سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الاقتصادى القادم لرئاسة الحكومة.. لن يكون بالضرورة المنقذ أحد المرشحين لرئاسة الوزراء: أهم الخبراء الاقتصاديين لن يقدروا على حل الأزمة الاقتصادية بدون وضوح الرؤية السياسية
«الخبرة الاقتصادية» كانت العنصر المشترك بين كافة أسماء المرشحين لرئاسة الحكومة الذين تردد أن رئيس الجمهورية يتطلع إلى اختيار واحد منهم، وهو ما يتم تفسيره بأن «الوضع الاقتصادى الحرج بعد أكثر من عام ونصف العام من الثورة يفرض هذا الأمر»، الا أن بعض خبراء الاقتصاد انفسهم لا يتفقون حول ما اذا كان رئيس الحكومة الاقتصادى قد يتمكن من وضع الاقتصاد على المسار الصحيح. تعد حقبة الانفتاح الاقتصادى بداية لظهور قوى لرؤساء حكومة من الخلفيات الاقتصادية، فعلى الرغم من التحولات الاقتصادية الكبيرة التى شهدتها مصر خلال الحقبة الناصرية الا ان رئاسة الحكومة كانت فى أغلب الاحيان منحصرة فى شخصيات تنتمى للمؤسسة العسكرية أو الأجهزة السيادية، فيما وصل إلى رئاسة الحكومة خلال الحقبة الساداتية شخصيات مثل عزيز صدقى، الحاصل على دكتوراه فى التخطيط الإقليمى والتصنيع بجامعة هارفارد، وعبدالعزيز حجازى، الحاصل على دكتواره فى التجارة من جامعة برمنجهام.
وفى حقبة الرئيس السابق كانت تجربة حكومة عاطف صدقى هى الأبرز فى الاعتماد على اقتصادى فى رئاسة الوزارة، نظرا لاستمراره لنحو 10 سنوات فى منصبه، وان لم تكن التجربة الوحيدة فى هذا العهد، حيث كانت الحكومة لنحو عشرين عاما تحت رئاسة اقتصاديين، مثل على لطفى وعاطف عبيد وكمال الجنزورى، وهى السنوات التى فى أغلبها لم يتحقق بها نمو اقتصادى مرتفع واتسمت بزيادة معدلات التضخم مع تطبيق سياسات التحرير الاقتصادى.
«ما نراه الآن هو امتداد لسياسات مبارك فى استدعاء اقتصادى من التكنوقراط ينفذ السياسات الدولة العليا للدولة ويتحمل النقد الموجه للسياسات الاقتصادية بدلا من الرئيس» برأى سامر سليمان، استاذ الاقتصاد السياسى بالجامعة الامريكية، معتبرا أن رئيس الوزراء السياسى سيكون أقدر على ضبط الوضع الاقتصادى من التكنوقراط، «السياسى أقدر على مخاطبة الرأى العام لكسب التأييد الشعبى لسياساته، وأقدر على الوصول لتسويات وحلول وسط مع القوى الاجتماعية المختلفة، وهذا ما تحتاجه مصر فى ظل ظروف ما بعد الثورة».
ولا تقتصر وجهة النظر السابقة على الخبراء، بل أن احد المرشحين لرئاسة الحكومة اتفق مع الرأى السابق حول أن حل أزمة الاقتصاد الحالية تكمن فى السياسة، حيث قال المرشح، الذى طلب عدم ذكر اسمه، ل«الشروق»، «ليس معنى أن الشخص بيفهم اقتصاد أنه قادر على مواجهة الأزمات الاقتصادية فى وقت تعانى فيه البلاد من عدم استقرار سياسى»، مؤكدا أنه «إذا جلبت الحكومة أكبر خبراء اقتصاديين فى العالم، فلن يقدروا على حل المشكلة الاقتصادية لمصر، فبدون رجوع الأمن والاستقرار إلى الشارع، ووضوح الرؤية السياسية فلن تتعدل أحوال البلاد الاقتصادية».
الفرق بين المصرفى والاقتصادى
وبينما تختلف خبرات الاقتصاديين الذين ترددت اسماؤهم، بين من أتى من خبرات مصرفية كفاروق العقدة، محافظ البنك المركزى، ومحمود أبوالعيون، المحافظ السابق للمركزى، وهشام رامز، نائب محافظ البنك السابق، وبين خبرات تجمع بين العمل المصرفى والاكاديمى كحازم الببلاوى، ثانى نائب رئيس وزراء بعد الثورة، فإن «العامل المشترك بين تلك الأسماء هو تبنيهم للتوجه الاقتصادى الذى يتسم بطابع نيوليبرالى، والذى قد ينجح فى تنشيط النمو الاقتصادى ولكنه لن يحل المشكلة التى قامت الثورة من أجلها وهى عدم عدالة توزيع النمو» برأى نادية رمسيس، استاذة الاقتصاد السياسى بالجامعة الأمريكية.
ومع ذلك يرى البعض أنه سيكون هناك اختلاف كبير فى الرؤية الاقتصادية بين الاقتصادى الذى أتى من خلفية مصرفية والخبير فى الاقتصاد الكلى «قد تتركز اهتمامات المصرفى، بحكم خبراته المهنية على ضبط الوضع المالى من خلال التقشف وهو أمر مهم فى ظل تراجع الاحتياطات الاجنبية ووصول عجز الموازنة إلى 9.8% من الناتج المحلى الإجمالى، ولكن التقشف قد يؤدى لمزيد من الركود، بينما الاقتصادى الخبير فى الاقتصاد الكلى قد يكون أميل لسياسات لتوسيع الانفاق العام لتنشيط النمو الاقتصادى وتحسين الدخول» برأى الخبير المالى هانى الحسينى.
الا أن الحسينى يشير إلى أن شخصيات مصرفية مثل العقدة أثبتت أن رؤيتها ليست قاصرة على التعاملات النقدية فى القطاع المصرفى «الضوابط التى وضعها العقدة على التمويل العقارى انقذت مصر من ازمة الرهن العقارى فى 2008، وهو ما يدلل على أن الرجل كانت لديه رؤية واضحة حول مستقبل وضع قطاع اقتصادى مثل القطاع العقارى وليس منكبا فقط على العمل المصرفى».
وبصفة عامة تظل قدرة رئيس الحكومة الجديد على تحسين وضع الاقتصاد مرهونة بمدى الصلاحيات الممنوحة له، «وفى ظل غياب الدستور وعدم تحديد حتى صلاحيات الرئيس نفسه سيظل صعبا توقع مستقبل الاقتصاد فى ظل رئيس الوزراء الجديد» برأى رمسيس.