ساهمت أحداث الربيع العربى فى مصر وليبيا فى تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى البلدين، الأمر الذى أدى إلى تراجع إجمالى الاستثمارات الموجهة إلى أفريقيا لنحو 42.7 مليار دولار، وذلك على النقيض لحركة الاستثمارات المباشرة دوليا التى ارتفعت لأول مرة فوق معدلات ما قبل الأزمة المالية العالمية، تبعا لما جاء فى تقرير الاستثمار العالمى لمنظمة الأونكتاد. وكانت الاستثمارات الدولية المباشرة قد نمت فى عام 2011 بنسبة 16% متجاوزة معدلاتها فى الفترة من 2005 2007، مدفوعة بارتفاع أرباح الشركات الدولية ومعدلات النمو الاقتصادى فى الدول النامية، فيما تراجعت اجمالى الاستثمارات الأجنبية المتوجهة إلى مصر فى العام المالى 2010 2011 إلى 2.1 مليار دولار، مقارنة باستثمارات ب6.7 مليار دولار فى العام المالى السابق.
وبينما يعول البرنامج الاقتصادى للرئيس المنتخب، محمد مرسى، المعروف باسم «النهضة»، على الاستثمارات الخاصة فى تمويل العديد من الخدمات العامة، توقع تقرير المنظمة الأممية تباطؤ حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى عام 2012 فى ظل استمرار عدم اليقينية الاقتصادية ومخاطر تراجع النمو فى الأسواق الناشئة، وامكانية استمرار انخفاضه فى العامين التاليين، إذا ما واجه الاستثمار العالمى أزمات اقتصادية محتملة.
«اعتماد برنامج النهضة على الاستثمار الخاص فى تمويل المشروعات العامة سياسة تم اتباعها فى دول شرق ووسط أوروبا بعد انهيار نظمها السلطوية، وكانت سياسة ناجحة نسبيا نظرا إلى أنها تغطى العجز المالى من غير اتباع سياسات تقشفية تصدم تطلعات الشعوب فى مرحلة التحول الديمقراطى، المشكلة أن الظرف الدولى لا يشجع الآن على تدفق تلك الاستثمارات وهو يضع تحديا أمام الرئيس الجديد» برأى عمرو عادلى الخبير الاقتصادى ورئيس وحدة العدالة الاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
ووضعت الأونكتاد سيناريوهات أخرى متفائلة بارتفاع معدلات الاستثمارات المباشرة إلى 1.8 و1.9 تريليون دولار فى عامى 2013 و2014، إلا أنه بصرف النظر عن مستقبل حجم تلك الاستثمارات، فقد اهتمت المنظمة الأممية بالتركيز على الضغوط الاجتماعية المتصاعدة فى الفترة الأخيرة فى العديد من الدول، التى كانت بلدان الربيع العربى من ضمنها، الأمر الذى دعا إلى تبنى ما سمته ب«الجيل الجديد من الاستثمارات»، والذى يحقق النمو الاقتصادى والتنمية فى آن واحد «برنامج النهضة يستهدف فى العديد من بنوده توجيه الاستثمارات الخاصة لأهداف تنموية، ولكن تلك الأهداف وضعتها أيضا العديد من الخطط الخمسية للنظام السابق، التحدى الحقيقى هو القدرة على تحقيق ذلك»، كما يضيف عادلى.