تعرف على آخر موعد للتقديم بموقع التنسيق الإلكترونى لتقليل الاغتراب    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة هيئة النيابة الإدارية    مدبولي يكلف المحافظين بسرعة تشكيل لجان لحصر وحدات الإيجار القديم    شريف فتحي: حملة "إحنا مصر" تركز على السلوكيات الإيجابية وأهمية السياحة للاقتصاد والمواطن    فتح باب التسجيل في هاكاثون NeuroNexus للذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء    وزير الري يتابع حالة منظومة الصرف الزراعي وأعمال وأنشطة هيئة الصرف    المجلس الوطني الفلسطيني: إدخال الخيام في غزة «مؤامرة ومقدمة للتهجير»    الجيش اللبناني ينفي خرق قواته الجوية للأجواء السورية    الدوري الإنجليزي.. التشكيل المتوقع لمانشستر يونايتد ضد أرسنال    بث مباشر مباراة منتخب مصر وأيسلندا في بطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عاما    برينتفورد يعلن التعاقد مع دانجو واتارا    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    الأرصاد تحذر: أمطار صيفية ورعدية متفرقة على بعض المناطق اليوم    عاجل| قرار وزاري جديد بشأن عدادات المياه المنزلي والتجاري    أمن قنا يكثف جهوده لضبط مطلقي النيران داخل سوق أبودياب    أحمد سعد يغني مع شقيقة عمرو «أخويا» في حفله بمهرجان مراسي «ليالي مراسي»    136 مجلسا فقهيا لمناقشة خطورة سرقة الكهرباء بمطروح    «يوم أو 2».. هل الشعور بألم العضلات بعد التمرين دليل على شيء مفرح؟    سلامة الغذاء: فحص 504 طلبات تظلم وارد من مختلف الموانئ المصرية في أسبوع    موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للثانوية العامة والكليات المتاحة    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    "E1" المخطط الإسرائيلى لتصفية القضية الفلسطينية    الأونروا :هناك مليون امرأة وفتاة يواجهن التجويع الجماعي إلى جانب العنف والانتهاكات المستمرة في غزة    مدير تعليم القليوبية يكرم أوائل الدبلومات الفنية على مستوى الجمهورية    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل إطلاق نار مع الشرطة بأسيوط    شبكة بريطانية : محمد صلاح لاعب استثنائي وتألقه مع ليفربول فاق كل التوقعات    انهيار والدة وزوجة مدير التصوير تيمور تيمور فى جنازة الراحل    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    وفاة ابن شقيق أروى جودة بعد أيام من إصابته في حادث دراجة نارية    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع الإمارات ويتابع تنفيذ فرع جامعة الإسكندرية بأبوظبي    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    وزير الصناعة والنقل يتفقد معهد التبين للدراسات المعدنية التابع لوزارة الصناعة    930 ألف خدمة طبية بمبادرة 100 يوم صحة في بني سويف    الصحة: 30 مليون خدمة طبية للمواطنين خلال النصف الأول من 2025    مركز تميز إكلينيكي لجراحات القلب.. "السبكي" يطلق مبادرة لاستعادة "العقول المهاجرة"    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    "البحوث الزراعية" ينظم 147 ندوة إرشادية للنهوض بالثروة الحيوانية    محافظ القاهرة يقود حملة لرفع الإشغالات في مدينة معا بحى السلام أول    طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحان مادة اللغة الثانية دور ثان.. فيديو    مرصد الأزهر: تعليم المرأة في الإسلام فريضة شرعية والجماعات المتطرفة تحرمه بقراءات مغلوطة    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    الخارجية الروسية: نأمل أن يكون المرشح المصري المدير العام الجديد لليونسكو    "لا يصلح".. نجم الأهلي السابق يكشف خطأ الزمالك في استخدام ناصر ماهر    يسري جبر: الثبات في طريق الله يكون بالحب والمواظبة والاستعانة بالله    إصلاح الإعلام    الزمالك يعود للتدريبات الاثنين استعدادًا لمواجهة مودرن سبورت    فتنة إسرائيلية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    "يغنيان".. 