عندما تتولى جيل أبرامسن منصب رئيس التحرير التنفيذى الجديد نهاية الصيف الحالى، تكون صحيفة نيويورك تايمز تغيرت كثيرا عما كانت عليه عندما انضمت إلى هيئة تحريرها قبل 14 عاما. فقد تطور انتقال الصحيفة من مطبوعة إلى صحيفة رقمية بوتيرة سريعة على نحو لافت، وفى الشهور القليلة الماضية صارت تمثل تكاملا تاما بين أسلوب الطباعة وبين العمل الإلكترونى الخالص. وفى حين كان موقع الجريدة الإلكترونى فى السابق يجهز عبر عملية «أخبار مستمرة» منفصلة وتابعة للجريدة، صار يديره الآن نفس الأشخاص الذين يديرون النسخة المطبوعة. تقليديا، كان الشخص الذى يحمل لقب «محرر الأخبار» فى الصحف، ويتحكم فى المحتوى النهائى للصفحات المطبوعة، يمارس سلطاته غالبا فى وقت متأخر من الليل، بعد عودة كبار المحررين إلى بيوتهم بوقت طويل. والآن يظل محررو الأخبار يقودون العمل طوال النهار وحتى وقت متأخر للغاية من الليل يوجهون المحتوى إلى الصفحات الرقمية، والمطبوعة اليومية أيضا. وجاء هذا النظام المتكامل، فى جانب منه على الأقل، نتيجة دراسة استغرقت عدة شهور من السيدة أبرامسن فى العام الماضى. ومن الجيد أنها استغرقت الوقت فى تهيئة نفسها بهذه الطريقة، لمهام مدير التحرير التنفيذى، التى ستتولاها أوائل سبتمبر. وأنا أتمنى لها ولزملائها التوفيق فى مواجهة التحديات الهائلة التى تواجهها الصحيفة فى هذه الفترة المضطربة. وأتمنى أن يضعوا فى الحسبان أمرا معينا بالتحديد: تقرير الأخبار اليومى يتطور بسرعة، مثله مثل غرفة الأخبار نفسها، وسوف تستفيد الجريدة من وضع معايير واضحة لكيفية معالجة الأخطاء والتغييرات فى العالم الرقمى سريع الوتيرة. وغالبا ما يتم تحديث الأخبار الرقمية، بعكس الصحيفة المطبوعة، طوال النهار والليل، ومرات عديدة أحيانا. وتتطور الإصدارات وأحيانا تتحول إلى شىء مختلف تماما. تقع الأخطاء ويتم تصويبها. ويمكن أن تكون المتابعة والإدارة هذه أمر مربك للغاية فى الجريدة. فعلى سبيل المثال، فى الأيام التى تلت انتشار خبر إنجاب أرنولد شوارزينجر طفلا من خادمة الأسرة قبل أن يصبح حاكما لولاية كاليفورنيا، نشرت الجريدة مقالا عن الخادمة ووصف الحى الذى تسكن فيه فى باكرزفيلد، وشكا بعض القراء من أن هذا تدخلا فى خصوصيتها. ولن تجد ذلك المقال على موقع الجريدة الإلكترونى الآن، لأن موضوعا مختلفا تماما كتبه مراسل مختلف، من زاوية مختلفة، حل محل الموضوع الأول على الموقع الإلكترونى، وظهر فى الصحيفة الورقية فى نهاية المطاف. وفى الوقت نفسه، ظهر المقال الأصلى فى أماكن أخرى، بما فى ذلك الصفحة الأولى من صحيفة «ذى برس ديموكرات» التى تصدر فى سانتا روزا بكاليفورنيا، وتملكها شركة نيويورك تايمز. ومازال من الممكن العثور على الموضوع على موقع تلك الصحيفة. وظهر مثال مختلف فى صفحة الافتتاحية، فبعد نشر خبر مقتل أسامة بن لادن كتب روس دوثات عمودا عن فشل بن لادن فى توجيه ضربات أخرى للولايات المتحدة بعد 9/11، وكان قد كتب بالفعل عمودا لذلك اليوم عن ليبيا، ظهر على الموقع الإلكترونى، ومثلما حدث فى الموضوع الأصلى حول خادمة شوارزنيجر، تمت إزاحته وإحلال موضوع بن لادن محله. ويمثل الأمر مشكلة عندما يختفى المحتوى. كما يمكن أن يكون مشكلة أيضا بصورة مختلفة تغيير المحتوى بمهارة أكبر مع تطور القصة خلال اليوم. وهناك مثال حديث يتعلق بتغطية الصحيفة فى الثانى من يونيو