية ضمان الجودة ومتابعة الخدمات المقدمة من الركائز الأساسية    زيادتها عن هذا المعدل خطر.. نصائح لتقليل الغازات وتفادي الانتفاخ    استجابة لطلاب الثانوية الأزهرية.. قرار هام من مكتب التنسيق حول القبول بالمعاهد العليا    أتلتيكو مدريد يحقق أول انتصاراته في الدوري الإسباني أمام فياريال    هشام جمال يحتفل بخطوبة صديقه.. وليلى زاهر تخطف الأنظار بإطلالة أنيقة    مغارة جبل الطير بالمنيا.. هنا اختبأ السيد المسيح والسيدة مريم العذراء    انطلاق الدورة التاسعة ل "مؤتمر قصيدة النثر" بنقابة الصحفيين في هذا الموعد    حدث بالفن| أزمة كنزي مدبولي بسبب حقنة فيلر وتعليق وفاء عامر بعد الحكم بحبس "بنت مبارك"    د.حماد عبدالله يكتب: حينما نصف شخص بأنه "شيطان" !!    ما حكم صلاة تحية المسجد أثناء وبعد إقامة الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    متى تُصلّى صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة التعليم: قرب انتهاء مدرسة روض الفرج المصرية اليابانية..صور    رغم إنفاق ملياري جنيه على تطويره .. مدبولي." سمسار السيسي يتفقد مطار سفنكس لطرحه للبيع !    مستشفى فايد التخصصي يجرى 6500 جراحة نساء وتوليد تحت مظلة التأمين الصحي الشامل    القومي لحقوق الإنسان والشبكة الأفريقية يعقدان لقاء تشاوريا لتعزيز التعاون    أرملة إبراهيم شيكا تكشف عن تفاصيل جديدة في رحلة مرضه    تعاون بين «الري» والمحافظات لمواجهة التعديات على المجارى المائية    محطة العائلة المقدسة.. دير العذراء ببياض العرب يتحول لمقصد سياحي عالمي ببني سويف    القطار ال15 لعودة السودانيين الطوعية ينقل موظفي الطيران المدنى تمهيدًا لتشغيل مطار الخرطوم    ما حكم صلاة تحية المسجد بعد إقامة الصلاة؟.. أمين الفتوى يجيب    شارك صحافة من وإلى المواطن    خالد عبدالقادر مستشار وزير العمل للسلامة والصحة المهنية ل«المصري اليوم»: توقيع عقوبات مغلظة على المنشآت المخالفة    مين فين؟    «كاب وكارت دعوة».. أبرز تقاليع حفلات التخرج 2025    مواصفات «اللانش بوكس» الصحي.. خبير تغذية يحذر من «البانيه»    مدارس التمريض بالفيوم تفتح أبوابها ل298 طالبًا مع بدء الدراسة    الخارجية: أولوية الوزارة الحفاظ على مصالح المصريين في الخارج    هل هناك ترادف فى القرآن الكريم؟ .. الشيخ خالد الجندي يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يضل المرشح للرئاسة الأمريكية الطريق
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 12 - 2011

معروف أن المرشحين فى الانتخابات الأمريكية، سواء كانت هذه الانتخابات نيابية أم رئاسية، يبذلون أقصى الجهد من أجل الحصول على أصوات الجالية اليهودية، وتبرعاتها المالية لدعم حملاتهم الانتخابية. وفى سبيل تحقيق ذلك يتنافسون على إظهار التأييد للدولة العبرية وسياستها، ويتسابقون على تقديم الوعود والتعهدات المسبقة إليها. وفى سياق التزلف المبتذل إلى الجالية اليهودية، خرج علينا أحد مرشحى الحزب الجمهورى لمنصب الرئاسة الأمريكية المقبلة، وهو نويت جينجريتش، فى مقابلة على إحدى القنوات التليفزيونية اليهودية وفى مناظرة لاحقة، بثلاثة اكتشافات سياسية دفعة واحدة، أعتقد أنها كانت غائبة على الجميع. الاكتشاف الأول هو أنه لم يكن هناك فى السابق دولة فلسطينية، إذ إن فلسطين كانت جزءا من الإمبراطورية العثمانية. أما اكتشافه الثانى فكان تأكيده أن الشعب الفلسطينى قد تم اختراعه اختراعا!. أما الثالث فكان اعتباره الفلسطينيين مجموعة من الإرهابيين لا أكثر ولا أقل!.

