منذ وصوله إلى 10 دوانينج ستريت (مقر رئيس الحكومة البريطانى) ارتبط اسم تونى بلير، رئيس الوزراء الأسبق، بصناعة النفط، فهو المشارك الأول مع الرئيس الأمريكى السابق، جورج بوش، فى غزو العراق، وصاحب مبادرة «إعادة إدماج» نظام العقيد الليبى الراحل، معمر القذافى، فى المجتمع الدولى، والآن أصبح مستشارا لرئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، إضافة لوجوده الدائم فى آسيا الوسطى البترولية ودول الخليج العربى. فقد بدأت «مبادرة إفريقيا للحكم الرشيد»، التى يرأسها بلير، عملها فى جوبا، عاصمة الجنوب، كهيئة استشارية لسيلفاكير، بحسب صحيفة «ديلى تليجراف» البريطانية. ويتركز عمل «المبادرة» فى جنوب السودان، وفقا لموقعها الإلكترونى، على «تعزيز قدرة المؤسسات الجديدة، لتكون أكثر قدرة على قيادة التنمية» فى البلد المستقل عن السودان فى 9 يوليو 2011، والذى يعد الأفقر فى العالم.
ويعتمد نوب السودان على النفط بنسبة 98%، وهو مهدد بالإفلاس، حيث ستنفد احتياطياته النقدية بحلول أكتوبر المقبل، إثر قرار جوبا وقف تصدير بترولها فى فبراير الماضى، على خلفية صراعها مع السودان.
ويعانى الجنوب من كافة مشاكل الدول الأفريقية، إضافة للفساد المستشرى، حيث وجه رئيس الدولة «رسالة» إلى 75 من كبار رجال الدولة، يتهمهم فيها بسرقة 2.6 مليار دولار من الأموال العامة، ويطالبهم بإعادتها وهو ما لم يحدث.
ولمؤسسة «المبادرة» أربعة مكاتب فى أفريقيا، لتقديم «استشارات رئاسية» فى سيراليون ورواندا وليبيريا وغينيا، إذ تضم القارة ست من أكثر 10 دول نموا بالعالم، إضافة لمكتب «استشارات» خاص، له فرعان الأول فى كازاخستان، الذى ربح منها 8.5 مليون جنيه استرلينى، والثانى فى الكويت، وهما دولتان نفطيتان. وتقدر «فاينانشيال تايمز» دخل بلير من «الاستشارات» بحوالى 20 مليون جنيه استرلينى سنويا.
وبجانب هذا، فهو مبعوث اللجنة الرباعية الدولية للسلام، مما يخلق «تضارب مصالح» واضح، بين عمله الاستشارى والسياسى. ولتجميل وجه بلير، الذى يتقاضى حوالى 200 ألف استرلينى فى المحاضرة، أنشأ «المؤمن الكاثوليكى حاليا والبروتستانتى الإنجليكانى سابقا» مؤسسة «تونى بلير الإيمانية»، ل«تعزيز التفاهم والاحترام بين الأديان الكبرى، وإظهار أن الإيمان قوة للخير فى العصر الحديث». ومعروف، أن بلير غيّر مذهبه الدينى ليتوافق مع زوجته المحامية شيرى.
وخلال العامين الماضيين، تنقل بلير حول العالم فى 118 رحلة، منها 11 إلى الصين وحدها، التى صار له علاقات خاصة جدا مع مسئولى صندوقها السيادى البالغ رأسماله 265 مليار إسترلينى.
ويعلق على كثرة رحلاته، التى كانت بعضها على متن طائرة رئيس رواندا، بول كاجيمى، بأنها زادته «نضجا»، لذا يأمل أن يعود لرئاسة الحكومة، ليتدارك الأخطاء التى ارتكبها. وفى الأسبوع الماضى، عنونت «جارديان» تقريرها حول بلير بأن «الملك يعود ليخلق التوافق بين أبناء قبيلته»، فى إشارة لحزب العمال.