لتغيير السيدة أبرامسن. حيث تضمنت نسخة مبكرة من المقال هذه العبارة المقتبسة من كلامها: «عندما كنت أشب عن الطوق، كانت نيويورك تايمز كالدين، إذا قالت الجريدة شيئا، فهو الحقيقة». وظهرت النسخ اللاحقة من دون هذا الاقتباس، ورأت مؤسسات اخبارية ومدونات مختلفة فى هذا، حذف لأمر من الممكن أن يسبب مشكلات للجريدة. وردا على ذلك، قالت المتحدثة باسم الصحيفة إن الموضوع تم تحديثه بمادة أحدث من كلام السيدة أبرامسن لهيئة التحرير فى وقت لاحق من اليوم. وأخيرا، هناك مناسبات تتبخر فيها التصويبات، ومن ثم لا يتم التعرف عليها فى العالم الرقمى سريع الزوال، بالإضافة إلى التغييرات التى تؤدى إلى تبخر المعلومات وتترك الناس نهبا للحيرة. وقد أخبرنى فيليب كوربت مساعد مدير التحرير أن الجريدة نشرت تصحيحا على الموقع الإلكترونى لخبر نشر فى الثامن من يناير ذكر فيه خطأ أن جابرييل جيفوردس النائب عن ولاية أريزونا قتل أثناء إطلاق النار فى توكسون. ولم أدرك أبدا أن تصحيحا قد نشر، ولا أستطيع أن أتحقق من ذلك على الموقع، لأن التصحيح لم يعد موجودا. ويفسر السيد كوربت الأمر، بأن الموضوع نفسه كتب فى تغطية نيويورك المبكرة، وفى وقت لاحق حل محله موضوع آخر كتبه مراسل فى توكسون. واستشعرت الصحيفة أن التصحيح القديم لا ينبغى إضافته إلى الموضوع الجديد، على الرغم من أن الموضوع كان هو نفسه، ولم تكن المادة أكثر من مجرد نسخة جديدة خلال تطورات اليوم. وعندما استفسرت من السيدة أبرامسن عن هذه القضايا، أكدت أن معايير نشر التصحيحات فى نيويورك تايمز مشددة فى الموقع الإلكترونى كما هى فى الصحيفة الورقية. «وكتبت لى فى رسالة بالبريد الإلكترونى «سياستنا عندما يحدث خطأ فى نسخة سابقة من خبر، هى الاعتراف بالخطأ، ومن ثم فإن فكرة أن نتستر على أخطائنا أو نخفيها غير صحيحة». وأضافت «وفى الواقع، تكون فرص عدم ملاحظة خطأ خطير فى النيويورك تايمز أو عدم تصحيحه، ضئيلة للغاية فى العالم الإلكترونى». وأحبذ أن تبذل الجريدة جهدا أكبر لتوثيق التغييرات المهمة مثل تلك التى لاحظتها والاحتفاظ بها. فلدى الجريدة سياسة ضد حذف المواد من أرشيفها (باستثناء الحالات النادرة)، على أساس ضرورة الحفاظ على السجل التاريخى. وينبغى أن توضح الصحيفة سياستها بشأن إحلال المواد على الموقع الإلكترونى، التى تبدو حذفا فى الواقع بالنسبة لى، وتوفر للجمهور أرشيفا موثقا بصورة أفضل يشتمل على كل التعديلات والتصحيحات المهمة. ومن الممكن أن يسهل إصدار بيان واضح بهذه السياسة، تفهم القراء لنهج نيويورك تايمز. والآن، لا يمثل تتبع التغييرات أولوية فى الجريدة. وكما أخبرتنى السيدة أبرامسن، أنه ليس من الواقعى الاحتفاظ «بسجل دائم لا يمكن المساس به لكل ما فعلناه». وأدرك أن هناك أولويات أخرى. غير أن توجيه المزيد من الاهتمام لهذه القضية من شأنه أن يحقق فائدتين: الأولى، أن تستطيع الجريدة تقديم المزيد من الشفافية لقرائها، ووقف تراجع الثقة الذى يحدث عندما لا يفهم القراء تغييرات غامضة فى المحتوى. وثانيا: يمكن للجريدة، عبر الاحتفاظ بالمواد المنشورة المهمة بما فى ذلك التصحيحات؛ أن تعزز لدى العاملين فيها أهمية الدقة والمصارحة الكاملة عندما تحدث أخطاء. ومن شأن فرض مجموعة واضحة من المعايير ونشرها، أن يحقق الكثير فى سبيل ضمان أن تستمر فى العصر الرقمى القيم الإخبارية التى اجتازت اختبار الزمن.