جينجريتش هذا معروف بمواقفه المتعصبة والعنصرية ضد الأقليات وضد المرأة، غير إن ما قاله آنفا فى حق الفلسطينيين قد تجاوز كل حد، فضلا عما احتوته التصريحات من أكاذيب وأخطاء تاريخية.

نعلم بالطبع أن فلسطين لم تكن دولة فى تلك الفترة التاريخية التى يتحدث عنها، كذلك الحال بالقطع بالنسبة لإسرائيل، بل والحال نفسه ينطبق على أكثر من 140 دولة لم تكن تتمتع بالاستقلال فى ذلك الوقت. فقد بدأت عصبة الأمم عام 1920 وفى عضويتها 42 دولة فقط، كما بدأت الأمم المتحدة بعضوية 51 دولة عام 1945، أما الآن فإن منظمة الأمم المتحدة تضم فى عضويتها 196 دولة. لكن بالرغم من أن فلسطين لم تكن دولة فى عصر الخلافة العثمانية، إلا أنه من الثابت تاريخيا أن أرض كنعان الجنوبية قد حملت اسم «فلسطين» منذ أكثر من ألفى عام. وإذا نحن قفزنا زمنيا منذ ذلك التاريخ السحيق إلى التاريخ المعاصر، لوجدنا أن اسم فلسطين كان حاضرا تماما فى كل المواثيق والمقررات. فالمؤتمر اليهودى الأول الذى عقد فى بازل عام 1897 أكد على أن هدف الصهيونية هو السعى لإقامة وطن لليهود فى «فلسطين»، كما ورد فى منطوق قراره. كما نص وعد بلفور المشئوم لعام 1917 على الأمر نفسه، بإعلان تأييد حكومة جلالة الملك لإقامة وطن قومى للشعب اليهودى فى «فلسطين». وقررت عصبة الأمم عام 1922 وضع «فلسطين» تحت الانتداب البريطانى. ينطبق الأمر نفسه على قرار الأمم المتحدة رقم 181 فى نوفمبر 1947 (المعروف بقرار التقسيم) حيث رسم مستقبل الحكم فى «فلسطين». بل واستندت إسرائيل فى إعلان قيامها فى 14 مايو 1948 على كل القرارات السابقة. الغريب أن جينجريتش، الذى تعاطى مع مادة التاريخ فى جامعة وست جورجيا فى وقت من الأوقات، قد أغفل كل هذه الحقائق التاريخية فى تملقه المفضوح للجالية اليهودية ولإسرائيل.

***

نأتى الآن إلى ما قاله المرشح الجمهورى عن «اختراع» الشعب الفلسطينى. هذا بالضبط ما قالته جولدا مائير منذ أكثر من نصف قرن عندما أعلنت بكل تبجّح إنه لا يوجد شىء يمكن أن يطلق عليه فلسطين أو شعب فلسطين. سقط هذا الادعاء بالطبع بتوقيع إسرائيل على اتفاقية أوسلو فى سبتمبر 1993. والحقيقة التاريخية الثابتة هى أن الفلسطينيين ينحدرون من نسل الكنعانيين والفلسطينيين (Philistines) الذين عاشوا فى هذه المنطقة، وبشكل مستمر ومتصل، منذ فجر التاريخ، وقبل أن تطأ أقدام العبرانيين أرض بلادهم، وأيضا من قبل الفتح الإسلامى لفلسطين بطبيعة الحال. إذن هذا الاختراع موجود فقط فى عقل سقيم.


كنا نحسب أن صفه الإرهاب قد سقطت من القاموس السياسى منذ وقت بعيد عندما نتحدث عن الشعب الفلسطينى أو قياداته. فالرئيس الأمريكى رونالد ريجان وافق فى عام 1988 على الدخول فى حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية، وشارك الفلسطينيون فى مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، والمفاوضات التى انبثقت عنه، وكان الرئيس جورج بوش الأب أول رئيس أمريكى يدعو إلى قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل وذلك عام 2002، كما استقبل الرؤساء الأمريكيون، الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء، الرئيس الراحل ياسر عرفات، ثم الرئيس محمود عباس، بالبيت الأبيض منذ تسعينيات القرن الماضى. أضف إلى ذلك أن المتحدة قد قامت برعاية المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى فى وآى ريفر، وفى كامب ديفيد، وفى أنابوليس وغيرها. أما الرئيس الأمريكى كلينتون فكان أول رئيس أمريكى يزور أراضى السلطة الفلسطينية وذلك فى ديسمبر 1998، وتحدث أمام المجلس الوطنى الفلسطينى فى غزة، مشيدا بالتعديلات التى أدخلت على الميثاق الوطنى الفلسطينى خدمة للسلام والتعايش المشترك. فهل بعد ذلك كله يعود جينجريتش فيلصق بالفلسطينيين تهمه الإرهاب؟