5 صور لإمام عاشور ومروان عطية في السيارة    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    "زيزر صنع فارق وتريزيجيه لم يقدم المنتظر"..نجم الزمالك السابق يعلق على أداء الأهلي ضد فاركو    نتنياهو: لا اتفاق مع حماس دون إطلاق الأسرى دفعة واحدة ووقف الحرب بشروطنا    هيئة الأركان الإيرانية تحذر الولايات المتحدة وإسرائيل: أي مغامرة جديدة ستقابل برد أعنف وأشد    وكيل صحة سوهاج يصرف مكافأة تميز لطبيب وممرضة بوحدة طب الأسرة بروافع القصير    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    عمرو حسن: وسائل منع الحمل متوفرة فى الوحدات الصحية مجانا وآمنة وفعالة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دستور جديد للإعلام المصرى بعد الثورة
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 03 - 2011

تثير حالة السيولة التى تشهدها الساحة الإعلامية المصرية بعد ثورة 25 يناير الكثير من التساؤلات والمخاوف. فقد أزال نجاح الثورة وإلغاء وزارة الإعلام القيود التى كانت مفروضة على الإعلام الحكومى، كما أدى السقوط المروع لجهاز مباحث أمن الدولة إلى إزالة القيود السرية التى كانت تعانى منها القنوات التليفزيونية الخاصة منذ ظهورها فى السنوات الخمس الأخيرة.على الرغم من مساحات النقاش التى كانت تبدو واسعة وحرة على الشاشات الخاصة، لم يكن خافيا على أحد لاسيما المختصين، أن لكل قناة خاصة سقفا ما يرتفع وينخفض بحسبب عدد من العوامل منها شخصية مالك القناة وعلاقته بالنظام شدا وجذبا، ومنها طبيعة القضية محل النقاش. إذ كانت هناك بعض القضايا التى تساوت فيها مساحات الحرية الممنوحة للإعلام الخاص مع نظيره الحكومى بسبب حساسيتها من وجهة نظر الجهات «الأمنية والسيادية» التى لم تقطع يوما اتصالاتها بصناع الإعلام الخاص ولو عبر الحوار والإقناع فى أحسن الأحوال.
الإعلاميون المصريون يقفون اليوم أمام واقع جديد، وكأنهم استيقظوا ذات صباح ليجدوا أن استديوهاتهم صارت فى عراء سياسى لا سقوف له ولا جدران. هذه المفاجأة التى كانت بلا شك سارة لكثيرين منهم وضعتهم جميعا فى اختيار آمل ألا يصل إلى حد المأزق.
فالإعلام الحكومى الذى لم يزل مستقبله غير واصح، خطا خطوات واسعة على طريق «المهنية» عبر تغطية إخبارية موضوعية لما يجرى فى مصر. وأصبحت نشرات أخبار التليفزيون المصرى أكثر جذبا وأشمل فى تغطيتها ليس فقط للشأن المصرى بل وحتى للشأن العربى. فيمكنك أن تفهم ما يجرى فى ليبيا أو اليمن عبر هذه النشرات لأن منتجيها من صحفيين ومحررين لم تصلهم تعليمات توضح لهم «الخط السياسى المصرى» من هذه الأزمات، وبالتالى تمكنوا من استعراض الأحداث بمهنية ظلت مكبوتة لعقود.
لكن بعيدا عن نشرات الأخبار، بدت الحوارات التى تُدار على شاشة التليفزيون المصرى وكأنها تبحث عن سيد جديد. فأطلت على استحياء شبهة انحياز لرغبات القائمين على أمر حكم مصر حاليا فى قضايا مثل وقف التظاهرات الفئوية، والترحيب بعودة الشرطة إلى الشارع، وكذلك فى إقرار التعديلات الدستورية.
السؤال هنا هل تدخل المجلس العسكرى بشكل أو آخر لتمرير هذه الرغبة وهو ما أشك أنه حدث؟ أم أن صناع القرار فى ماسبيرو تعاطفوا مع رغبات الحاكم الجديد وكأنهم غير قادرين على العيش فى فضاء لا يقيد حركتهم فيه حاكم أو سلطة؟ هل لا يزال الإعلام الحكومى يفترض أن دوره فى ال«إعلام» يمتد ليشمل تحبيذ مواقف الحكم، وأن كل ما جرى من تغيير بعد الثورة هو فقط الانتقال من فرض هذه المواقف عبر الأكاذيب والحقائق الملفقة إلى الترويج لها عبر الإقناع والترغيب؟ وأن السماح بإبداء الرأى والرأى الآخر يكفى لتبرئة ساحة الإعلام الحكومى حتى لو مالت الكفة قليلا لرأى السلطة الحاكمة؟
وإذا كان على الإعلام الحكومى أن ينفى شبهة البحث عن «سيد جديد»، فإن على الإعلام الخاص أن يتعايش مع واقع يغيب فيه التهديد المبطن وأحيانا السافر لأجهزة النظام.
فكثيرا ما اكتسب الإعلام الخاص صدقيته من مجرد تحديه لسطوة النظام وظهوره بمظهر المناضل من أجل حرية الرأى «رغم القيود المعروفة للجميع»! فكان السماح لبعض الأصوات المعارضة بالظهور بين الحين والآخر إنجازا إعلاميا كافيا أيا كانت طريقة إدارة الحوار مع هذه الأصوات.
وبغض النظر عن مهنية وشمولية تغطية الإعلام الخاص للشأن المصرى خلال مرحلة ما قبل الثورة، فقد مارس هذا الإعلام تأثيرا هائلا فى صياغة العقل الجمعى لملايين المصريين باستعراضه الأحداث التى تشهدها البلاد بدقة عبر كاميراته المنتشرة أو عبر اتصالات هاتفية مع صحفيين ومراسلين فى ربوع الجمهورية. وظل يخلق عبر هذه التغطية الخبرية موضوعات للنقاش شغلت المصريين واحتلت مساحات من جلساتهم الخاصة وتجمعاتهم الاجتماعية. بيد أن تداول أنباء مثل تصادم حافلة حكومية بسيارة خاصة على طريق الموت بالصعيد أو خروج قطار عن سكته أو حريق بأحد المصانع.. ظل يرسخ قناعة عامة لم تكن محلا للخلاف وهى أن مصر يحكمها نظام فاسد لا يأبه بحياة المواطنين ورفاهيتهم. ولم تكن التغطيات الخبرية أو الحوارات حتى «الجريئة» منها تتعدى حدود ترسيخ هذه القناعة أكثر وربما ترسيخ حالة من الإحباط العام بأن الفساد وسوء الإدارة بلغا مبلغا غير مسبوق.
لا أستطيع أن أنكر هنا أن حالة الإحباط العام هذه ربما ساهمت بشكل كبير فى زرع بذور الثورة الشعبية، لكن لا يمكن بأى حال التسليم بأن دور الإعلام يقتصر فقط على «إحباط» الجمهور من أجل تحريكه، فلا يمكن إغفال دور محاسبة من هم فى السلطة على الأخطاء التى أدت إلى تردى الأوضاع. وعلى الرغم من أن حالات من المحاسبة جرت بالفعل، فإنها كانت انتقائية ولم يتعرض للمحاسبة على شاشات الإعلام الخاص سوى حفنة من المسئولين المغضوب عليهم أو أولئك الذين استبيحوا من أجل تهدئة خواطر المواطنين مثلما جرى مع وزير التعليم السابق أكثر من مرة.
الآن وبعد ما سقطت سطوة النظام، أخشى أن تكون قد سقطت معها سياسة جذب الجمهور عبر معارضة النظام. فكيف يجذب الإعلام الخاص اليوم مشاهديه؟ وأى نظام من أجل حرية الرأى يمكن أن يخوضه الإعلاميون فى فضاء أضحت حرية التعبير فيه أمر مباحا؟
لقد كشفت تغطية ما قبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة خللا لدى الإعلام الخاص الذى ظن متابعوه أن أغلبية المصريين يعارضون هذه التعديلات. وكان مصدر هذه المظنة أن الأصوات المعارضة للتعديلات كانت أكثر «تليفزيونية» من حيث حدة الرأى وفصاحة المنطق والشهرة. ورغم أن مؤيدى التعديلات أخذوا نصيبهم على موائد الحوار فى القنوات الخاصة، فإن منطق أداء الواجب هو الذى حكم هذا التوازن، خاصة وأن مالكى قناتين خاصتين على الأقل لم يخفيا معارضتهما لهذه التعديلات التى حظيت فى نهاية الأمر بقبول أغلبية المصريين.
لقد آن أوان صياغة «دستور جديد» يحكم الإعلام المصرى بشقيه العام والخاص. دستور ينقلنا من مرحلة البحث عن سيد يحكم الإعلام الحكومى، أو البحث عن عدو يعارضه مناضلو الإعلام الخاص، إلى مرحلة تقديم خدمة خبرية وحوارية شاملة تهدف فقط إلى نقل الأخبار بشكل مجرد ثم فتح مجال عام لسبر كل ما يعتمل داخل المجتمع من آراء.
مرحلة نتخلص فيها من الانتقالية فى نقل أحداث تنجح فقط فى جذب انتباه المشاهدين من دون أن تنقلهم خطوة واحدة من أريكة المشاهد الضيقة إلى ساحة المواطن الرحبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.