***

لا أريد أن أتصور المرشح الجمهورى المذكور وقد احتل مكانه فى البيت الأبيض مع مطلع عام 2013، ومع ذلك فمن يدرى ما سيحدث على الساحة الأمريكية على امتداد العام القادم. والواقع أن تجاربنا مع الرؤساء الأمريكيين، ديمقراطيين وجمهوريين، لم تسر على نمط واحد وتفاوتت مواقفهم ودرجات صمودهم أمام الضغوط الصهيونية. تجربتنا مع الرئيس باراك أوباما جاءت مخيبة تماما لكل الآمال، وبدأ الخط البيانى للعلاقات الأمريكية العربية فى الانحدار بشدة بعد خطابه التاريخى فى جامعة القاهرة فى 4 يوليو 2009. لم يستطع الرئيس الأمريكى الصمود أمام اللوبى الإسرائيلى، وفشل فى حمل نتنياهو على وقف الاستيطان، بل وقفت أمريكا بمفردها فى مجلس الأمن فى فبراير من العام الحالى ضد مشروع قرار يدين الاستيطان، مستخدمة حق الفيتو. أقول بمفردها لأن باقى دول المجلس، ومن بينهم بريطانيا وفرنسا صوتت فى صالح القرار. رفض نتنياهو كل ما طرحه أوباما من مبادئ عادلة لتسوية النزاع، وجاء خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلى أمام الكونجرس الأمريكى فى مايو الماضى بمثابة تحد سافر لرئيس البلاد. ووقف إدارة أوباما من ناحية أخرى ضد محاولات السلطة الفلسطينية الحصول على عضوية فلسطين للأمم المتحدة، واستخدمت فى ذلك كل وسائل الضغط وربما الابتزاز. لكن لم تفلح الولايات المتحدة فى منع فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة فى اليونسكو، لكنها لجأت إلى إيقاف مساهمتها فى ميزانية المنظمة مضحية بمصالحها إرضاء لإسرائيل!


ومادمنا نتحدث عن مواقف الرؤساء الأمريكيين من إسرائيل، فلابد أن أشير هنا إلى موقف يتناقض تماما موقف أوباما السابق، وهو الموقف الصلب الذى تبناه الرئيس الأمريكى الجمهورى رونالد ريجان تجاه إسرائيل. قيل ان ريجان كان صديقا لإسرائيل، غير أن هذا لم يمنعه من إدانة إسرائيل عندما هاجمت المفاعل النووى العراقى عام 1981، حيث أيد قرارا بإدانتها من قبل مجلس الأمن، وطالبها بدفع تعويضات إلى العراق، كما فرض حظرا على إمدادها إسرائيل بطائرات F16. علينا أن نتذكر أيضا أن ريجان قام بتجميد اتفاق التعاون الإسرائيلى مع إسرائيل عندما قامت الأخيرة بالإعلان عن ضم الجولان عام 1981. وفى نفس العام أيضا تمكن من التغلب على معارضة الكونجرس إمداد السعودية بطائرات الأواكس، وقال حينئذ إنه ليس من صلاحية دولة أجنبية أن تملى الولايات المتحدة سياستها الخارجية. وفوق ذلك أعلن ريجان عن مبادرة مهمة عام 1982 لتسوية النزاع العربى الإسرائيلى، جاءت أكثر إيجابية تجاه المطالب العربية مما نصت عليه اتفاقية كامب ديفيد عام 1978.


تعثر المرشح الجمهورى الجديد حتى قبل أن يخطو خطوته الأولى فى مسيرته نحو البيت الأبيض، ذلك أن استطاع بالفعل هزيمة رئيس هو فى سدة الحكم. وأيا كان الأمر فإننا بحاجة إلى إعادة تقييم الأمور وتحديد ما يمكن عمله فى الفترة القادمة. لا أعتقد أنه علينا أن نتقبل صاغرين أربع سنوات عجاف أخرى تعكس نفس المواقف المتخاذلة التى تبناها أوباما فى فترة رئاسته الأولى، كما لا يمكن نقبل قيام رئيس جمهورى بمحو كل سبق ليعود بنا إلى نقطة الصفر.

***

خلال عام واحد تغير الكثير فى عالمنا العربى، وأصبح للشعوب الكلمة العليا فى تقرير مستقبلها. الأمر الذى سيعمل الجميع له ألف حساب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.